الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الأميركية.. وقلق الحلفاء الآسيويين

24 أغسطس 2016 22:07
يراقب العالم الانتخابات الرئاسية الأميركية بحالة من الحيرة والقلق، ويشعر حلفاء أميركا في آسيا بقلق بشكل خاص فيما يتعلق بإمكانية فك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة. وفي اليابان وكوريا الجنوبية - أهم حلفاء الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادي - يُنظر إلى صعود دونالد ترامب، جنباً إلى جنب مع خطاب يتجه نحو الداخل من قبل آخرين عبر الطيف السياسي الأميركي، كإشارة إلى تحول على نطاق أوسع في مشاعر الرأي العام، وتخشى طوكيو وسيؤول من أن الأميركيين يعتقدون أن الانسحاب من التحالفات والمؤسسات الدولية يمكنه، باستخدام صياغة ترامب، أن «يجعل أميركا بلداً عظيماً مرة أخرى». وقد تم التأكيد على الانعزالية والحمائية في السياسة الأميركية خلال الانتخابات التمهيدية. وفي خطاباته عن السياسة الخارجية، أعلن ترامب أن «أميركا أولاً» ستكون الموضوع الرئيسي لإدارته، وأن منطقة آسيا والمحيط الهادي لا تظهر في عداد رؤيته العالمية على الإطلاق، بيد أن انسحاب الولايات المتحدة، أو إحداث تخفيض جذري في وجودها العسكري في آسيا ليس من شأنه فقط أن يقوض الأمن الإقليمي، لكنه أيضاً سيضعف في نهاية الأمر الولايات المتحدة في الداخل والخارج. وفي حين أن ترامب محقاً في مسألة ما إذا كان العديد من حلفاء الولايات المتحدة هم أساساً من المنتفعين بلا مقابل، فإن هذا لا يمكن أن يقال عن اليابان أو كوريا الجنوبية، وباعتبارهما تحتلان المركز الثالث والحادي عشر، على التوالي، كأكبر اقتصادات العالم، فإن اليابان وكوريا الجنوبية تتحملان جزءاً كبيراً من تكلفة تمركز قوات أميركية داخل حدودهما، فاليابان تدفع نحو 4.5 مليار دولار سنوياً من النفقات المتعلقة بالقاعدة العسكرية الأميركية، بينما تدفع كوريا الجنوبية 870 مليون دولار - أي 75% و40% من التكاليف الإجمالية، على التوالي، وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن تكاليف تمركز القوات في هاتين الدولتين الآسيويتين أقل من استضافتها في الوطن، وبنفس القدر من الأهمية، فإن هاتين الدولتين الحليفتين من الأسواق الرئيسية لصادرات الأسلحة الأميركية، ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بلغت قيمة واردات اليابان وكوريا الجنوبية من الأسلحة الأميركية خلال الفترة من 2014 – 2015 نحو 741 مليون دولار و470 مليون دولار، على التعاقب. فكيف تجعل اليابان وكوريا الجنوبية الولايات المتحدة قوية؟ أولا وقبل أي شيء، من خلال تحالفات تثبت أهمية القيم الديمقراطية المشتركة، والقدرات العسكرية المشتركة والروابط الاقتصادية العميقة. وفي غياب الشراكات مع اليابان وكوريا الجنوبية، ناهيك عن أستراليا، لن يكون للولايات المتحدة وجود حقيقي في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وفي مثل هذه الحالة، ستتحرك الصين سريعاً لملء الفراغ وفرض نظامها الذي يتمحور على الصين. ثانياً، كل من اليابان وكوريا الجنوبية لديهما شركاء نموذجيين في مكافحة الانتشار النووي. وفي الواقع، في حين أن ترامب أشار إلى أنه ينبغي على طوكيو وسيؤول النظر في الخيارات النووية الخاصة بهما في مواجهة كوريا الشمالية النووية، فإن أفضل طريقة لمواجهة بيونج يانج هي من خلال وجود تحالفات قوية مع الولايات المتحدة، بما في ذلك وجود