الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديون اليونان... مصدر قلق للاتحاد الأوروبي

13 ديسمبر 2009 23:16
سارعت الحكومة اليونانية يوم الجمعة الماضي، إلى وضع خطة طوارئ لكبح جماح مشكلاتها المالية وسط مخاوف من أن تؤدي أزمة الديون في اليونان إلى إشعال فتيل الاضطراب في الأسواق العالمية مجدداً. مع عودة البنوك العالمية الكبرى إلى التعافي مجددا، أصبحت المشكلات المالية التي تعاني منها بعض الدول مصدر التهديد الأكبر للاقتصاد العالمي. وعلى الرغم من أن التعهدات اليونانية الحكومية باتخاذ إجراء سريع لمعالجة المشكلة، قد ساهمت في تخفيض درجة الاضطراب في أسواق السندات يوم الجمعة الماضي، فإن المحللين استمروا - مع ذلك - في التعبير عن مخاوفهم ليس بشأن اليونان وحدها، وإنما بشأن بعض الدول الكبرى في منظومة الغرب الرأسمالي كبريطانيا على سبيل المثال. وقد قام المستثمرون الذين أصيبوا بالقلق تجاه قدرة بريطانيا على التعامل مع ديونها المتصاعدة في السنوات القادمة، إلى التخلص من أسهمهم بالبيع يوم الخميس، وذلك في أعقاب نشر خطة الميزانية الجديدة التي لم تحتو على تفصيلات للكيفية التي ستتمكن بها بريطانيا من النهوض من تحت ركام ضخم من الأوراق المالية المصطبغة باللون الأحمر. يبدي المراقبون قلقهم أيضاً من عجز الميزانية المتزايدة في الولايات المتحدة، حيث أصدرت وكالة Moody للتصنيفات الائتمانية تقريراً خلال الأسبوع المنصرم، تحذر فيه من الوضع، وتدعو الولايات المتحدة لسرعة التوصل لخطة لمعالجة هذا العجز، وإلا تدهورت قدرتها على الحصول على المزيد من الائتمان، بما يؤدي إلى فقدان الثقة بها في أسواق المال العالمية. على الرغم من ذلك تظل سندات الخزانة الأميركية ملاذاً آمنا نسبياً، أخذاً في الاعتبار حجم الاقتصاد الأميركي، والمؤشرات المتزايدة الدالة على أنه ربما يسير على طريق التعافي. على النقيض، من ذلك نجد أن اليونان لا تزال تعاني من الركود، كما لا تزال غارقة في الديون بشكل أعمق بكثير من الولايات المتحدة، حتى مع أخذ الفارق في حجم الاقتصادين في الحسبان. وفي الواقع أن الضغط الذي يمارسه المستثمرون على الدول لإجبارها على تقليص عجوزاتها المتزايدة يضع بعض تلك الدول في مأزق صعب. ومعظم الاقتصاديين بما في ذلك الموجودون في صندوق النقد الدولي، يعتقدون أنه لا يزال من المبكر للغاية، أن تقوم الدول بسحب برامجها الباهظة التكلفة لتحفيز الاقتصاد، التي ينسب إليها فضل التحريك الصعب للاقتصاد العالمي مجدداً في الشهور الأخيرة. وقد وعدت حكومة اليونان الاشتراكية الجديدة، والتي تسعى بكل ما لديها من جهد لتهدئة المستثمرين ببيان تفاصيل خطتها العاجلة لإجراء تخفيضات عاجلة في الرواتب وفي الإنفاق الحكومي. ويشار إلى أن التوقعات بإعلان تلك التخفيضات قد خففت الضغط على السندات يوم الجمعة، بعد أكبر موجة بيع مكثف لها خلال عقد كامل. ولكن تلك التوقعات زادت في نفس الوقت من المخاوف المتعلقة بأن الاقتصاد اليوناني سوف يحتاج إلى وقت أطويل حتى يتعافى من عثرته، كما تهدد أيضاً بحدوث اضطرابات مدنية. وكانت الحكومة الاشتراكية التي جاءت إلى السلطة في أكتوبر الماضي، قد وعدت بحماية رواتب الموظفين الحكوميين والإنفاق العام، ولكنها وكما يقول "ديفيد رايلي" رئيس التصنيفات الائتمانية الدولية في مؤسسة Fitch يقول إنها -الحكومة اليونانية" قد فعلت عكس ما وعدت به تماما لأنها وجدت نفسها في حاجة إلى تقليص الإنفاق". ويضيف"رايلي" هذا يمثل جزءاً من المشكلة الائتمانية التي يعانون منها... فهم يقولون إنهم سيعالجون الميزانية ولكن السؤال هو هل هم حقا قادرون على ذلك؟" وعلى الرغم من حقيقة أن هناك في الوقت الراهن عدداً من الدول يحظى باهتمام خاص من قبل المستثمرين الذين يراقبونها عن كثب، فإنه لا توجد هناك دولة تخضع لهذا القدر من التمحيص الذي تتعرض له اليونان". وفي الحقيقة أن الحكومة الاشتراكية هناك قد صدمت المستثمرين من خلال إعلانها أن الحكومة التي سبقتها قد قللت إلى حد كبير من خطورة المشكلات المالية التي تعاني منها البلاد، وأن البيانات التي تمت مراجعتها قد أظهرت أن عجز الميزانية قد وصل إلى 12.7 في المئة من ناتج البلاد القومي الإجمالي - وهو ما يصل إلى ضعف النسبة التي كانت قد أعلنت في وقت سابق - وأن الاقتصاد اليوناني، وبدلًا من أن ينمو قد ظل في الحقيقة يعاني من الركود لما يزيد على عام. وعندما تزايدت الشكوك حول استعداد الحكومة لإجراء تخفيضات كبيرة على الرواتب الحكومية والإنفاق العام، فإن مؤسسة Fitch قامت تلقائيًا بتخفيض تصنيفها للدين اليوناني للمرة الثانية في بحر ستة أسابيع. وقد سعى" جورج باباندريو" رئيس وزراء اليونان الذي كان من المقرر أن يعقد اجتماعات مع الزعماء الاشتراكيين في أثينا اليوم الاثنين لمناقشة موضوع خفض الرواتب إلى تهدئة مخاوف المستثمرين، مؤكدا أن بلاده لن تتأخر عن سداد ديونها البالغة 350 مليار دولار. في نفس الوقت يسعى معظم المسؤولين في أوروبا إلى دفع اليونانيين للتخلص من ورطتهم من خلال إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق. من أبرز هؤلاء المسؤولين رئيس البنك المركزي الأوروبي "جان كلود تريشيه" الذي قال في تصريحات أدلى بها لصحيفتي "ليكو" و"دوتايجد" اليوميتين البلجيكيتين المتخصصتين في الشؤون الاقتصادية:"إذا ما أخذنا في الاعتبار خطورة الأوضاع، فإنني استطيع أن أقول واثقاً إن الحكومة اليونانية ستقوم في المستقبل القريب باتخاذ القرارات والإجراءات الشجاعة المطلوبة لمعالجة هذا الموقف". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: أثينـا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©