الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طور سيناء طريق الحجاج والأديان

طور سيناء طريق الحجاج والأديان
24 ابريل 2013 21:56
كشفت أحداث الشهور الأخيرة أننا نجهل الكثير عن سيناء وأهلها والمشاكل التي يعيشونها، مما يفرض على الباحثين والدارسين أن يهتموا بها، كل في مجاله، وهذا ما يدعونا إلى السعادة بصدور كتاب «مدينة الطور.. حاضرة جنوب سيناء» الذي يلقي الضوء على هذه المدينة المهمة والقديمة. الطور مدينة قديمة كانت ميناء مصر التجاري على البحر الأحمر حتى انتهاء العصر المملوكي وكانت السويس الميناء الحربي ومع دخول العثمانيين مصر سنة 1517 صارت السويس هي الميناء التجاري أيضا، وصارت الطور مركزا لتجمع الحجاج من مصر ومن خارجها، هي الآن العاصمة الإدارية لإقليم جنوب سيناء تقع على بُعد 270 كيلومترا من السويس جنوبا وحوالي 400 كيلو من القاهرة وتبعد شرم الشيخ بحوالي 66 كيلو مترا وسميت بهذا الاسم نسبة الى اشهر جبالها وهو جبل طور سيناء، وتنحصر المدينة بين هذا الجبل وجبل موسى. عهود المدينة المدينة معروفة منذ العهد الفرعوني وبنى حكام مصر بها قلعة عسكرية منذ الدولة القديمة، كانت واحدة من اربع قلاع حربية في سيناء، والثابت أن الفراعنة استخرجوا من الطور بعض المعادن التي استفادوا بها وتثبت بعض النقوش القديمة أن سكان سيناء قديما كانوا متشابهين في الملبس والمظهر مع بدو سيناء حاليا، ومنذ القرن الثاني للمسيح عرف النساك طريق سيناء وخاصة مدينة الطور وهرب إليها المسيحيون المضطهدون سواء من مصر أو سوريا وأقاموا في جبل موسى ووادي فيران ووادي الحمام شمال الطور. بدأ الاهتمام بسيناء عموما في عصر محمد علي وأولاده من بعده، في العام 1810 سمح محمد علي للرحالة الشهير بورخارت بزيارة سيناء والتجول فيها والكتابة عنها، كان هذا الرجل عاشقا للصحاري العربية فذهب إلى الجزيرة العربية والأماكن المقدسة ثم اعتنق الإسلام. وفي العام 1825 كلف محمد علي المهندس الفرنسي مسيولينان بالذهاب الى الطور فدرس المعادن التي بها ورسم خريطة لها واهتم بسيناء كلها واسلم لينان وسمى نفسه «عبدالحق» وبعد وفاة ابراهيم باشا نجل محمد علي تولى العرش عباس باشا الذي أبدى اهتماما خاصا بسيناء فزارها وقرر أن يجعلها مصيفه الخاص وبنى فيها حماما فوق النبع الكبريتي غرب مدينة الطور وشرع في اتخاذ إجراءات عمرانية خاصة بالمنطقة مثل بناء طريق من دير طور سيناء إلى قمة جبل موسى وبناء قصر هناك لكن وفاته ـ مات مقتولا ـ المبكرة حالت دون أن يتم ذلك، الوالي سعيد باشا الذي خلفه واصل الاهتمام بها حيث أسس الحجر الصحي للحجاج سنة 1858 فجلب لها شهرة عالمية وأقام الخديو محمد توفيق مسجدا بالمدينة وانقطع في عهده طريق الحجاج من مدينة الطور ـ سنة 1884 ـ حيث اتخذوا طريق البحر من السويس إلى جدة وكان الحج البري عبر سيناء مهددا باستمرار من قطاع الطرق واللصوص الذين ينهبون قوافل الحجاج. قلعة عسكرية كان في مدينة الطور قلعة عسكرية منذ عهد الفراعنة لتأمين المنطقة وفي العصر العثماني بنى سليم الأول قلعة في المدينة، كان ذلك بعد احتلاله مصر ورغبته في تأمين الطرق