مظلة نووية صارمة، وكما يبدو الأمر مغرياً، فإن وجود اليابان وكوريا الجنوبية النووية من شأنه أن يثير سباق تسلح نووي في المنطقة، ويشل تحالف الدولتين مع الولايات المتحدة ويجعل الصين وروسيا أكثر عدوانية. ثالثاً، تلتزم اليابان وكوريا الجنوبية على حد السواء بتعزيز التجارة الحرة والنظام الدولي الليبرالي القائم على قواعد خلقتها الولايات المتحدة، والتي تعتبر أكبر المستفيدين منه. وقد أقنع المرشحون السياسيون من الحزبين «الجمهوري» و«الديموقراطي» الجمهور بأن الشراكة عبر المحيط الهادي من شأنها أن تضر الاقتصاد الأميركي، في حين أن الولايات المتحدة في الحقيقة ستجني الكثير من هذه الاتفاقية، حيث ستزيد الدخول الحقيقية بنحو 131 مليار دولار، بالإضافة إلى زيادة الصادرات السنوية بنحو 357 مليار دولار، وفقاً لتقديرات المحللين. وستسمح اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي للولايات المتحدة بأن تستمر في وضع القواعد فيما يتعلق بالتجارة بدلاً من التعرض لنظام مصمم من قبل دولة أخرى. وبطبيعة الحال، إننا لا نعرف حقاً كيف سيتناول ترامب آسيا في البيت الأبيض. وفي حال فوزه بالرئاسية، يقول ترامب إن عدم القدرة على التنبؤ بما سيفعل سيكون هو سلاحه السري - بدلاً من إطلاع الحلفاء والخصوم على ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة في موقف بعينه، فهو يأمل أن تكون له اليد العليا من خلال جعلهم في حالة تخمين. ظاهرياً، يحارب ترامب ما وصفه أستاذ العلوم السياسية «ستيفين والت» بـ«إدمان المصداقية» الذي يمكن أن يجعل الولايات المتحدة متورطة في حروب مكلفة فقط من أجل التأكيد على قراراها. لقد ارتكبت الولايات المتحدة أخطاء، لكن المصداقية هي أمر حيوي في عالم من عدم اليقين - لا سيما في آسيا. وقد أثبتت إدارة الرئيس باراك أوباما أن المصداقية ليست بحاجة إلى شرائها عن طريق القوة، بل يمكنها أن تأتي من خلال صياغة استراتيجيات واضحة تعطي الدول الأخرى الثقة في أن الولايات المتحدة ستواصل حتى النهاية. حتى وإن خسر ترامب في شهر نوفمبر، ينبغي أن تنتبه اليابان وكوريا الجنوبية إلى التأثير السلبي طويل المدى الذي تركته حملته الانتخابية على السياسة الأميركية. ويقدم التاريخ درساً عن كيفية الاستجابة. بعد انتهاء حرب فيتنام في 1975، دعا المرشح الرئاسي في ذلك الوقت جيمي كارتر إلى الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من شبه الجزيرة الكورية. ومع الاعتراف بوجود خوف مشترك من فك ارتباط الولايات المتحدة من المنطقة، وعلى الرغم من العلاقات القوية في السنوات التي سبقت هذا الاقتراح، تعاونت اليابان وكوريا الجنوبية لمعارضة الخطة، وكانت جهودهما المشتركة ناجحة. وبالمثل، فإن أولوية طوكيو وسيؤول اليوم يجب أن تكون مبنية على ذوبان الجليد الذي حدث في العلاقات العام الماضي عن طريق الترتيب لأول زيارة رسمية كاملة وقمة ثنائية بين رئيس وزراء اليابان شينزو آبي ورئيسة كوريا الجنوبية «بارك جيون هاي». لقد أوضحت إدارة أوباما أن مصير الولايات المتحدة مرتبط ارتباطاً وثيقاً باتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، لكن نغمة الانتخابات الحالية ربما تجعل «إعادة التوازن إلى آسيا» في مرحلة ما بعد أوباما يتعذر الدفاع عنها. *رئيس مبادرة إعادة بناء اليابان **أستاذ العلاقات الدولية بجامعة «يونسي» في سيؤول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©