الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القروض الصغرى في الهند... انتعاش كبير

2 يوليو 2010 21:43
كلما احتاج "جاجيندرا" وزوجته إلى قرض وجدوا أمامهم مجموعة من الخيارات في بلدتهم الصغيرة التي تبعد حوالي ست ساعات عن مدينة بانجالور، فعلى مدى الخمس سنوات الأخيرة استقرت في بلدتهم خمس مؤسسات مختصة في تقديم القروض الصغيرة إلى الفقراء، هذا بالإضافة إلى مؤسستين غير مسجلتين توفر نفس الخدمات لسكان القرية، لذا لم يتردد الزوجان في الاقتراض من تلك المؤسسات لتصل ديونهما إلى 50 ألف روبية أي ما يناهز ألف دولار، وبخلاف البنوك ومجموعات التوفير والادخار التي تفرض العديد من الشروط والوثائق يقول "جاجيندرا" إن كل ما تطلبه مؤسسات القروض الصغرى "بطاقة توزيع الحصص وصورة شخصية"، والحقيقة أن القروض الصغيرة لم تكن ميسرة لسكان ولاية "أندرا باراديش" كما هي عليه اليوم حيث تحولت الولاية الهندية الجنوبية إلى مركز انتعاش قطاع القروض الصغيرة، وهو النظام الذي أثبت نجاحه على مدى العقد الأخير في مساعدة الفقراء إلى درجة أن رائده ومؤسس فكرته "محمد يونس" حاز على جائزة نوبل للسلام في العام 2006 تتويجاً لجهوده في هذا المجال. وفي السنوات الأخيرة امتد الانتعاش الذي شهده القطاع إلى الهند ليتحول قطاع القروض الصغيرة غير الربحي إلى وجهة مغرية تستقطب الاستثمارات الخاصة التي أغرتها العائدات المرتفعة ومقاومة القطاع للهزات الاقتصادية رغم الركود العالمي، فقد شهدت مؤسسات القروض الصغرى ارتفاع محافظها المالية من 252 مليون دولار إلى 5.2 مليار دولار بين 2005 و2009 وذلك حسب المعطيات التي جمعتها "سادهان"، الهيئة التي ينضوي تحتها قطاع القروض الصغيرة في الهند. وفي السنة الماضية لوحدها صعد عدد المقترضين بنسبة 59 في المئة ليصل إلى أكثر من 22 مليون شخص هذا في الوقت الذي ارتفعت فيه المحفظة المالية بنسبة 56 في المئة، وباحتساب البرامج الحكومة للقروض الصغيرة نجد أن القطاع شهد نسبة ارتفاع إجمالي فاق 70 مليون مقترض بحجم سوقي وصل إلى 5.7 مليار دولار، لكن النمو الصاروخي الذي شهده قطاع القروض الصغيرة وإسراع الاستثمارات الخاصة إلى ضخ الأموال في مؤسسات القروض الصغرى التي تناسلت في الهند على نحو كبير دفع بعض الخبراء إلى التعبير عن قلقهم من احتمال تحول هذا التوجه الاستثماري إلى فقاعة، لا سيما في ظل التوسع الكبير الذي عرفه القطاع والسرعة التي تم بها ذلك، ناهيك عن تركز مؤسسات القروض الصغرى في حيز جغرافي بعينه، حيث يشير المتخوفون إلى نماذج عالمية شهدت تخلفاً عن سداد القروض ودخل فيها القطاع إلى أزمة خانقة، وهو ما يعبر عنه "سنجاي سينها"، المدير التنفيذي إلى إحدى المراكز في نيودلهي التي تتابع عمل وتطور مؤسسات القروض الصغرى قائلا "عندما تصل الأمور إلى نوع من السعادة الغامرة بسبب ما يدره القطاع من أرباح فإنك لا تستطيع تحجيمه إلا إذا انفجر من الداخل"، محيلا إلى نموذج القروض عالية المخاطر التي أشعلت الأزمة المالية في الولايات المتحدة، وفي هذا السياق أظهر تقرير صادر عن "المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء" خلال شهر مارس الماضي نسبة الاستثمارات الخاصة للمؤسسات هو أكبر بست مرات من أصلها الصافي، وأكبر بثلاث مرات من المتوسط العالمي، بحيث يدفع التدفق الكبير لرؤوس الأموال إلى تقييمات غير حقيقية لأصول المؤسسات وقيمتها السوقية، وقد أظهرت تجارب عالمية مدى الخطورة التي ينطوي عليها القطاع بعدما شهدت بلدان مثل البوسنة ونيكاراجوا وباكستان أزمات في تسديد المقترضين للديون المستحقة عليهم ما دفع بالعديد من مؤسسات الإقراض الصغرى إلى إغلاق أبوابها. وبوجود أكثر من 400 مليون شخص في الهند خارج إطار الخدمات البنكية حسب إحصاءات البنك المركزي الهندي باتت الهند إحدى أكبر الأسواق العالمية في مجال مؤسسات الإقراض الصغرى، فبتقديم قروض صغيرة بنسبة فائدة منخفضة تقل عن باقي المقرضين المحليين، لكنها أقل من نسبة البنوك، تمكن الفقراء من الحصول على الائتمان الضروري لتسديد قيمة مشترياتهم الكبيرة، أو بدء أعمال صغيرة، وفي الهند تنقسم القروض الصغيرة إلى قسمين: النظام القديم الذي يعمل على توفير مدخرات المواطنين ومنح قروض يوفرها بنك تابع للقطاع العام. ونظام جديد تقوم بموجبه مؤسسات خاصة بتقديم قروض مباشرة إلى الأشخاص؛ لكن الانتعاش الكبير في مجال الإقراض تقوده بالدرجة الأولى مؤسسات القروض الصغرى التي تعتمد على إجراءات ميسرة وسياسات صارمة في السداد إلى درجة أن العديد من تلك المؤسسات التي كانت غير ربحية في البداية تحولت إلى شركات تدر مداخيل مهمة بعدما توسعت في أعمالها وزادت ربحيتها. وتغطي المؤسسات المهمة للقروض الصغرى في الهند التي يصل عددها إلى 27 من أصل 230 خضعت لتحليل خدمات التنمية الحكومية التي أصدرت تقريرها في العام 2009 عن حالة القطاع نحو 88 في المئة من إجمالي السوق الهندية في مجال القروض الصغرى. وفي هذا الصدد تحولت "إس كي إس" للقروض الصغرى إلى إحدى أكبر المؤسسات الهندية في هذا المجال بعدد مقترضين وصل إلى 3.5 مليون مقترض وبنسبة عائدات على المساهمين بلغت 19 في المئة خلال السنة الماضية، بل إنها ستصبح أول مؤسسة هندية للقروض الصغرى تطرح أسهمها للاكتتاب العام في الشهر المقبل. فيشنافي شاندرا شيكار - الهند ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©