الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء الدين: تنوع البشر حكمة وأمر رباني عظيم

علماء الدين: تنوع البشر حكمة وأمر رباني عظيم
7 يوليو 2017 01:25
حسام محمد (القاهرة) يسعى المتشددون والمتعصبون والمتطرفون من شتى الأديان إلى محاولة إثبات أنهم وحدهم على الحق وغيرهم على الباطل، ويبذلون في ذلك قصارى جهدهم، رغم أن الله عز وجل جعل التعددية سنة من سنن الكون&rlm وخلق العالم مختلفا في العقائد والأرزاق&rlm، &rlmوالأشكال، &rlmوالأجناس&rlm، والألوان&rlm، ليثبت للخلائق جميعا دلائل الإرادة الإلهية، لكن المتعصبين لا يقبلون بالتعددية بأي شكل، ومن هنا تظهر حركات العنف والإرهاب التي تستهدف المختلفين معهم. حكمة عظيمة بداية، يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: &rlmإن طبيعة اختلاف البشر أمر إلهي بحت ومن يرفض الأسود لأنه أبيض أو العكس فإن ذلك يعني أنه يرفض الإرادة الإلهية فالله تعالى هو الخالق الذي تجلت حكمته في خلق الناس ألوانا وهو أعلم بالخلق، وشاءت إرادته أن يخلق الناس مختلفين منهم المؤمن ومنهم الكافر ومنهم الطائع ومنهم العاصي فلو شاء لجعل الناس أمة واحدة، بل إن العلماء أكدوا أن اختلاف الخلق في حد ذاته هو سبب من الأسباب التي تدعو الإنسان حين يتدبر في خلق الله إلى الإيمان بوحدانية الله عز وجل، والواقع يؤكد أن الإسلام أكد على ضرورة الاعتراف بالتعددية الدينية وإمكانية التعايش مع الآخر المختلف دينيا والابتعاد عن العنف وفرض الرأي، وهذا ما قرره القرآن الكريم، حيث قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ»، (المائدة: 105)، وقال: «إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى? فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ»، (الزمر: 41). يضيف د. واصل: ولعل تأسيس الرسول صلى الله عليه وسلم لدولة المدينة المنورة خير نموذج عملي يؤكد قيمة أهمية الإيمان بمبدأ التعدد، ويرسخ لمبدأ قبول الآخر في الإسلام وإن اختلفت المعتقدات والثقافات فالشريعة الإسلامية في حقيقتها تُقِرُّ التعايش السلميَّ بين المسلمين وغيرهم على أسس من الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات، فقد كفلت الشريعة الإسلامية لغير المسلمين من مواطني الدول الإسلامية تمتعهم بالحقوق كافة التي يتمتع بها المسلمون وفي مقدمتها حرية الاعتقاد وتحريم دمائهم وأموالهم وأعراضهم لإرساء مبادئ الإنسانية والتعايش السلمي وقبول الآخر. الحكمة الإلهية الدكتور محمد كمال إمام عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر وأستاذ الشريعة بجامعة الإسكندرية، يقول إن مشيئة الله سبحانه وتعالى قضت منذ بدء الخليقة أن يكون الناس مختلفين حيث يقول الله تعالى في القرآن الكريم: «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ» (هود: 118)، والمؤمن لا يرتاب في أنه ليس في إمكان قوَّة ولا حضارة أن تُبدِّل مَشِيئة الله في اختلاف النَّاس فالتعددية بينَ النَّاس واختلافُهم طبيعة أقرها القرآن الكريم وأقرتها السنة النبوية المطهرة، ورتَّب عليها قَانُونَ العلاقات الإنسانية في الإسلام وهو «التَّعَارُف» الذي يستلزم بالتالي مبدأ الحوار مع من نتفق ومن نختلف معه، وهنا تتضح الحكمة الإلهية من التعددية، وهو أن يستفيد الناس من بعضهم البعض ومن هنا كان من الصعب على الإنسان أن يتصوَّر صَبَّ النَّاس والأُمَم والشعوب في دين واحد أو ثقافة واحدة. ويضيف د. إمام: إن الله تعالى جعل الناس مختلفين ليس في المعتقدات فحسب بل حتى في ألوانهم وفى لغاتهم، لذا كان لابد أن يكون هناك اختلاف بين الناس وحتى لا يظن البعض إننا بهذا نعرض قوله تعالى: «إن الدين عند الله الإسلام» فنحن نؤكد على أن الإسلام هو الدين الذي بعث به الله تعالى الأنبياء جميعا ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إنما جاء ليختم هذا الدين والدليل قوله تعالى في سورة يونس على لسان نبيه نوح عليه السلام: «.. وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (يونس: 72)، وكذلك قوله تعالى عن نبيه إبراهيم عليه السلام: «مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَ?كِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا..»، (آل عمران: 67)، فكل الأنبياء جاؤوا بهذا الإسلام الذي اكتمل في صورته النهائية ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى «.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..» (المائدة: 3)، وهذا لا يعني أن نرفض أتباع الديانات الأخرى فهم لهم دينهم ومعتقدهم والإسلام يحثنا على احترام ذلك طبقا للحكمة الإلهية من الاختلاف.   الاختلاف لا الخلاف يقول الدكتور محمود حمدي زقزوق عضو مجمع البحوث الإسلامية ووزير الأوقاف المصري الأسبق، إن الله سبحانه وتعالى أشار في آيات كثيرة إلى التعددية والثنائية والاختلاف القائم في كل ما أبدعه وخلقه، من إنسان وحيوان وجماد، ومما نعلم ومما لا نعلم، قال تعالى: «خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ. وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَالَا تَعلَمُون»، (سورة النحل: 4-8)، وقد أشار القران الكريم في آيات كثيرة إلى نماذج من الثنائية والتعددية في خلق الكون أو الإنسان أو التعددية في نفسية الإنسان ومزاجه وهي الصورة الواضحة لنا، وقد اعتبر العلماء أن واحدة من أهم حكم التعدد هو عدم وجود الواحدية والأحدية إلاّ له سبحانه وتعالى، ولو أراد الله أن يكون خلقه هذا على نمط واحد وطراز واحد لفعل ذلك جلت قدرته لكنه أراد هذا الاختلاف سنة ليستطيع الإنسان من خلاله عمارة الأرض كي يكون جديرا بمهمة الاستخلاف المنوطة به. يضيف د. زقزوق: من هنا فلابد أن يسعى البشر من الأعراق والأجناس ومن أتباع الأديان أن يعملوا على التعايش في سلام عالمي، وأن تسود ثقافة التسامح وأخوة الإنسان لأخيه الإنسان لأننا جميعا على مختلف عقائدنا وأشكالنا وأجناسنا وألواننا ننتمي إلى أصل واحد ونرجع إلى أب واحد هو آدم والد الجميع «كلكم لآدم وآدم من تراب» باختصار فإن الاختلاف والتعددية بين البشر مهم ومفيد، خاصة أنه يؤدي إلى الرغبة في التقرب من الآخر والتكامل والارتقاء في السلم الحضاري لكن للأسف فإن هناك من لا يستوعب ذلك بما يؤدي به ويقوده حتماً إلى نشوء الخلافات والنزاعات والصراعات على أنواعها ومن هذا المنطلق يمكننا أن نقول إنّ أسوأ العقول هي من تحّول الاختلاف إلى الخلاف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©