الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشافي وإنييستا «قلب الماتادور النابض»

تشافي وإنييستا «قلب الماتادور النابض»
2 يوليو 2010 22:40
لا يمكن لأحد أن ينكر بأن الأرجنتيني ليونيل ميسي أو دافيد فيا هما نجمان من العيار الثقيل بإمكانهما أن يغيرا مجرى أي مباراة بلمحة فنية أو تسديدة ماكرة، لكن ليس بإمكان أحد أيضاً أن ينكر فضل الثنائي تشافي هرنانديز وإندريس إنييستا على برشلونة والمنتخب الإسباني على حد سواء، إذ أنهما رئتا النادي الكاتالوني و”لا فوريا روخا” وهما أثبتا خلال الموسمين المنصرمين أنهما القلب النابض الذي يضخ الدم إلى عروق المهاجمين. لقد شكل هذا الثنائي شراكة قل نظيرها في ملاعب كرة القدم وأصبحاً من أفضل لاعبي الوسط في العالم وأكبر دليل على ذلك أن نجم من عيار قائد أرسنال الإنجليزي فرانسيسك فابريجاس يكتفي في الجلوس على مقاعد احتياط المنتخب الإسباني خلال نهائيات مونديال جنوب أفريقيا 2010 لأنه لا يتمكن من إزاحة أي منهما من التشكيلة الأساسية وذلك أن المدرب فيسنتي دل بوسكي يدرك تماماً مدى الأهمية الحيوية التي يؤمنها هذان اللاعبان إلى بطل أوروبا، كما حال مدرب برشلونة جوسيب جوارديولا. لا يمكن تحديد أهمية تشافي وإنييستا بتمريراتهما البسيطة والسلسة والمتقنة وحسب، بل الذكاء الذي يتمتعان به هو ما يميزهما عن لاعبين آخرين وهو الذي ساهم في قيادة إسبانيا إلى لقب كأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964 وبرشلونة إلى الظفر بستة القاب خلال عام 2009. “انتصار إسبانيا مرده إلى تبنيها فلسفة تمرير الكرة، ولأن لعبي يعتمد على هذه الفلسفة فقد نلت هذه الجائزة”، هذا ما قاله تشافي بعد اختياره أفضل لاعب في كأس أوروبا 2008 بعد قيادته منتخب بلاده للفوز على ألمانيا 1- صفر في النهائي. لكن لاعب الوسط الذي يقوم بصناعة الألعاب في صفوف برشلونة منذ أكثر من عقد من الزمن، ليس مجرد ممر جيد للكرة فحسب، فإلى جانب رؤيته الثاقبة وخياله في وسط الملعب، فان تشافي يبذل جهوداً خارقة ولا يتردد بالواجب الدفاعي أيضاً ويستطيع أن يشغل أي مركز في وسط الملعب، وهو قارىء جيد للعبة ويمتاز بتسديدات قوية ودائماً ما يساهم بكثير من الأهداف لفريقه، يجيد تسديد الكرات الثابتة، ويستطيع التأثير كثيراً على زملائه أكان في برشلونة أو في صفوف منتخب بلاده. وبعد أن تدرج في صفوف أكاديمية برشلونة في حقبة المدرب الهولندي الشهير يوهان كرويف وفريق الأحلام، سار تشافي على خطى الرجل الذي كان ملهماً لذلك الفريق وهو مدربه الحالي في النادي الكاتالوني بيبي جوارديولا. في الواقع، تشافي هو الذي حل مكان جوارديولا المصاب موسم 1999-2000 وكان جاهزاً للحلول مكانه بصورة دائمة عندما انتقل الأخير إلى الدوري الإيطالي. ومنذ ذلك الحين، ومهما كانت هوية المدرب الذي اشرف على برشلونة، فان تشافي كان الاسم الأول على لائحته، ومهما كانت فلسفة مدرب برشلونة فانه لم يجد لاعباً مثل تشافي القادر بلمحة أن يمرر كرة متقنة باتجاه زميله أو الخروج من موقف حرج بفضل استحواذه الرائع على الكرة أو حتى رغبته في تأمين الحماية لرباعي خط الدفاع. انضم تشافي إلى صفوف برشلونة منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره وبقي وفياً للفريق الكاتالوني وعلى الأرجح سيبقى في صفوفه حتى نهاية مسيرته بفضل الدور الذي يلعبه في صفوف أحد أعرق الأندية الأوروبية. أما على الصعيد الدولي وبعد أن قاد منتخب بلاده إلى الفوز بكأس العالم لدون 20 سنة عام 1999 وإلى مركز الوصيف في مسابقة كرة القدم لأولمبياد سيدني 2000 بدأ تشافي مشواره مع المنتخب الأول في نوفمبر عام 2000 ولم يغب عن أي بطولة كبرى شارك فيها منتخب بلاده. يعتبر تشافي محرك المنتخب الإسباني وهو قائد بامتياز ونادراً ما يخسر الكرة أو يقوم بتمريرة خاطئة، انه قائد أوركسترا خط الوسط ويملك قدرة مذهلة على قراءة اللعبة ويستطيع أن يفرض بصمته على مجرياتها. أصبح تشافي كما حال زملائه على بعد 180 