الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا وكبح جموح التطرف

13 ديسمبر 2009 23:16
تعرّف خريطة الحرية في العالم لعام 2009 التي تصدر عن Freedom House إندونيسيا بأنها دولة "حرة"، أي دولة تحمي من حيث المبدأ الحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها. إلا أن سجل إندونيسيا التاريخي في مجال حرية ممارسة الأديان وحقوق الإنسان، بالنسبة للتقرير السنوي لعام 2009 حول الحريات الدينية العالمية الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية ما زال مليئاً بالمشاكل. ومن التحديات التي تواجهها إندونيسيا في دفع حرياتها الدينية قدماً ظهور مجموعات متطرفة تستخدم العنف لتشجيع أفكارها الدينية، فتأخذ على عاتقها أحياناً التصرف نيابة عن الشرطة أو السلطة القضائية. وعلى رغم أن أعضاء هذه المنظمات لا يشكلون أكثر من خمسة في المئة مما يزيد على 250 مليون إندونيسي، إلا أن تصرفهم العدائي أوجد توترات في البلاد. وقد قامت هذه المجموعات أحياناً، نتيجة فهم خاطئ لمسألة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، بمنع الحفلات الموسيقية والعروض الفنية، وتنظيم التظاهرات الاحتجاجية في الشوارع، وتخريب عروض الأفلام ومناسبات إطلاق الكتب، كما تهاجم الكنائس ومكاتب الجماعات التي تعارض معتقداتها الدينية. وعلى سبيل المثال، هدّد مئات من أعضاء جماعة متطرفة يوم 27 أغسطس الماضي جموع طائفة دينية أخرى مخالفة، في مسجد المبارك في جنوب جاكرتا، مطالبين إياهم بإيقاف نشاطاتهم قبل بداية شهر رمضان. كما قام أعضاء من المجموعة نفسها بالهجوم على صالون في "بوغياكارتا" متّهمينه بعدم الالتزام الأخلاقي. ويعتقد هؤلاء المتشددون أن العنف ضروري للقيام بهذه المهمة، وهو أمر مفعم بالمشاكل بالطبع في دولة دستورية. وقد استعملت الدولة القوة في الماضي للسيطرة على هذه المجموعة، كما اتخذ الرئيس السابق سوهارتو تدابير قوية للسيطرة على ظهور مجموعات كهذه ومنعها، فمنع إنشاء أية مجموعات دينية أو جهود لحشد الجمهور. صحيح أن سياسة كهذه تستطيع أن تحد من أحداث العنف من قبل جهات غير حكومية. إلا أن القمع العشوائي لا يتماشى مع المبادئ الديمقراطية، ويمكن كذلك أن يحد من أعمال المسلمين المعتدلين الذين يعملون بأساليب سلمية. إن على حكومة إندونيسيا الحالية أن تحدد الأساليب الأكثر فعالية في الرد على المجموعات التي تتخطى حدودها. ويتعين على الحكومة الاستمرار في الحفاظ على حكم القانون في التعامل مع مجموعات كهذه، بما في ذلك استخدام سلطتها الدستورية لمراجعة الأنظمة التي تعتمد على الشريعة والمبادئ الإسلامية التي جرى سنّها في العديد من المقاطعات الإندونيسية، والتي يستخدمها بعض الناشطين العنفيين لتبرير أعمالهم وتصرفاتهم. وعلى رغم أن الانتظار قد يطول قبل أن يتم احتواء هذه المجموعات ليصبح لها مكان أفضل ضمن روح الديمقراطية والحرية الدينية في إندونيسيا، إلا أنه كانت هناك بعض المنظمات الإسلامية، مثل معاهد "معارف" و"واحِد"، التي تلتزم بهذا الفرض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال تشجيع التناغم بين المجتمعات الدينية والحكم الرشيد وحماية حقوق الإنسان. ولدى معظم الإندونيسيين توقعات عالية بأن تثبت حكومتهم المنتخبة ديمقراطياً أن الديمقراطية لا تمثّل السلوك الإجرامي أو نهاية الحريات الاجتماعية. وهم يتوقعون كذلك أن تبذل المزيد من المنظمات الإسلامية المعتدلة أفضل جهودها لدعم الديمقراطية والحكم الرشيد واستئصال الفساد والفقر، والحوار بين الأديان والتسامح. محاضر في الدراسات الإسلامية في جاكرتا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©