إلى الأراضي المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وظلت هذه القلعة قائمة حتى تهدمت سنة 1824 واستغل الأهالي حجارتها في بناء بيوت لهم كما أخذت الحجارة منها لبناء بيوت الإداريين والموظفين بالمدينة. قفزت سيناء إلى الاهتمام العام بمصر بعد وفاة الخديو محمد توفيق وتولى نجله عباس حلمي الحكم من بعده، وجاءه الفرمان العثماني من السلطان عبدالحميد «فرمان التولية» وقد اخرج سيناء بأكملها من حدود مصر واعترض بشدة لورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر واوقف قراءة الفرمان بالقاهرة حتى يرد تصحيح له من استانبول موقعا من السلطان عبدالحميد بعدها قام الخديوي عباس بزيارة سيناء، أبحر من السويس إلى مدينة الطور في 22 يونيه 1896 وزار الحجر الصحي والجامع وحمام موسى الذي يسميه المصريون وأهالي المنطقة حمام فرعون وعاد ثانية إلى القاهرة ولابد أن نذكر للورد كرومر أنه رفض مشروع «هرتزل» فيما بعد والذي تباحث فيه مع ناظر الخارجية بطرس باشا غالي لإقامة وطن قومي لليهود في سيناء. كان كرومر طاغية وكان متغطرسا وسفاحا حين أقدم على مذبحة دنشواي التي اطاحت به من مصر، لكنه بالنسبة لسيناء اتخذ موقفاً وطنياً مصرياً. هذا الاهتمام بسيناء كان يعني اهتماما بمدينة الطور تحديدا حيث يقصدها الحجاج من مصر وشمال أفريقيا ومن بلاد الشام والبلاد الأوروبية في طريقهم إلى مكة والمدينة وكان يقصدها الزوار المسيحيون في طريقهم إلى دير سانت كاترين أو دير جبل الطور فضلا عن الزوار اليهود الذين يذهبون إلى المنطقة حيث كلم الله سيدنا موسى. الدراسة التي بين ايدينا في جغرافية المدينة ومكوناتها الطبيعية والعمرانية ويلاحظ الباحث أن الاهتمام بالمدينة لا يتناسب مع أهميتها حيث تقع على خليج السويس جنوبا وقربها مناطق آثار وحولها بيئة جبلية خاصة ومتميزة، ذهب الاهتمام إلى مدينة شرم الشيخ التابعة لها مما يعني أن هناك مشكلة وخللا إداريا يجب معالجته، وأرقام السكان دالة، في العام 1986 كانت شرم الشيخ قرية لا يتجاوز عدد سكانها 1556 مواطنا وكان عدد سكان الطور أربعة أضعافها «6483» نسمة وبعد 20 سنة أي تعداد سنة 2006 قفز سكان شرم الى 69 ألف نسمة بينما سكان الطور 26 ألف نسمة وطبقا للبيانات الرسمية فإن سكان شرم بينهم 15 ألف نسمة من المصريين، والبقية 54 ألف نسمة من الأجانب. لا ينكر الباحث أن هناك بعض جهود التنمية تمت في المدينة وحولها مثل حفر عدة آبار للمياه الجوفية واستصلاح حوالي ألفي فدان وزراعتها وإقامة بعض الصناعات خارج المدينة ويعمل بها حوالي عُشر السكان لكن مازال الاهتمام دون ما يجب أن يكون، الأمر الذي يصيب السكان بالقلق. وإذا كان الوضع هكذا بالنسبة لمدينة الطور وهي عاصمة الإقليم حيث تحظى العاصمة بالاهتمام الأكبر وتواجد مرافق الدولة فماذا عن بقية المدن والقرى الأخرى في سيناء؟ تحتاج سيناء إلى اهتمام اكبر ومشروع للتنمية يستوعب إمكانياتها وثرواتها. الكتاب: مدينة الطور.. حاضرة جنوب سيناء المؤلف: د. سعيد الحسيني الناشر: الهيئة العامة المصرية لقصور الثقافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©