الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السنعوسي: لولا الندم لما كتبت «ساق البامبو»

السنعوسي: لولا الندم لما كتبت «ساق البامبو»
24 ابريل 2013 23:40
جهاد هديب (الاتحاد) - قال الروائي سعود السنعوسي من الكويت الحائزة روايته “ساق البامبو” الجائزة العالمية للرواية العربية، ردا على سؤال اتصل بنقد لاذع للطبقية بأصنافها وبما تشتمل عليه من قيم سلبية وانغلاق والتي تشيع في المجتمعات الخليجية: “نعم، إنني أنتقد فينا الخلل بوصفنا أفرادا وجماعات، إذ نحن منغلقون على أنفسنا، ولا نُدْخٍلُ الآخرَ إلينا، وهذا قادم من إرث شديد التعقيد، ولا أبالغ إنْ قلت أنّ احد المدانين في هذا الأمر هو أنا. ولو أني لا أشعر بالندم تجاه ذلك لما كتبت هذه الرواية لتضج القاعة بالتصفيق. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد في إثر الإعلان عن العنوان الفائز بالدورة السادسة للجائزة العالمية للرواية العربية والذي شارك فيه السنعوسي (31 عاما، الأصغر سنّا من بين أصحاب عناوين الروايات التي سبق أن فازت بالجائزة عبر ست سنوات هي عمر الجائزة ) إلى جوار جوناثان تيلر رئيس مجلس أمناء الجائزة وزكي نسيبة عضو المجلس الذي أدار الحوار مع الصحفيين والدكتور جلال أمين رئيس لجنة التحكيم وفلور مونتارو منسق الجائزة. وكان المؤتمر قد بدأ بكلمة للدكتور جلال أمين أوضح فيها أن ما لفت الاهتمام في “ساق البامبو” هو التناول المختلف للمسألة الطبقية بكل ما تنطوي عليه من قيم وسلوك افراد إلى حدّ يثير عاطفة القارئ إلى حدّ بعيد. ثم قال السنعوسي: “لقد تقمصت الشخصية الرئيسية في الرواية بكل أبعادها ويكل ما لدى “الآخر” الذي أتناوله في الرواية من خزين ثقافي وإنساني وعاطفي، فتابعت الأغاني والصحف والتلفزيونات الفلبينية وترجمت إلى العربية بعضا من إبداعه عن الانجليزية، وقد عشت هذه الحالة على مدى أعوام حتى انني كنت أنظر إليّ بعينيّْ تلك الشخصية، ولذلك تقصّدت أنْ أوجع القارئ، لكني لم أجد حلّا لهذا الذي يوجع، ولم أجد إجابة تفي عن سؤال “من نَحن؟، ومن الآخر؟”. وفي سياق الردّ على سؤال عن ابتعاد “ساق البامبو” عن اللغة الشعرية وقربها من البساطة في “الحكي” المر الذي يميز أغلب النتاج الروائي الخليجي ما رشّحها للفوز، ردّ السنوسي: “أحيانا كانت تشغلني اللغة فأضبط نفسي وقد تورّطت في مجازات وتشبيهات شعرية لكنني كنت أعاود النظر فيها لأنني اميل إلى البساطة” مؤكدا في السياق ذاته ردّا على سؤال قصير انطلق من طرف القاعة بأنه “بالفعل مشاكلنا في الخليج متشابهة وإنْ تفاوتت بهذا الشكل أو بشكل آخر”. أما الدكتور جلال امين فوصف سؤال لـ«الاتحاد» عن لجنة التحكيم وكم هي بمنأى عن الحقل الروائي فهو قادم من حقل الاقتصاد وعلي فرزات قادم من حقل الرسم الكاريكاتوري فيما الآخرون أكاديميون في جامعات غربية بعيدة عن ما حدث منذ التسعينات مثلا في الرواية العربية .. وصف السؤال بالقول بأنه “مركّب”، وأضاف: “فيما يتعلق بالاختصاص، فإن جون ميللر كينز أحد أهم منظري الاقتصاد في القرن العشرين كانت فيرجينيا وولف تعرض عليه ما تكتب قبل نشره وتأخذ رأيه بعين الاعتبار، لذلك فإن الحُكم يأتي على ما يُكتب وليس على التخصص، بالمقابل رفض تي إس إليوت نشر رواية “1984” لجورج أرويل عندما عرضها عليه الناشر فيبر آند فيبر لتصبح عند نشرها لدى دار نشر أخرى من الروايات الهامة”. وأضاف: “ثم لم يكن مطلوبا منّا الحكم على الروايات بل أن نختار من بين اكثر من مائة وثلاثين عنوانا واحدا فقط إنما على مراحل، وأخيرا كان علينا ألا نتأثر بشهرة الروائي وتاريخ تجربته، إذ أنه مهما كان الكاتب عظيما فإن من الممكن له ان يكتب رواية أقلّ أهمية من روايات من قبل أو من بعد”. وعودة إلى السنعوسي، فقد قال ردّا على أحد الأسئلة: “الكاتب امتداد لتجربته الخاصة. لذلك أتمنى أن تترك الرواية أثرا ما بحيث ينعكس هذا الأثر على سلوك القارئ نفسه. وانا متفائل بذلك إلى حدٍ ما، ففي السنوات الأخيرة ظهرت في الكويت مجموعات قراءة جديدة وبوعي قرائي جديد لذلك