الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أبو العريف».. يفهم في كل شيء ونصائحه ومعلوماته حاضرة دون طلب

«أبو العريف».. يفهم في كل شيء ونصائحه ومعلوماته حاضرة دون طلب
16 ديسمبر 2009 00:01
حاضر في جميع الجلسات، ليس بجسده وذهنه وحسب بل بلسانه أيضاً، وهو ممسك بارع للخيط من أوله، لأن مهمته تنحصر في إتمامه حتى النهاية.. إنه «أبو العريف» الشخصية التي تعرف وتفهم في كلّ شيء، وتتحدث في جميع المواضيع خلافاً للآخرين، فإذا ما صادفت أو تذكرت أحداً يتصف بمثل هذه الصفات فلا تدخل معه في نقاش، لأنك حتماً لن تستطيع إقناعه بوجهة نظرك، فهي خاطئة، أما كلامه هو، لا شك فيه.. في كل المجالات هو يملك معلومات مؤكدة حصل عليها بشكل حصري، لأنه «أبو العريف» فلا تتحدث أمامه في السياسة، ولا تناقشه لأنه أصلاً حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من أفضل الجامعات العالمية، ولا تتحدث في الاقتصاد لأنك ستفاجأ بأنه درس الكثير من المواد الاقتصادية خلال دراسته الجامعية، فالسياسة والاقتصاد لا ينفصلان، وإذا كان الحديث في الأدب هو سيّد من يتكلم في الجلسة، فالأدب هوايته التي برع فيها منذ الصغر، لا سيما في الخطابة، كما أنه قد حصل على أكثر من جائزة أدبية في نظم الشعر وكتابة القصة القصيرة، وهكذا فإن له في «كلّ عرس قرصاً»، كما يقول المثل. إنه شخص خارق للعادة، فهو جامع للعلم والمعرفة، بينما الآخرون أقزام أمامه، وهم لا يعرفون شيئاً مما يحدث أمامهم، لذلك فهو يتطوع دائماً للحديث من أجل أن يشرح لهم ما يجري من أحداث، وتحليلها بدقة وتفصيل حتى الملل، دون أن يعطي الآخرين فرصة لمناقشته أو مقاطعته، بينما هو يقاطع الآخرين، ويكمم أفواههم بكثرة حديثة وارتفاع صوته.. هو «أبو العريف»، تلك الشخصية المثيرة للانتباه وكذلك للجدل، فالبعض يتضايق منه، فيما يتندر على شخصيته البعض الآخر. «من المانغا ملايين» حول هذه الشخصية المثيرة للجدل، يتحدث بشار أسعد، لافتاً إلى أن هنالك نماذج كثيرة لشخصية «أبو العريف» موجودة بيننا في كل مكان، في العائلة وفي الحيّ وبين الأصدقاء والمعارف، وهذا الشخص معروف بأنه يتدخل في كلّ شيء حتى لو لم يكن يعنيه، ويتحدث في كلّ شيء في ما يفهم وما لا يفهم. وهو يفعل ذلك من أجل أن يصنع لنفسه هيبة أمام الآخرين، ومرجعية يستعان بها، مع أنه قد يتسبب بعمل مشاكل لغيره بسبب معلومات خاطئة أو كذبة أطلقها. وبهذه السلوكيات، يستطرد بشار، يجعل «أبو العريف» من نفسه مدعاة للنكتة والسخرية في الجلسات، وحتى إذا ما أصغى له الآخرون فإنهم لا يأخذون برأيه على محمل الجدّ. ويعلّق محمد سويدان، بقوله إن هؤلاء الأشخاص «المدّعين» يتكلمون كثيراً، بينما أكثر كلامهم كذباً، ولكن الناس يكشفونهم بعد فترة فيصبحون منبوذين في المجتمع، أو مدعاة للسخرية وإطلاق النكات. يبتسم سويدان متذكراً، أنا أعرف شخصاً يتصف بهذه الصفات، وقد أطلقنا عليه، أنا والأصدقاء، لقب «الصادق»، فعندما نقول «الصادق» يعرف الجميع بأنه فلان. من جهته يقول أحمد الهاملي، إن «أبو العريف» استحق هذا اللقب ليدلل على أنه يعرف ويفهم في كل شيء، غير أنه في