السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النجدي 3

النجدي 3
27 سبتمبر 2008 00:22
وقد وقف بنا التكلم على الخيل عنده، فأعد ذكره لي ولا تذكر زينب المنحنى وهنده، فها أنا قد أحجمت عنده بعد السلوك في هذه المسالك، وجعلت ختام الخيل من أسوده مسكاً فليتنافس المتنافسون في ذلك؛ لأن (الظافر) براعة استهالك هذه الخيل، و(النجدي) هذا حسن الختام فيها فكان لهذه الحلة الضافية كالذيل، وقد ذكر علماء البديع، في كلامهم الأنيق البديع، أن الختام هو الباقي على الذهن؛ لأنه آخر ما يودع من الألفاظ السمع، فأردت أن أترك ذكره مرتسماً في الأذهان، بين هذه الخيل التي راق منها في هذه النبذة الجمع، فعلى هذا الجواد ركن هذا المقتضب يبنى، وإن أخرته في اللفظ فهو مقدم في المعنى، فما تأخر ذكره لتأخره عن السبق في الميدان، وليس هو (السكيت) ولا (الفسكل) يوم الرهان، حاشا الله وكلا، فإنه في الحلبة قد جلى، فقد علم عالم الغيب، أن تأخره في الذكر لا عن نقص وعن عيب، إلا أن لكل أول غير الله تعالى آخرا، ولكل مبدأ ختاما وماذا يضر الختام تعقبه إذا كان فاخراً، بل ماذا يضر الجواد تأخره في الذكر، ومجيئه في ذيل الكلام وهو من أول وهلة على الفكر، أيضر الطرز كونه من الأكمام على الأطراف، أم يضر الشريف قعوده في طرف القوم وقد قيل: (الأطراف منازل الأشراف)، فبيع النفيس آخره أغلاه، وشراب السكر آخره أحلاه، وعلى آخر الكلمة يظهر إعرابها، وبآخر الغزلان يتبين تفضيلها إذا عدت أسرابها، وبمنتهى السباق يتحقق الجواد في الميدان، وكم ازداد الثمر طيباً بتأخر اقتطافه من الأغصان، وآخر القوم في الهزيمة أثبتهم جنانا، وأقطعهم عند الضراب سيفاً وأطعن سناناً، والجنة في الأخرى، وهي أنفس ما جعله له العبد ذخراً، ولولا الشاطئ لما استخرج العنبر من البحر، ولولا طرفا السمط لما ثبتت القلائل في النحر· نعم ومن المقطوع به والمعلوم، أن قد أفضى بنا ميدان المنثور هنا إلى ميدان آخر من المنظوم، وقد بلغنا غاية ميدان هذا الطرس الذي جالت به جياد الأفكار، وأصلتت سيوف الفطن فلمعت من تحت عثير المداد كمشتعل النار، وهزت به الأقلام هز العيدان، ووقفنا في آخره كما وقفت الخيل في منتهى الميدان، فلا يسع اللبيب غير قطع هذا الميدان وإن كان عاجزاً كسيرا، ولا يجد الأديب بداً من مسابقة الصافنات فيه وإن كان حسيرا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©