الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأفغاني أبو الصحوة الإسلامية المعاصرة

الأفغاني أبو الصحوة الإسلامية المعاصرة
27 سبتمبر 2008 00:20
يعد جمال الدين الأفغاني من أعظم رواد اليقظة الإسلامية الحديثة· ترك أثرا بالغا في نفوس تلاميذه ومريديه وترك ثروة من الأفكار لا تقدر بثمن، في وقت أصبحت تقل فيه الاجتهادات وتكثر الخرافات· فهو ''أبو الصحوة الإسلامية المعاصرة'' على حد وصف الدكتور محمد عمارة· وأضاف أنه أبرز قادة الحركة الإصلاحية ومن طلائع المجددين للفكر الإسلامي في العصر الحديث، مشيرا إلى ان السنوات التي عاشها بمصر كانت من أخصب السنوات في تاريخ إنجازاته الفكرية والسياسية· ففيها ربى نخبة من العقول التي جددت فكر الإسلام وحياة المسلمين وفي مقدمتهم الإمام محمد عبده وشرح من كتب الفلسفة والكلام والمنطق ما أعاد للحياة الفكرية سمة العقلانية الإسلامية، التي غابت عنها منذ عصر التراجع الحضاري للمسلمين· سعى الأفغاني إلى الإصلاح في عصر اقتحمت فيه المرجعية الحضارية الغربية ساحات ديار الإسلام· وأصبح لها أنصار ومبشرون، يدعون إلى استبدالها بالإسلام، ويفضلون الاستنارة بأنوارها على الاستنارة بنور الإسلام· ينتمي الأفغاني لأسرة أفغانية عريقة ونشأ في كابول وتعلم في بداية تلقيه العلم اللغتين العربية والفارسية، ودرس القرآن وشيئا من العلوم الإسلامية، وعندما بلغ الثامنة عشرة أتم دراسته للعلوم، ثم سافر إلى الهند لدراسة بعض العلوم العصرية· وقصد الحجاز وهو في التاسعة عشرة لأداء فريضة الحج ثم رجع إلى أفغانستان وظل طوال حياته حريصا على العلم والتعلم، فقد شرع في تعلم الفرنسية وهو كبير، وبذل كثيرا من الجهد والتصميم حتى خطا خطوات جيدة في تعلمها· وسافر إلى ''الأستانة'' وذاعت شهرته وارتفعت منزلته، ولقيت دعوته بضرورة التعجيل بالإصلاح أصداء طيبة لدى العثمانيين· وعين عضوا في مجلس المعارف الأعلى، وهناك لقي معارضة من بعض العلماء وخطباء المساجد الذين لم يرقهم كثير من آرائه وأقواله، فتوجه إلى مصر، ولقي فيها من الحفاوة والتكريم ما حمله على البقاء بها، وكان لجرأته وصراحته أكبر الأثر في التفاف الناس حوله· وتميّز بقدرة ظاهرة على التكيف مع المحيط الاجتماعي والسياسي الذي يحل فيه· تمثل ذلك في تغييره ألقابه· فهو الأفغاني، والحسيني، والكابلي، والاسطنبولي والأسد آبادي، ولم يقتصر الأمر على ألقابه، بل كان زيّه يتبدل حسب ظروف وتقاليد المجتمع الذي يحل فيه، فمن العمائم السوداء والبيضاء، والخضراء إلى طربوش أزهري أو تركي، وعقال وكوفية حجازية· أرجع الأفغاني، في كتاباته، تخلف الشرق إلى أمرين، التعصب الديني واستبداد الحكام، ودعا إلى الحكومة الدستورية والى الشورى كفلسفة حكم وليس كنظام مفصل وجاهز لكل زمان ومكان، وطالب بتعليم المرأة ودافع عن حرية الصحافة، ورأى أن الغرب نهض بالعلم والعمل وانحط الشرق بالجهل والكسل، وهو القائل: جمود بعض المتعممين أضر بالإسلام والمسلمين· أوضح الدكتور علي محيي الدين القره داغي في دراسته ''حاجة الأمة الإسلامية إلى فكر جمال الدين الأفغاني للإصلاح'' أن المنهج الإصلاحي عند الافغاني يقوم على أربعة عناصر رئيسية· أولها، العودة إلى القرآن الكريم· ففي نظره كتاب الله الخاتم من أكبر الوسائل في لفت نظر ''الإفرنج'' إلى حسن الإسلام، فهو يدعوهم بلسان حاله إليه· لكنهم يرون حالة المسلمين فيقعدون عن اتباعه والإيمان به· فالقرآن وحده سبب الهداية وأساس الإصلاح، والسبيل إلى نهضة الأمة· وثانيها، الدعوة إلى إحياء الاجتهاد وتجديد الفكر وتصحيح الفهم ونبذ التقليد والتعصب الأعمى وإحياء السنن وإماتة البدع والخرافات، خالصا من الشوائب، بعيدا عن الشعوذة والانحرافات، وإلى تشجيع العلم والإبداع والابتكار، والأخذ بالأحسن في كل شيء من العلم والعمل بعيدا عن الإفراط والتفريط· وثالثها، الجامعة الإسلامية، فقد سعى بكل الوسائل لتوحيد الأمة الإسلامية، وتحقيق هذا الحلم على أساس الفكر الاسلامي الشامل، حيث تجول في العالم الإسلامي سعيا لتوحيد الأمة الإسلامية· ورابعها، الدعوة إلى النهضة والتقدم، والحرية وكرامة الإنسان ورعاية حقوقه ومحاربة الظلم والاستبداد والدكتاتورية، حتى عندما أنشأ مع الإمام محمد عبده جمعية العروة الوثقى واصدر صحيفة بالإسم ذاته ، جعل لها أهدافا منها أن تكون منبرا للتحريض ضد الظلم والاستبداد والدعوة إلى التحرير والنهوض· وظهرت على أفكاره بوضوح آلية القياس في موازنة الأمور بين الماضي والحاضر، وبين العرب والغرب، ومقارنة أحوالهم قبل الإسلام في العصر الجاهلي بما بعده، واعتقد جازما بقدرتهم على تخطي أحوالهم، والنهوض من جديد بفضل الدين، الذي أنقذهم سابقاً، وسينقذهم لاحقا· إلا أنه تجاهل أو أغفل الفروق التاريخية والحضارية بين عرب القرن التاسع عشر وعرب الجاهلية قبل ألف سنة الذين ارتفعوا واعتزوا بالإسلام· دفعه شعوره بنقص أدواته الخطابية ومثالية الحلول المتاحة إلى اعتماد خطط مبسطة لتحقيق أمر جلل ومعقد مثل النهضة والتقدم، فدعا إلى فتح باب الاجتهاد واستئناف النظر العقلي في القرآن· وفي هذا السياق تطلع إلى النهضة العلمية والمدنية الأوروبية التي تردد صداها في المشرق العربي، وبخاصة الاكتشافات الفلكية والبيولوجية والتطور في الكائنات العضوية، وغيرها في الفيزياء والكيمياء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©