الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«تعابير صامتة».. إبداعات ضحايا الاتجار بالبشر تتألق في أبوظبي

«تعابير صامتة».. إبداعات ضحايا الاتجار بالبشر تتألق في أبوظبي
7 مايو 2014 01:12
آن ماري ماكوين ينظم مركز « إيواء ضحايا الاتجار بالبشر» في أبوظبي معرض «تعابير صامتة » في دورته الثالثة، يوم الأحد المقبل الساعة السادسة والنصف مساء ، في مقر «توفور 54»، ويستمر المعرض حتى منتصف مايو الجاري. ويقدم الحدث السنوي أعمالاً فنية للنساء اللائي ينتظرن في المأوى إلى أن تفصل المحكمة في قضاياهن. ويهدف المعرض إلى جمع التبرعات ورفع الوعي بشأن الاتجار بالبشر في الدولة، حيث جمع حتى الآن أكثر من 145 ألف درهم، وافتتح مقار له في الشارقة ورأس الخيمة، إضافة إلى مقر للرجال في أبوظبي. وشهدت قاعة الانشطة في مركز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر بأبوظبي الجمعة الماضي نشاطا ملحوظا لمجموعة من الفتيات المراهقات، لوضع لمساتهن على أفضل الرسومات الزيتية، بينما تقوم مجموعة أخرى من الفتيات بتنظيف الخلفيات، وتلوين المناطق الشاردة التي تخطئها الفرشاة. وخلف بوابات الفيلا التي تعتبر مقرا لضحايا الاتجار بالبشر كانت «تينا تيرنر» تغني عبر المذياع، بينما تجمعت ثلاث شابات في العشرينيات وطفلة في الحادية عشرة من عمرها حول منضدة في وسط الغرفة، تكدست عليها عبوات ألوان الرسم والفرش ولفات من الصوف والخيوط. وتشرف على الأنشطة الفنانة التشكيلية المشهورة التي تتخذ من دبي مقراً لها جنيفر سيمون، الحامل في شهرها الثامن. وبرفقة ترشد سيمون المجموعة التي يبدو أفرادها مثل فتيات مراهقات، لوضع لمساتهن المهمة على أفضل الرسومات الزيتية. وتشير سيمون البالغة من العمر 22عاماً وتضع نظارة عصرية ذات إطار أسود سميك إلى فتاة أخرى من جنسيتها بإحدى دول الشرق الاوسط، وترتدي ثياباً خضراء، موجهة خنصرها إلى بعض أشجار النخيل المرسومة على قطعة من القماش المعدة للرسم، داعية إلى استخدام اللون الأخضر الفاتح بدرجة أكبر. وتظهر اللوحة الزيتية أشجار نخيل وسماء زرقاء في الجزء العلوي، وفي الركن الأيمن أسفل اللوحة توجد عين فضولية مترقبة باللوني الأبيض والأسود. وتشرف على المأوى يسرا قدورة، التي تعرف بين الشابات باسم «ماما يسرا»، وتترجم ببراعة بعضاً من تعليمات سيمون إلى اللغة العربية للشابة التي تضع النظارة، وترجمت قدورة قول الفتاة: «كان هذا مرسوماً في ذهني، ولا أعرف أي شيء آخر، لكن ربما من المكان الذي أخذوني منه». وترسم الفتاة الشابة إلى جانب أخريات حضرن إلى مركز إيواء وخرجن منه، وقد بلغ إجمالي عددهن خلال العام الجاري 17 فتاة، لوحات فنية لعرضها في معرض «تعابير صامتة» في نسخته الثالثة الذي تنظمه مراكز «إيواء» لضحايا الاتجار في البشر مساء الأحد المقبل. ونظراً للمخاطر والحساسية المحيطة بهذه الحالات، لايتم الكشف عن هوية الفتيات أو أسمائهن أو دولهن أو صورهن. أعمال سيمون وأصبحت أعمال سيمون ذات الألوان الزاهية والمثيرة للعواطف عنصراً أساسياً في معارض الفنون في أبوظبي ودبي، عندما استقطبتها «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون» في عام 2012. وقضت سيمون ستة أشهر في العمل مع النساء اللائي شاركن في المعارض السابقة، ولكن