الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللامركزية لمصلحة الأمة الأميركية

اللامركزية لمصلحة الأمة الأميركية
27 سبتمبر 2008 00:34
يبدو الأميركيون مشتاقون لإحداث تغيير حقيقي في واشنطن، ولرؤية السياسيين فيها يعملون عبر الخطوط الحزبية، أي يحرصون على أن يكون أي مجهود يقومون به هادفاً لمصلحة الأمة الأميركية وليس إلى مصلحة الحزب الذي ينتمون إليه فقط، هناك اقتراح أود طرحه عليكم في هذا المقال، يمكن أن يحقق الهدفين معاً، وهو تحقيق لامركزية الفرع التنفيذي في الحكومة الأميركية· ففي رأيي، أنه ليس هناك فرع من فروع مجتمعنا يعاني من المركزية قدر جهازنا البيروقراطي الفيدرالي، يرجع هذا لأسباب عديدة، لعل أهمها على الإطلاق، أن قواعدنا في مجالات الزراعة والطاقة منتشرة على مساحة هائلة وهو ما ينطبق أيضاً على مؤسساتنا التعليمية والدينية والثقافية، وعلى نظامنا المالي كذلك، فعلى الرغم من أن هذا النظام يتركز في نيويورك على وجه التحديد، إلا أن هناك مكونات مهمة منه موجودة في ولايات أخرى؛ لأن طبيعة عملها تستلزم ذلك· ليس هناك من شك في هذا السياق أيضاً أن تواجد المسؤولين المدنيين الكبار وتركزهم في واشنطن، يمثل خطراً لاداعي له سواء عليهم هم شخصياً، وعلى الأمة بأكملها في عصر الإرهاب العابر للحدود الذي نعيش فيه، والذي ما فتئ يعلن عن وجوده بعنف بين آونة وأخرى، كي ينبهنا إلى ضرورة توخي الحذر· إلى ذلك، يساهم ارتفاع تكلفة المعيشة في منطقة كولومبيا، وبالقرب منها في طرد الكفاءات، وهذه المشكلة ستزداد تفاقماً مع استقالة كبار المديرين، الذين بدأ معظهم حياتهم المهنية تحت منظومة تقاعد سخية، جعلت البقاء في الوظيفة بالنسبة لهم أمراً مغرياً على الأقل حتى منتصف الخمسين من أعمارهم وربما ما بعد ذلك في الكثير من الحالات، أما المديرون الأصغر سناً، الذين يفتقرون إلى هذا الحافز، والذين لم يحظوا بمثل هذه البرامج التقاعدية، فإن الاحتمال الأكبر في الوقت الراهن هو أن يكونوا أقل تمسكاً من سابقيهم بالوظائف الحكومية، وأن يتم اجتذابهم بعيداً عن تلك الوظائف، ونحو الفرص المغرية التي يقدمها القطاع الخاص· فمتوسط الأجر الذي يتقاضاه الموظف الحكومي الفيدرالي في منطقة واشنطن يتجاوز 90 ألف دولار شهرياً، ولكن المقاولين والمؤسسات الاستشارية، وغيرها من المؤسسات الموجودة في المنطقة والتي تنفذ مشروعات حكومية، يدفعون مبالغ أكثر سخاء من هذا المبلغ بكثير، ونظراً لثراء هذه المقاطعات وغيرها في المناطق الأخرى يغدو من غير المنطقي أن تستمر في الاستفادة من أموال دافعي الضرائب الأميركيين وهي ليست في حاجة ماسة بل وليست في حاجة أساساً إلى تلك الأموال التي تحتاج إليها أكثر مقاطعات ومناطق أخرى تعاني من مشكلات اقتصادية مختلفة ومتنوعة من حيث درجة حدتها· منذ ثلاث سنوات على وجه التقريب، قدمت اقتراحاً بنقل قيادة مصلحة الإيرادات الداخلية إلى ''نيو أورلينز'' اعتقاداً مني أن انتقال تلك القيادة إلى هناك سيساعد على توفير 7000 وظيفة ثابتة يحصل شاغلوها على أجور مغرية، وهو ما يمكن أن يصب في مصلحة عملية إعادة البناء والتعمير، وذلك بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها بعد وقوع الإعصار ''كاترينا'' المدمر، وهذا المقترح لا يزال مناسباً حتى الآن، وتنفيذه يمكن أن يكون بمثابة بداية لعملية التعافي الاقتصادي في المنطقة -كما ذكر سابقا- ويمكن عمل الشيء نفسه تقريباً في مناطق أخرى مثل الغرب الأوسط، الذي تتركز فيه شركات صناعة السيارات الضخمة وغيرها من الصناعات الكبرى، القادرة على توفير عدد هائل من الوظائف بما يساعد على تقليل معدلات البطالة الموجودة في البلاد في الوقت الراهن· ومن الوزارات المرشحة للانتقال، الوزارات الخدمية التي تساهم في تدوير دولاب العمل الحكومي وليس في صنع السياسات، أما الوزارات التي يعتبر احتمال انتقالها من واشنطن هو الأقل، فهي تلك التي تشكل العمود الفقري للحكومة وهي وزارة الخارجية، وزارة الدفاع، ووزارة العدل، ووزارة الخزانة، ولعله قد يكون من الأفضل العمل على إبقاء بعض الأقسام المهمة للوزارات الخدمية في واشنطن، طالما أن طبيعة عملها تجعلها مرتبطة بصورة أو بأخرى بالوزارات السيادية الباقية في واشنطن، من تلك الأقسام مصلحة الإيرادات الداخلية في وزارة الخزانة، على سبيل المثال، وكذلك إدارة مكافحة المخدرات في وزارة العدل التي يمكن نقلها إلى أماكن أخرى مثل ''ميشيجان'' و''أوهايو'' و''ميسوري'' وهي ولايات تتميز بالحجم الكبير لقوة العمل المتعلمة بها· الداعون إلى بقاء الأوضاع الحالية كما هي عليه، يدفعون بأن اللامركزية لن تسمح بالإشراف الدقيق من جانب الكونجرس، ولكن هذا الكلام ليس صحيحاً بالضرورة، بدليل أن مركز رقابة الأمراض والوقاية منها يعمل بشكل جيد في ''أطلانطا''، كما ويخضع لإشراف دقيق من الكونجرس أيضاً، كما أن نقل العمليات الحكومية خارج نطاق المدن الكبرى سوف يساهم في توزيع الوظائف الحكومية بقدر أكبر من العدالة، كما سيساعد في الوقت ذاته على الحد من النفوذ المبالغ فيه غير الضروري في الواقع لواشنطن، أن ''جون ماكين'' و''باراك أوباما'' يقولان إنهما يريدان تغيير واشنطن، كما يريدان تغيير السياسات الحزبية·· وإذا كانا يعنيان ما يقولانه حقاً، فإنه يجب عليهما إذا أن يعطيا هذا المقترح ما يستحقه من اهتمام وعناية· مارك دبليو إيفرسون مفوض الإيرادات الداخلية الأميركية خلال السنوات 2003- 2007 ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©