الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حنفي:الإسلام أكبر حضارة اتسعت للتعدد الفكري

حنفي:الإسلام أكبر حضارة اتسعت للتعدد الفكري
25 سبتمبر 2008 23:31
ألقى المفكر المصري الدكتور حسن حنفي مؤخراً في الجزائر محاضرة بعنوان''السلفية والعلمانية·· صراعٌ أم حوار؟''·حضرها أزيد من 300 مثقف جزائري مشتغل بمسائل الفلسفة والفكر والدين والأدب· وفي بداية المحاضرة طرح مقدمها الشاعر جيلالي نجاري إشكالية موضوع المحاضرة عبر عدد من الأسئلة أهمها: لماذا بلغ الصراع بين السلفيين والعلمانيين أشده وساد خطاب العنف ودعوات الإقصاء وانحسرت مساحات الحوار؟ هل من سبيل ثالث بين الطرفين؟ وهل من المستحيل تكوين جبهة واحدة بينهما؟ وهل من جهد فلسفي فكري لتطهير الساحة الثقافية العربية من المشكلات الزائفة والاتجاه إلى المسائل البنائية والإبداعية؟ وهل يمكن تخليص السلفية والعلمانية من الغلو والشطط ورفض الآخر؟ وأجاب الدكتور حنفي على هذه الإشكاليات بتقديم ملاحظة مفادها أن العنف بين الإسلاميين والعلمانيين قد انفجر في بؤر عديدة في العالم الإسلامي· ولاحظ أن هناك مفارقة عجيبة، حيث أصبحنا نحاور أعداء الأمس ولا نتحاور فيما بيننا، وهي إشارة إلى الحوار العربي- الإسرائيلي· وتحسر المُحاضر لهدر دم المسلمين بسبب هذه الصراعات، حيث سقط في الجزائر وحدها أزيد من 120 ألف قتيل في أتون الصراع الدموي بين الإسلاميين والعلمانيين وهذا بسبب عدم قدرتهما على الحوار· وبرغم كل ما سال من دماء إلا أن مظاهر الشطط والتطرف لا تزال سائدة فقد أفتى بعض الشيوخ مؤخراً بإهدار دم مالكي الفضائيات الماجنة، وانتقد حنفي هذه الفتوى بشدة وتساءل: لماذا لا نحاورهم عوض الإفتاء بسفك دمهم؟! وبعدها انتقل المُحاضر إلى محورٍ آخر وهو حصر نقاط الخلاف بين الطرفين، واستعرض قاموسهما اللغوي المبني على ''اللغة الشرعية'' لدى السلفيين ولغة ''الحريات وحقوق الإنسان'' لدى العلمانيين، وأكد حنفي أن الفروق بينهما شكلية بينما الجوهر والمقصد واحد وكل ما ينادي به العلمانيون من حرياتٍ وحقوق وديمقراطية ومساواة موجودة في الإسلام ولو بتسميات مختلفة· وتاريخياً، أبدى الرسول (ص) مرونة إزاء هذه المسألة ولم ير فرقاً بين ''باسم الله الرحمن الرحيم'' و''باسمك اللهم'' أثناء صياغة صلح الحديبية، ولذا طالب المُحاضر كل طرف بقبول لغة الآخر وعدم التحسس منها· وتساءل حنفي عمَّا إذا كان الخلافُ في المنهج، ولاحظ بهذا الصدد أن الإسلامي يبدأ من النص لينزل إلى الواقع بينما يفضل العلماني البدء بالواقع قبل النص، وركز على مسألة ''تعدد الحق النظري'' في الإسلام، لذا يمكنك أن تحكم بأي مذهبٍ شئت، فالتعددية مباحة ونحن أكبر حضارة اتسعت للتعدد، والإسلام يدعو إلى الشورى والمساواة في المواطنة وعدم إيذاء الذمِّيين، وميثاق الإسلام الأول أقر ما يشبه دولة كونفيدرالية في المدينة تجمع مختلف الأمم، والعلمانيون يؤمنون بالديمقراطية وتعدد الرؤى والحقوق والحريات والمساواة في المواطنة وليس هناك فرقٌ جوهري بين الطرفين· وما دام الخلاف ليس كبيراً وأفكارهما واحدة في الجوهر، فأين يكمن وجهُ الخلاف الذي أوصل الطرفين إلى الصراع والاقتتال؟ يجيب الدكتور حنفي بحصر عناصر الخلاف في نقطة واحدة وهي الصراع على السلطة، فكلاهما يريدها لنفسه ويتصور أن السلطة الحاكمة باتت ضعيفة آيلة للسقوط وهو وريثها الشرعي، ونبه إلى أن ''الدولة الأمنية'' لا تسقط، وهي تؤجج عمداً الخلافات بينهما لتضعفهما معاً وتطمئن إلى استئثارها بالحكم، ويجب أن يتفطن الطرفان إلى هذه المسألة ويشرعا في حوار بينهما بهدف الوصول إلى أرضية اتفاق ينتهي بموجبه إراقة الدماء، مع ضرورة إشراك الدولة في هذا الحوار· وفضلاً عن الحوار، نصح المحاضرُ الطرفين بالتحرر من تزمتهما وشططهما فدعا الإسلاميين إلى العودة إلى منابع الحركة الإصلاحية التي تؤمن بالتعددية والتعايش مع الآخر وتتوقف عن الانشغال بالقشور، كما دعا العلمانيين إلى ''أصلاح البيت من الداخل'' والكف عن الاستلاب والانبهار بالغرب واعتباره الأنموذج الوحيد؛ ففي تراثنا القديم نجد أيضاً جذور العلمانية ولسنا بحاجة إلى أخذها من الغرب، ودعا كل الجامعيين والمثقفين والأدباء والوطنيين إلى المساهمة في مشروع الحوار بهدف تحقيق الصلح وحقن دماء الناس· وبعد خلاف في وجهات النظر خلال المناقشة التي أعقبت المحاضرة تدخل الدكتور أحمد وارث لينصح العلمانيين بتجاوز اغترابهم والإسلاميين بتخطي ماضويتهم والسلطة بالتخلي عن أنانيتها وتشبثها الأعمى بالكرسي وهذا لإنجاح الحوار، وسانده الدكتور حسن حنفي بالدعوة إلى نبذ التركيز على الصور المتطرفة للطرفين لأن ذلك سيُوسِّع الهوة بينهما والأفضل الالتفات إلى نقاط الاتفاق والبحث عن المساحات المشتركة، وأكد أن المُصالحة ليست طوباوية، وإذا كانت كذلك فما هو البديل، هل هو إراقة الدماء؟! ودعا إلى تجاوز الاستقطاب وإقصاء الآخر إذ أن لدينا حضارةً مزدهرة بعلم الاختلاف، وذكَّر بمثال علي بن أبي طالب الذي خرج إلى 9 آلاف من الخوارج وأقنع 3 آلاف منهم بالعودة إليه بالحوار وليس بالحرب والإكراه·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©