العام الجاري، اضطلع مركز «إيواء» بتنظيم الحدث بدعم من «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون»، ولم يكن أمامهن سوى ستة أسابيع من العمل الشاق لترتيب وتنسيق كل شيء. وعلى الرغم من ذلك، تم إنتاج أكثر من 90 لوحة زيتية، وسيتم اختيار ما يتراوح بين 35 و40 لوحة منها لعرضها. وقد ساعد سيمون وقدورة أن المجموعة التي أنتجت محتوى الأعمال الفنية لمعرض العام الجاري مكثن في المركز طوال الوقت. وهناك كثير من الطرق المرعبة التي جاءت بها هؤلاء النسوة إلى المركز، واللائي بلغ عددهن 206 منذ افتتاح مركز «إيواء». ويقنعهن غرباء أو أقارب أو أصدقاء وربما أحد أفراد الأسرة بالرحيل من أجل حياة أفضل في الإمارات، ويتم اختطافهن أو بيعهن من دولهن للعمل في البغاء أو السخرة. ولكن هذه المجموعة كانت جزءاً من حالة معقدة جداً، حيث عاشت كأسرة واحدة مع أشخاص كن يعتقدن أنهم مثل والديهم، وقصتهن كبقية قصص الاختطاف التي سردت في هذه القاعة تبدو مروعة، لكنها مضحكة ومبكية في آن واحد. وقد أثبت تعليمهن الإبداع الفني ورسم لوحات يشاهدها الناس، أملاً في شرائها، أن يسهم في مساعدتهن وشفائهن. وتصف قدورة مشاركة سابقة لإمرأة من إحدى دول وسط آسيا، تزوجت وانتقلت إلى دبي، لتجد أن زوجها أراد لها أن تعمل في البغاء، لكنها رفضت فأوسعها ضرباً قبل أن تتمكن من الفرار. وأوضحت قدورة «كانت خائفة من كل شيء، وكانت دائمة البكاء. إذا قلنا لها تناولي الطعام ترفض، لدرجة أنها لم تكن تعرف كيف تمسك بفرشاة الرسم». وأضافت «لكن جنيفر كانت صبورة جداً، وبدأت معها ببطء شديد كما لو كانت تعامل طفلاً، تعلمها كل شيء وتثني على أفعالها كي تمنحها الثقة». وتم بيع اللوحة التي رسمتها هذه المرأة بأكثر من ألف درهم، رغم تسعيرها في البداية بـ 800 درهم. وقد وصلت سيمون، التي عملت لفترة طويلة مع الأطفال، إلى المأوى للمرة الأولى في عام 2012، بينما كانت تخطط لإجراء ورشة عمل كاملة، ولكن بسبب مواجهتها عقبة لغوية كبيرة، تجاهلت ورشة العمل وبدأت معهن برسم خطوط متعرجة. وأوضحت سيمون «عندئذ فقط أمكنني إدراك المستوى الذي أتعامل معه، وبدا لي أن هؤلاء الفتيات لم يرسمن من قبل ولم يفعلن أي شيء، ومن ثم تابعنا معاً بهدوء شديد وتمكنا من إحراز تقدم». وأفادت سيمون بأن التغييرات الكبرى تحدث عندما يبدأن في مشاهدة تحسن أعمالهن، لافتة إلى أنه من المفيد التركيز على شيء ما، وأفضل ما في تعليمهن الرسم أنه يتم عرض رسوماتهن. شعور بالفخر ورغم أن الفتيات لايحضرن افتتاح المعرض، إلا أن المأوى يصطحبهن خلسة لمشاهدة أعمالهن. وتقول مديرة الاتصال المؤسسي في «إيواء»، ميثاء المزروعي، «يمكنك مشاهدة وجوههن، ومدى شعورهن بالفخر، وبينما يعرب الناس عن إعجابهم الحقيقي بالرسومات، يمكن لضحايا الاتجار بالبشر مشاهدة ردود أفعال أشخاص لايعرفونهن، وهم حقاً معجبون بأعمالهن ويرغبون في دفع مال مقابلها». يوم الافتتاح وتنتظر سيمون يوم الأحد المقبل، بينما تتذكر ليلة الافتتاح الأولى، حيث تقول «كنت جالسة أنا ويسرا، وكان الموقف محرجاً، وكنت أحاول أن أتماسك أمام الجمهور الذي جاء لمشاهدة الأعمال، وبدأنا بالحديث عن الرسومات، حيث كنت أشعر بالفخر بالفتيات اللائي رسمنها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©