أقول ان من الممكن للرواية ان تترك أثرا ما هنا أو هناك إذ أنه مع توفّر القارئ الجيد يمكن أن يوجد الكاتب الجيد أيضا. وقال أيضا، فيما يتصل بصلة الشخصيات والوقائع بالواقع المعاش: “هناك نماذج كثيرة ومتنوعة من الشخصية الرئيسية وأحداث الرواية في الواقع لكنها ليست ظاهرة اجتماعية لكن لو كانت إشكالية هذه الشخصية ومازقها يخص فردا واحدا فغنها تكون جديرة بتناولها روائيا، وبهذا المعنى فالرواية موجهة لنا نحن بشكل أساسي وتدور حول مأزق الهوية والبحث عن الذات من قبل الفرد والجماعة، أي انها تناقش موضوعا يخصّنا، إنما اجتهدت في وضعها في سياقها الانساني لتكون موجهة للإنسان عموما”. وكانت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة قد عقدت مساء الاثنين في قاعة المركز الثقافي في المسرح الوطني لقاءً إعلامياً مفتوحاً للمرشحين الستة للجائزة العالمية للرواية العربية وهم: سنان أنطون وجنى فواز الحسن، وسعود السنعوسي، ومحمد حسن علوان، وإبراهيم عيسى، حسين الواد، أدارته جمانة حداد وحضره عدد من الإعلاميين والكتاب. وأثيرت في اللقاء جملة من الموضوعات الثقافية المتعلقة بكتابة الرواية وتخييل الواقع، وعلاقة الروائي بالسياسة، والحرية، وغيرها. وفي معرض الإجابة على سؤال عن الكوميديا اعتبر حسين الواد أنها “تعبّر في الرواية المعاصرة عن موقف فلسفي من الواقع، مؤكداً أنه يمكن “اتخاذ الضحك وسيلة لتمرير ما يريد الكاتب التعبير عنه أو توصيله للمتلقي، وقول ما لا يمكن قوله إلا من خلال الضحك”، منوهاً إلى أن في روايته “سعادته السيد الوزير” ظل كثيف يحيل إلى هذا الموضوع”. من جهته، رأى سنان أنطون أن استحضار الكاتب لمعاني التفاؤل والتشاؤم أمر متجاوز، لكنه مع ذلك لا يمكننا أن نتجاوز الواقع بما يطفح به من معاناة وتفاصيل مؤلمة، فالعراق اليوم يوجد فيه مليون أرملة، و4 ملايين يتيم، ومن غير المنطق أن يتم التغافل عن هذه الحقيقة للارتماء في أحضان تفاؤل زائف. وأشار أنطون إلى أن الروائي ليس له وظيفة محددة، وعليه أن يطرق كل الأجناس الأدبية، ويلتقط الصورة من الواقع ليعبّر عنها بطريقته الخاصة، ويتمثلها من منظوره الخاص حسب الرغبات والشخصيات التي يتناولها في الرواية. ورأى إبراهيم عيسى أن الرواية ينبغي أن تخاطب الوجدان قبل العقل، ثم ينتقل تأثيرها من القلب إلى العقل وإلا لكانت مجرد عمل أكاديمي أو بحثي خال من الروح الفنية التي ينبغي أن تنبني عليه. وذهب عيسى إلى أنه مشغول بتقديم الحقيقة أو ما يراه حقيقة كما في روايته “مولانا”، والرواية بمضمونها، تتولى مهمة سوق القارئ أو إنارة وعيه بما يجري حوله في الواقع أو يدور في فلكه. ونبهت جنى فواز الحسن إلى أن مفهوم الكتابة النسوية يحمل شحنة تحقيرية أو إهانة للمرأة، مشيرة إلى أن المرأة في روايتها “أنا، هي والأخريات”، لم تكن مجرد أنثى لكنها كانت الوسيلة الأضعف، التي يمكن أن تستعملها السلطة بشكل أسهل وأسرع، كما كانت المرأة خاضعة في الرواية لعنجهية الرجل وتسلطه. وقالت: أنا لا أكتب للمرأة، وإن كنت لا اعتبر ذلك عيبا لكن تصنيف الأدب النسائي يحمل في طياته نوعا من التنقيص والعيب، وإنما أكتب للإنسان أولا وأخيرا الذي يكمن في المرأة كما يكمن في الرجل ويعاني في داخل كل منهما. واعتبر محمد حسن علوان أن الكاتب يتصدى للمجتمع من خلال ما يسطره من أفكار تناقش قضايا ذلك المجتمع، موضحاً أن روايته “القندس” تتمحور حول مجتمع الرياض من خلال نماذج من بعض العائلات، بيد أن المشكلة تبقى عامة، فالأزمات هي أزمات إنسانية عالمية ولا يمكن حصرها في نطاق ضيق، والتركيز على المحلية لا يعني أن الأزمات التي يستعرضها الكاتب أو يعنى بها محلية أو داخلية فقط. ورأى سعود السنعوسي أن على الكاتب أن ينبري لرصد ما يعايشه في مجتمعه ويستحضره في عمله الإبداعي بعيدا عن المواربة والخداع من أجل اشتراك القارئ والمتابع في ذلك، وهذا ما يفسر، حسب اعتقاده، قسوته الطاغية على روايته “ساق البامبو”، لأنها قسوة تنبع من الحب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©