الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنمية الشاملة

27 سبتمبر 2008 00:21
تنمية الإنسان وتنمية موارده الاقتصادية من المفاهيم التي حرص الإسلام على تحقيقها في الدولة الإسلامية، ليعيش المسلم حياة طيبة كريمة، هانئة مليئة بالإنجاز، والتقدم، والعمل الصالح الذي يؤتي ثماره في الحياة الدنيا، وفي الحياة الآخرة، وهي الحياة التي ترتفع بالمسلم من حد الكفاف إلى حد الكفاية والرفاهية· وبالرغم من أن لفظ التنمية الاقتصادية لم يكن شـائعاً في الكتابات الإسلامية الأولى، فإن المعنى استخدم كثيراً بألفاظ مختلفة منها العمارة والتمكين والنماء والتثمير· ويقول الدكتور شوقي دنيا - أستاذ الاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر: إن التنمية الاقتصادية بأبعادها الإسلامية فرض مقدس افترضه الإسلام على الجماعة وعلى الفرد المسلم وعلى الدولة المسلمة· ويمكن التدليل على صحة هذا، بقول الله تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) (الملك:15)· ويقول أيضاً: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) (الجمعة:10)· ويقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم) (البقرة:267)· فهذه أوامر إلهية بالمشي في مناكب الأرض، والانتشار فيها، والابتغاء من فضل الله، وكل تلك الأوامر يعبر عنها اقتصادياً بممارسة مختلف العمليات الإنتاجية، ثم هناك أمر إلهي أفصحت عنه الآية الأخيرة، وهو الإنفاق من طيبات الكسب· ولا يجد الباحث أصدق ولا أدق من تعليق الإمام محمد الشيباني على هذه الآية، إذ يقول: ''الأمر حقيقته الوجوب، ولا يتصور الإنفاق إلا بعد الكسب - أو بعد الإنتاج - وما لا يتم الواجب إلا به يصير واجباً''· فالإنفاق واجب، وهو يتضمن التوزيع· والإنتاج واجب· ثم إن هناك أوامر إلهية أخرى تفيد وجوب التنمية بطريق غير مباشر، وهي الأوامر المتعلقة بالجهاد· يقول تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال:39)· ويقول عز وجل في آية أخرى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) (الأنفال:60)· فنحن مطالبون بالجهاد في سبيل الله، ومطالبون بأن يكون لدينا أكبر قدر مستطاع من القوة· ولن يكون الجهاد والقتال فعالاً إلا إذا دعمه اقتصاد قوي يموله ويمده بمتطلباته، ولن يكون ذلك إلا عن طريق التقدم الاقتصادي، وما توقف عليه الواجب يصير واجباً· ويوكد أن الآية الأخيرة تطلب منا الإعداد بما يفيده ذلك من تخطيط وتصميم بما يحتوي عليه كل ذلك من عمليات· وأن يكون الإعداد بأقصى قدر نستطيعه وليس مجرد إعداد، أياً كان مستواه، والقوة لفظ شامل، يتناول مختلف الجوانب المادية والبشرية والمعنوية، وهو بالإضافة إلى ذلك مفهوم حركي، كل مرحلة من القوة تهيئ الطريق لمرحلة تالية· وأضاف أن عمر بن عبد العزيز أشار إلى هذا الارتباط الوثيق بين التقدم الاقتصادي وتأدية فريضة الجهاد عندما أمر نائبه بأن ييسر السبل أمام المزارعين وغيرهم بقوله: ''وخل بينهم وبين عمارة الأرض، فإن في ذلك صلاحاً لمعاش المسلمين وقوة لهم على عدوهم''· ويقول - صلى الله عليه وسلم: ''إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة في الجنة: صانعه والرامي به ومناوله''· فهنا ربط واضح بين الصناعة والتجارة والنقل وأعمال القتال، أي فيه ربط بين التنمية الاقتصادية والجهاد· إذن التنمية الاقتصادية فريضة إسلامية· ويقول صلى الله عليه وسلم: ''طلب الكسب فريضة على كل مسلم''· وقال - صلى الله عليه وسلم: ''ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته وأفقره''· وأوضح د· شوقي: من هذين الحديثين نعلم أن تنمية الدخل مفروضة على كل إنسان، وكذلك مفروضة على الحاكم، فالحاكم مسؤول عن إشباع حاجات المواطنين ودفع شبح الفقر عنهم· أي أن الحاكم مسؤول عن تحقيق التنمية الاقتصادية بشطريها، الإنتاجي والتوزيعي· مسؤولية دينية قبل أن تكون مسؤولية وطنية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©