الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسلسلات عالمية بلغة الداد

مسلسلات عالمية بلغة الداد
28 سبتمبر 2008 00:48
لا يزال الوسط الدرامي العربي يعيش تداعيات النجاح غير المسبوق، وربما غير المتوقع، الذي أحرزه المسلسل التركي ''نور ومهند''· الأناقة البصرية التي جسدها العمل وإقبال الناس عليه بشغف استثنائي حرّضا المعنيين بالإنتاج التلفزيوني على استنساخ التجربة، وإذا كان من المبكر الحكم على نتائج عملية الاستنساخ تلك، إلا أنّ الواضح حتى اللحظة أنّ المسلسلات التركية التي جرت دبلجتها لاحقاً، لعّل آخرها ''دموع الورد'' المعروض في الموسم الرمضاني، ظلت قاصرة عن حيازة ولو جزء متواضع من المكانة المميزة التي تحققت لمهند في أوساط المتابعين· ومن المؤكد أنّ للواقعة أسباباً تبدأ من وسامة الممثل التركي وجاذبيته الآسرة، ولا تنتهي عند معالجة المسلسل لقضايا حياتية متماهية مع مثيلاتها السائدة عربياً، مروراً بما تحمله التجربة البكر من مفاعيل الصدمة الإيجابية التي لا تتأتى بالضرورة للتجارب الرديفة وإن تكن مستوحاة من الأصل· نجح مهند، وبسرعة قياسية، في التحول إلى نموذج جماهيري صارخ، فتى أحلام العذارى، ومعقل رجاء النساء اللواتي يعانين تقليدية أزواجهن، أمّا الذكور فالأرجح أن شعوراً هجيناً، هو مزيج من الغيرة والحسرة، قد خالجهم وهم يراقبون التركي الوسيم يقتحم بصوره الباذخة مضاجعهم الآمنة، أو التي حسبوها كذلك، ليضعهم أمام تحديات لا قبل لهم بها· تعددت التأويلات حول أسباب نجاح المسلسل المهندي، وبين التبريرات المُثارة أنّ دبلجة العمل إلى اللهجة السورية المحكية، بما أدركته مؤخراً من حضور متميز جراء انتشار الدراما الناطقة بها، كان عاملاً حاسماً في ذلك النجاح، من حيث أدى إلى التباس لطيف كرَّس تواطؤ المشاهدين مع أحداث المسلسل، وإفساحهم المجال أمام المخيلة الجماعية لإيهامهم أنّهم بموازاة ممثلين من أبناء جلدتهم، ولهم بالتالي حق التفاعل غير المشروط معهم، وصولاً إلى الاندماج الكلي· أيّا تكن الأسباب فلا بدّ للواقعة أن تعود بالذاكرة إلى بداية موسم الدبلجة التلفزيونية عربياً· يوم أقدمت محطة LBC اللبنانية على عرض المسلسل المكسيكي ''أنت أو لا أحد''، ليؤول الأمر سريعاً إلى انسجام جماهيري هستيري مع الحدث الوافد، حيث تعين على كثيرات من مولودات تلك المرحلة أن يحملن اسم ''ماري إلينا''، بطلة المسلسل ذات الجسد الشاهق· ليجد المشاهدون أنفسهم لاحقاً أمام سيل من المسلسلات المدبلجة القادمة من مختلف أصقاع الأرض، والحاملة معها لحسناوات يتحدثّن لغة الضاد بطلاقة تثير دهشة أهل البلاغة والنحو والصرف أيضاً· تبدلت الصورة منذ ذلك الوقت، وشكّل ''نور ومهند'' لحظة تحول من طابع مفصلي إذ لعبت اللهجة المحكية، كما سبقت الإشارة، لعبتها في تقليص المسافة بين المشهد والمشاهد، لتضفي على الموقف حميمية لم تعرفها الأيام الماضية، وكان على اللبنانيين، بوصفهم أصحاب الفكرة الأصليين، أن يتحركوا دفاعاً عن ريادتهم المزعومة، لتسفر أولى النتائج عن مسلسل روسي مدبلج إلى اللكنة اللبنانية المفرطة في مرونتها، والمتباهية بتلك المرونة· وهو أمر قد يبرر بعض التفاؤل، بالعنصر الروسي المضاف لكنّه بالمقابل يثير الخشية من هيمنة أعمال ناطقة بلغة ''الداد'' عوضاً عن الضاد على ساحتنا الدرامية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©