كثبان شنغهاي

في مدينة شنغهاي الصينية ترتفع كثبان الإمارات الرملية شامخة ولافتة للنظر، في مشهد يبعث بالفخر في النفس، مؤكداً إصرار الإمارات على حجز مكان لها في هذا العالم حاضره ومستقبله. كان هذا هو الانطباع الأولي عندما رأيت الكثبان الرملية ترتفع في معرض اكسبو شنغهاي في الصين، والذي سمعت وقرأت عنه كثيراً، ولكن دائماً ليس من سمع كمن رأى. على مقربة من جناح الصين يقع جناح دولة الإمارات في الجانب الشرقي من المعرض على مساحة 6 آلاف متر مربع وهي أكبر مساحة مخصصة للمشاركين في معرض إكسبو.. وقد أخذ الجناح شكل الكثبان الرملية في تصميم فريد فاز بالجائزة الأولى بين أجنحة المعرض كأكثر تصاميم المعرض إبداعاً. ولن نتحدث دائما عن الأرقام أو الاتساع أو المشاركة النوعية، فليس الكم هو دائما المقياس الوحيد للتميز، والأهم هو كيفية المشاركة ومدى تأثيرها على الآخرين، وفي الحقيقة كان الكيف أيضاً متميزاً ومؤثراً الى أقصى مدى. يعرض الجناح أشكال الحياة في المدن الإماراتية والسرعة التي تمكنت فيها الدولة من بناء مدن عصرية، وكيفية استغلال الموارد واستثمارها لتحسين حياة البشر، وكيفية استخدام الإمارات للتكنولوجيا المستدامة وريادتها على مستوى العالم في المساهمة في توفير حياة أفضل في مدن المستقبل. كل هذا يعرض بشكل شيق من خلال لوحات توضح الأفكار الأساسية التي يقوم عليها المعرض، وعند دخول الجناح تشاهد فيلماً قصيراً يستعرض مسيرة تطور الإمارات منذ فجر تأسيسها لينتقل بعدها إلى مكان أوسع تستخدم فيه التكنولوجيا التفاعلية والوسائل السمعية والبصرية لتقديم نماذج الحياة اليومية للأسرة الإماراتية ومن هناك إلى مسرح يعرض رحلة أحلام افتراضية إلى دولة الإمارات والمقومات السياحية الرئيسية فيها، وما أعجبني وآثار دهشتي هو كم المعلومات الكبيرة التي يحصل عليها الزائر في وقت قصير، وهذا هو سر تميز الجناح، وتأثيره بين الدول الأخرى المشاركة التي يصل عددها إلى أكثر من 205 دول ومنظمات دولية، ويستمر المعرض بنفس الشكل والصورة لمدة 184 يوماً، وحتى الآن شهد زواراً بالملايين. وبالتأكيد لابد وأن تشعر بالفخر وأنت تشاهد الفكرة الرئيسية للجناح والمفهوم الذي انصب على أساس مفهوم المعرض بشكل عام وهو (مدينة أفضل، حياة أفضل) وبالفعل استطعنا أن نقوم بتوصيل رسالة مفادها أن الإمارات هي المكان الأفضل لحياة أفضل في الحاضر وفي المستقبل بإذن الله. وقد يكون السبب الرئيسي في نجاح جناح دولة الإمارات في هذا المعرض تعودي إلى الاستغراق في المحلية والثقافة الإماراتية، بجوار استخدام أكثر وسائل التكنولوجيا تطوراً في عرض هذا التراث وهذه الثقافة، فقد استخدم الجناح الإبداع الفني والتكنولوجي في عرض البيئة والطبيعة والنمو الحضاري جنباً الى جنب تحت سقف واحد. وأكثر ما أسعدني في الحقيقة هو أنني عرفت أن الجناح سيتم تفكيكه بعد انتهاء المعرض ونقله إلى موقع دائم، ليكون شاهداً بشكل دائم على هذا النجاح، وليتمكن عدد أكبر من الناس من مشاهدته، وكان أكثر ما أسعدني أيضاً من تعليقات على المعرض، هو تعليق البرفيسور جون روبير بوتيه عضو رابطة ناشيونال جيوجرافيك ورئيس معهد هافي في فرنسا الذي قال إن الجناح يعطي صورة حقيقية عن الإمارات وأن الإمارات تعطي صورة جيدة عن الدول الإسلامية.. وهي كلمات لابد أيضا أن تشعرنا جميعاً بالفخر.. إبراهيم الذهلي | رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية