الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«غازبروم».. وكسر الاحتكار!

25 ابريل 2015 21:40
ربما تقوم المفوضية الأوروبية، من خلال إعادة تنشيط قضيتها لمكافحة الاحتكار ضد شركة «غازبروم» الروسية للغاز الطبيعي والمملوكة للدولة، بمساعدة خمس دول شيوعية سابقة للحصول على الغاز الروسي بأسعار مخفضة. وعلى رغم ذلك، يمكن القول، إنه ما كان ينبغي عليها الاهتمام بالأمر إلى هذا الحد: فهذه الدول وغيرها تفعل الكثير لتعزيز تنافسية أسواق الطاقة لديها. وروسيا مخطئة في التمسك بنموذج الأعمال المسيّس لشركة «غازبروم». ومن مصلحة الجميع تحويل الشركة إلى أكثر من مجرد لاعب في السوق. وتقول المفوضية الأوروبية: إن «غازبروم» ترتكب ثلاثة أخطاء: فهي تعيق مبيعات الغاز عبر الحدود إلى بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا، وهي أيضاً تحصل على أسعار غير عادلة من أول خمس من الدول السابق ذكرها، وتجعل إمدادات الغاز مشروطة بزيادة سيطرة «غازبروم» على البنية التحتية في بلغاريا وبولندا. وفي المقابل تزعم «غازبروم» أن هذه الاتهامات «لا أساس لها من الصحة»، ولكن بعد النقاش مع «مارجريت فيستيجر»، مفوضة شؤون التنافسية في الاتحاد الأوروبي، ربما توافق الشركة على تغيير سلوكها. وقد تتجنب غرامة، ربما تصل في أسوأ سيناريو محتمل إلى 10% من الإيرادات السنوية للشركة، أو 10,3 مليار دولار، استناداً على بيانات 2014. والسبب الذي سيجعل «غازبروم» تسوي هذه الاتهامات- كما كانت تعتزم قبل قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم العام الماضي- هو أن المورّد الروسي يدرك أنها يجب أن تتكيف مع التغييرات في السوق الأوروبية. ويعتبر التسعير هو القضية الرئيسية والأكثر إثارة للجدل. فشركة «غازبروم» تفرض قيوداً على إعادة البيع لحماية الأسعار المتباينة التي تضعها لدول مختلفة. أما بالنسبة للبنود التي تتعلق بالبنية التحتية، فهي غير مستدامة على أي حال، لأن أوروبا أكدت أنها ستلغيها، كما فعلت مع مشروع خط أنابيب «ساوث ستريم» الذي لاقى مصيراً سيئاً. ومع ذلك، فإن «غازبروم» يمكنها بالكاد الدفاع عن الطريقة التي تربط بها أسعار الغاز الطبيعي بأسعار المنتجات النفطية. وكانت النقطة في الأساس هي التأكد من أن المستهلكين لن يتحولوا إلى زيت الوقود عندما يصبح أرخص، كما أشار «جوناثان ستيرن» و«هوارد روجرز» من معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، بيد أن هذا المنطق أصبح «مشكوكاً فيه بدرجة متزايدة» حيث إن الغاز «حل محل النفط في القطاعات المحلية وقطاعات توليد الطاقة». والآن، صار للغاز منافسون آخرون، من بينهم الطاقة المتجددة والفحم الرخيص الذي يتم استيراده من الولايات المتحدة. كما ظهرت في العقد الماضي أيضاً أسواق فورية للحصول على الطاقة، وقد ساعدتها زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من قطر واليمن وبيرو وروسيا نفسها. وقد قررت المفوضية الأوروبية التدخل لدى الدول التي تقل أو تنعدم فيها المنافسة لـ«غازبروم». وبادرت ليتوانيا وبولندا ببناء محطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، كما أن لاتفيا وإستونيا لديهما محطات مماثلة. ومفهومٌ أن قضية مكافحة الاحتكار ليست بديلاً عن التنويع: ويعلم بعض جيران روسيا أيضاً أنها ليست شريكاً موثوقاً به للغاية، وأنها عرضة للخلط بين السياسة والأعمال. وسرعان ما ستصبح أسواق الطاقة في هذه الدول بنفس قدر تنافسية أسواق وسط أوروبا، حيث لا توافق المفوضية الأوروبية على تسعير «غازبروم». وعاجلًا أم آجلاً، ومع أو بدون تدخل «فيستيجر» مفوضة شؤون التنافسية، فإن المورّد الروسي سيتعين عليه التفاوض على شروط جديدة. ولا أحد في أوروبا يتحدث عن إلغاء الغاز الروسي تماماً من حزمة مصادر التموين بالطاقة. ولكن على المدى القريب إلى المتوسط، فستكون لكل دولة مصادر بديلة للطاقة، ولن تكون «غازبروم» قادرة على إملاء شروطها. وعلى رغم ذلك، فلا يزال لديها المال الكافي لتظل قادرة أيضاً على المنافسة. وفي العام الماضي، بلغت تكلفة الإنتاج لديها 1,20 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، في حين أن متوسط سعر التصدير وصل إلى 11,6 دولار لكل وحدة حرارية. وفي خطابه الأخير، شكا «أليكسي ميلر»، الرئيس التنفيذي لشركة «غازبروم»، بمرارة من النقد الأوروبي لسياسات التسعير في «غازبروم»، بيد أنه أضاف قائلاً: «سنعمل مع هذه النماذج وبموجب هذه القواعد التي ستكون سارية في السوق الأوروبية». وهذا يعني كما يقول المنتقدون أن ممارسة الكرملين التقليدية فيما يتعلق باستخدام «غازبروم» كأداة سياسية في أوروبا لم تعد صالحة لهذا العالم. وعلى أي حال، فهي لم تكن مفيدة: فبالكاد يمكن القول إن أكثر الدول اعتماداً على الغاز الروسي هي أقوى المؤيدين لروسيا في الاتحاد الأوروبي. وعلى العكس تماماً، فإن بولندا ودول البلطيق تدعو أوروبا باستمرارللاستعداد لهجوم محتمل من قبل روسيا. غير أنه من الأفضل للرئيس بوتين أن يبدأ في معاملة «غازبروم» كلاعب في السوق، وليس كنوع من الأداة الاستراتيجية. ليونيد بيرشيدسكي * * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©