الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مآسي المتوسط.. كارثة إنسانية

25 ابريل 2015 21:39
موتٌ بالجملة تشهده هذه الأيام مياه البحر الأبيض المتوسط، الذي صار هو أخطر منطقة للمهاجرين في العالم، إذ ابتلعت مياهه 3279 شخصاً في 2014 الماضي، وهو عدد قد نعتبره يوماً ما صغيراً إذا استمرت الاتجاهات الحالية لنسب ضحايا «قوارب الموت». وفي هذا الشهر، الذي لم ينته بعد، أُعلن عن فقدان ما يصل إلى 2000 من مواطنينا العالميين، الذين غرقوا في البحر قبالة السواحل الليبية على الأرجح، وهو ما يمثل ضعف ما سجلته المنظمة الدولية للهجرة، التي أرأسها، في مثل هذه الفترة من العام الماضي بعشرين مرة. وفي الأسبوع الماضي، تلقت المنظمة تقارير تفيد بموت 400 مهاجر في انقلاب قاربهم في 14 أبريل جنوب مالطا، و50 آخرين يوم الجمعة، وما يصل إلى 800 شخص قبالة السواحل الليبية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي يوم الاثنين، أفادت تقارير بوجود قاربين آخرين يغرقان في البحر- أحدهما يقل على متنه ما بين 150 و200 مهاجر، والآخر 300 مهاجر. ويحكي الناجون من هذه الرحلات البحرية قصصاً مروعة عن الحرمان وسوء المعاملة اللذين كان ينبغي ألا يرغم أي إنسان على تكبدهما. ففي يوم الجمعة، أفادت تقارير بأن عصابات لم تجد حرجاً في أن تضع على متن أحد القوارب أكثر من 20 ضحية مصابين بحروق- من بينهم طفلة رضيعة لم يتجاوز عمرها ستة أشهر- بعد أن شب حريق بمنزل «آمن» في ليبيا كان المهربون يحتفظون فيه بالمهاجرين في انتظار موعد العبور إلى الضفة الأوروبية. وعلى ما يبدو، فإن المجرمين الذين ينظمون هذه الرحلات ارتأوا أن الإبحار بالمصابين والمصابات أهم من نقلهم إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية. ولمَ لا؟ فمعظمهم دفع ثمن العبور الذي يناهز 500 دولار للشخص الواحد مقدماً. وكانت المنظمة الدولية للهجرة أحصت في 2014 أكثر من 5 آلاف حالة موت لمهاجرين أثناء عمليات العبور على صعيد العالم، ثلثاها تقريباً وقعا في البحر المتوسط. وإذا كان مسؤولو المنظمة قد عبّروا قبل نحو شهر عن خشيتهم من أن ترتفع حصيلة القتلى هذا العام إلى 6 آلاف قبل أعياد لميلاد، فإننا بتنا اليوم نعتقد أنها قد تبلغ هذا الرقم قبل شهر يوليو المقبل. إننا في إيقاظ ضمير العالم بشأن مآسي المهاجرين، الذين يجازفون بكل شيء من أجل الحصول على فرصة للعيش بكرامة وأمن، وهما شيئان يعتبرهما كثيرون منا من المسلّمات. ولكن إحصاء الأشخاص الذين يقضون في البحر لا يكفي وحده، بل علينا أن نفعل شيئاً للحد منه. فهذه ليست مشكلة متوسطية فحسب، أو حتى أوروبية، بل هي كارثة إنسانية تتطلب انخراط العالم كله. فزلزال هايتي في 2010 لم يكن مسألةً تهم نصف الكرة الأرضية الغربي فقط، وكذلك الحال بالنسبة لتسونامي المحيط الهندي في 2004. وإذا كانت هاتان الكارثتان قد قوبلتا بتحرك دولي عاجل وتدفق للمساعدات الإنسانية، فكذلك ينبغي أن يحدث هذا في حالة مآسي المتوسط. وفي هذا الصدد، يتعين علينا أن نرحب بالهاربين من مناطق النزاعات. وقد فعلت الولايات المتحدة ذلك عدة مرات خلال الأربعة عقود الماضية مع مهاجرين من هايتي وأميركا الوسطى، وأماكن أخرى. وعلى الولايات المتحدة وبقية العالم أن يفعلا ذلك الآن أيضاً من جديد، مع المهاجرين الفارين من الشرق الأوسط وأفريقيا عبر ليبيا. كما يتعين علينا أن نطلق حملة إنقاذ بغض النظر عن قسوة الظروف وصعوبتها. فمما لا شك فيه أن الظروف صعبة وقاسية في ليبيا، حيث تقدّر المنظمة أن ما يصل إلى 300 ألف مهاجر غير شرعي عالقون هناك حالياً، وخاصة منهم السوريين والمهاجرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الذين يكابدون المهالك من أجل بلوغ الساحل. إننا لا نواجه أعمالاً طبيعية عشوائية في هذه الأزمة، وإنما جرائم من صنع البشر. ولذلك، علينا أن نجد هذه المنظمات الضالعة في التهريب ونحددها ونحاكمها، عبر إعمال وتسخير قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي ضد المهربين المجرمين إن اقتضى الأمر ذلك، ولاسيما أن الجرائم ضد الإنسانية يمكن أن تتابع قضائياً من قبل أي حكومة وعلى أي قارة، طالما توافرت عناصرها. فالشهود كثر، والأدلة تجمع بشكل يومي، ووحدها الإرادة لإنزال العقوبة بالجناة هي الغائبة. ويليام لايسي سوينج * *المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©