دقيقة فقط (في حال عدم التمديد) من أجل تحقيق حلم وضع منتخب بلاده في نهائي كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه والى التأكيد بأن “لا فوريا روخا” تخلص من صفة المنتخب المرشح الذي يخيب آمال مناصريه في النهاية، وبانه أصبح المنتخب القادر على الذهاب حتى النهاية كما فعل قبل عامين عندما توج بكأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964. ويتحدث تشافي عن نفسه قائلاً في حديث لموقع الاتحاد الدولي “إنني مولع بالإبداع في كرة القدم، شأني في ذلك شأن كرويف، نحن نحب هذا النوع من كرة القدم الهجومية والجذابة والجميلة. عندما تربح بهذه الطريقة يكون الرضا مضاعفاً”. ويؤكد النجم المتميز فلسفته الهجومية عندما تناول موضوع خسارة بلاده مباراتها الأولى في النهائيات أمام سويسرا رغم سيطرتها المطلقة على مجريات اللقاء، قائلاً: “لقد فازت سويسرا بأساليبها التكتيكية الخاصة والتي كانت تهدف إلى إبطال مفعول قوة إسبانيا الضاربة، كان التعادل ليكفيهم لكنهم تمكنوا من تحقيق الفوز، أنا لا أعرف ما يعنيه الفوز بهذه الطريقة لأنني لم أجربه، دائماً كنت العب من أجل الهجوم، وفلسفتي في كرة القدم واضحة ومحددة للغاية، لقد نشأت في برشلونة بهذا الأسلوب وهو الأسلوب الذي يعجبني، اعتقد أن الفوز بهذه الطريقة شيء جيد، فنحن نسعى لتحقيق النصر من الدقيقة الأولى في كل مباراة”. من المؤكد أن تشافي يدرك تماماً معنى الانتصار وأهميته وهو الذي تعج خزائنه بالكؤوس حيث توج مع برشلونة بلقب الدوري المحلي خمس مرات والكأس المحلية مرة واحدة وكأس السوبر المحلية ثلاث مرات ودوري أبطال أوروبا مرتين وكأس السوبر الأوروبية مرة واحدة وكأس العالم للأندية مرة واحدة، إضافة إلى فوزه مع منتخب بلاده بكأس العالم لدون 20 عاماً وكأس أوروبا. لكن كأس العالم ستكون التتويج الأعظم بالنسبة لتشافي أو لـ”نصفه الثاني” إنييستا الذي لا يقل شأناً عن زميله وهو الذي التحق بأكاديمية النادي الكاتالوني حين كان في الثانية عشرة من عمره، وقد أظهر ابن مدينة الباسيتي منذ تلك الفترة قدرة هائلة على التحكم في الكرة وسط الميدان، وعن ذكاء خارق للعادة، كما تألق مع الفئات الصغرى للمنتخب الإسباني، وحاز معه على كأس أوروبا تحت 16 سنة وتحت 19 سنة، وبلغ معه نهائي كأس العالم تحت 20 سنة عام 2003 . خاض إنييستا أولى مبارياته مع كبار برشلونة في أكتوبر 2002 حين كان في الثامنة عشرة من عمره وقد تطور تدريجياً ليصبح من الركائز التي لا غنى عنها في تشكيلة النادي الكاتالوني. يمتاز إنييستا بالقدرة على شغل العديد من المراكز في وسط الملعب، إذ بإمكانه اللعب على الأطراف وفي المحور ويتميز بسرعته ونظرته الثاقبة وحدسه المتقد. فاجأ مدرب إسبانيا السابق لويس أراجونيس الجميع عندما استدعى إنييستا إلى تشكيلة المنتخب الأول للمشاركة معه في نهائيات مونديال ألمانيا 2006 وهو منحه مباراته الدولية الأولى خلال لقاء ودي استعدادي عندما ادخله في الشوط الثاني أمام روسيا في 27 مايو وهو لم يغب عن “لا فوريا روخا” منذ حينها، لكن الإصابة حرمته من المشاركة في كأس القارات التي أقيمت العام الماضي في جنوب أفريقيا حيث خرج منتخب بلاده من الدور نصف النهائي على يد الولايات المتحدة، وهي كادت أن تحرمه أيضاً من المشاركة في مونديال جنوب افريقيا لكنه تعافى في الوقت المناسب ليكون إلى جانب تشافي وزملائه الآخرين ثم أصيب مجدداً في المباراة الأولى أمام سويسرا ما أجبره على عدم المشاركة في الثانية أمام هندوراس (2- صفر) لكنه عاد في الثالثة الحاسمة أمام تشيلي (2-1) وسجل الهدف الثاني ليؤمن تأهل بلاده إلى الدور الثاني. ويأمل اللاعب الذي أطلق عليه لقب “ال ايلوزيونيستا” (الساحر) أو “سيريبرو” (المخ) أن يواصل مشواره على المنوال ذاته لأنه وتشافي القلب النابض الذي بإمكانه أن يحمل منتخب بلادهما إلى حلم الانضمام لنخبة المنتخبات التي رفعت الكأس المرموقة.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©