الحقيقة لا يفهم في شيء. وهؤلاء الأشخاص الذين يتصفون بصفات «أبو العريف»، بحسب الهاملي، مشكلتهم أنهم يتكلمون عن أشياء ومعلومات يعرفها الآخرون جيداً وربما جرّبوها، ولكنهم يتحدثون عنها بشيء مخالف للحقيقة والواقع، بشكل خيالي ومبالغ به، ومع ذلك تجدهم يناقشون فيها بشكل مستميت. والمشكلة الأخرى التي يقع فيها «أبو العريف»، على حد قول الهاملي، إن لا أحد يستطيع مناقشته لأنه يعتبر نفسه الوحيد الذي على صواب والآخرين كلهم مخطئون، ولذلك يجده البعض مستفزاً فلا يجلس في المكان الذي يتواجد فيه «أبو العريف»، ولا يدخل معه في نقاش أصلاً. ويتحدث الهاملي عن تجربته مع هذه النوعيات من الأشخاص، قائلاً: «هنالك مقولة اتفقنا عليها مع الأصدقاء فعندما نقابل شخصاً بمثل هذه الصفات، ويسرد كلاماً فيه مبالغات وكذب كبير، فإننا نردّد مقولة ابتكرناها، وجعلنا كلمة سرّ فيما بيننا هي «من المانغا ملايين»، وهذه مقولة مطابقة للمثل الشعبي «من الحبة قبة»، لكن بما أننا لا نستطيع أن نذكر هذه المقولة أمام الشخص حتى لا يفهمها، فقد وضعنا لها مثلاً بديلاً نردده بيننا للإشارة على أن هذا الشخص يبالغ كثيراً. أما بالنسبة للدافع الذي يجعل «أبو العريف» يمارس هذه السلوكيات في جلساته مع الآخرين،، يقول الهاملي إن السبب يكمن في أنه يريد أن يصنع لنفسه نوعاً من «الوجاهة» الاجتماعية، أي السلطة فهو يريد أن يكون كبير الجلسة وزعيمها. جو فكاهي ويرى عبد الوهاب الحريري أن شخصية «أبو العريف» هي شخصية سلبية ومكروهة، فهذا الشخص أي «أبو العريف» يدّعي معرفة كل شيء، بينما الحكمة تقول إن «كلمة لا أعرف نصف العلم»، فهذا يعني أنه جاهل أصلاً ولا يعرف شيئاً من العلم. بالنسبة للحريري فأبو العريف شخص مكروه لأنه غالباً يقول ما لا يعرف، ويدعي حصول أشياء لم تحدث، كما يدعي معرفة كل شيء وهو لا يفهم شيئاً، فهو شخص مدعٍ وكذاب، ولذلك فهو يجده شخصية مستفزة جداً تشعره بالغضب من هذه الصفات التي تنجم عن شعوره بالنقص أمام الآخرين، ولذلك فإن الحريري لا يتوانى عن ترك الجلسة إذا ما صادف أحداً فيها يتصف بمواصفات «أبو العريف»، وإذا لم يتمكن من ذلك فإنه ينتقم منه بأن يجعله مدعاة للسخرية والضحك أمام الآخرين. وإذا كان الغالبية من الناس يرون في «أبو العريف» شخصية سلبية في المجتمع فإن خالد الحوسني، يرى بأن العكس هو الصحيح، فقد يكون شخصية محببة بين الناس ولا سيما الشباب وذلك بسبب الجو الفكاهي والمميز الذي يضفيه على الجلسات حين يكون موجوداً، وحتى عندما يكون غائباً، يستطرد الحوسني، فمجرد ذكر اسمه يجعل الآخرين يبتسمون ويطلقون النكات ويضحكون فهو شخصية مضحكة تروح عن الآخرين همومهم ومشاكلهم بحديثها ومخيلتها الواسعة. ويضيف الحوسني، أحياناً قد لا تكون شخصية «أبو العريف» الحقيقية بمثل الصورة التي يظهر بها أمام الناس، فقد يكون ما يفعله أمام الآخرين هو قناع وتمثيل من أجل أن يسعد الآخرين ويضفي أجواء مرحة على جلساتهم من خلال سرد القصص والروايات المثيرة، وهو بالتأكيد شخص طيب القلب لأنه يتحمل الآخرين عندما ينتقدونه بكلامهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©