الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ونطق الحجر

14 ديسمبر 2009 22:56
عبر الفلسطينيون عن أنفسهم بلوحات جدارية خلال اليوم العالمي لحقوق الإنسان ضد الانتهاكات التي تمارس ضدهم الأسبوع الماضي. وسبق للفلسطينيين أن حولوا الجدار العازل إلى معرض فني تشكيلي يحكي قصصاً ومعاناة خلفها هذا الفصل، كما فعل من قبلهم الألمان في حائط برلين، وكثيرون ممن وقعوا فريسة للفصل التي طبقتها الأنظمة التعسفية. قصص الجدران عرفها الإنسان منذ الأزل، وتفاعل معها بطرق مختلفة نحت ورسم ونقش وكتب عليها. حضارات خلدتها هذه الجدران وحكايات تداولتها على مر الأيام. عرف الفراعنة بالأهرامات، والبتراء عرفتنا بالمدينة الوردية والكثير من عجائب الدنيا القديمة والحديثة التي دخل فيها الحجر وأدخلنا إلى أزمنه مر بها واحتفظ وحافظ على معالمها. جدران، مبان، ومعالم عندما ننطق كلمة جدران فإننا نتكلم عن الملاذ، علاقة الإنسان بالجدار أو بالحجر قديمة جداً استخدمها لبناء المنازل وأماكن العبادة كما استخدمها لبناء المدن والقرى، فأصبحت دليلا على التطور والنهضة وغدت مرآة للمجتمعات فتنوعت وتعددت واختلفت باختلاف المكان والزمان أحيانا. هناك من حافظ عليها كجزء لا يتجزأ من تاريخه وهناك من نسيها ومن تناساها. دائماً كانت الحجارة تعبر عن شعوب، حتى وإن خلت من السلاح فهي لاتخلو من الحجر، وقد ارتبطت بشكل كبير بالفلسطينيين فتربينا على صدى أطفال الحجارة، وشعب الحجارة الذين ارهبوا الأسلحة الثقيلة والخفيفة. بمجرد أن يلمس الإنسان الأشياء من حوله ويتفاعل معها حتى يضفي عليها قيمة فوق ما تحمل من قيمة ومزايا، والاختلاف يكمن فقط بكيفية توظيف هذه الأشياء. جاء الفنانون من شتى أنحاء العالم، وأضفوا روحاً وألواناً على الجدران، عبروا عنه وجعلوه متنفساً لهم ولكل من يشاهد هذا الفن الذي أصبح أهم السمات الثقافية في كثير من البلدان ولمع فيه العديد من الفنانين وأبهر كل من مر بالقرب منه. ونطق الحجر بما لا ينطقه اللسان وربما قبل أن ينطق الإنسان، تكلم الحجر وتكلم ولكن هناك القليل ممن يستطيع أن يسمع له، تكلم الحجر بصمت وقال الكثير لمن ظلموه واستنكروا عليه نعمة النطق. قال إيليا أبوماضي في قصيدته الحجر الصغير: ســمع الليـل ذو النجـــوم أنينـــا وهو يغشى المدينة البيضاء فانحنى فوقها كمســـترق الهمس يطيل الســـكوت والإصغـاء فرأى أهلها نياما كأهـل الكهـــف لا جلبــــة ولا ضـــــوضــــاء ورأى السد خلفها محكم البنــيان والمـــــاء يشـــبه الصحـــراء كان ذلك الأنين من حجر في السد يشــكو المقاديــــر العميـــاء أمينة عوض Ameena.awadh@admedia.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©