الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث

حكايات من التراث
25 سبتمبر 2008 23:11
قال عمرو بن العاص: لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون رأيي، ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون - والله - أني أرى محمداً يعلو الأمور علوا؛ وإني قد رأيت أمراً فما ترون فيه؟ قالوا: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خير· قالوا: إن هذا لرأي! قلت: فاجمعوا لنا ما نهديه له، وكان أحب ما يهدي إليه من أرضنا الأدم· فجمعنا له أدماً كثيراً، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله إنا لعنده، إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري - وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه· قال: فدخل عليه، ثم خرج من عنده، فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه، فضربت عنقه! فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد· قال: فدخلت عليه، فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحباً بصديقي؛ أهديت إليّ من بلادك شيئاً؟ قلت: نعم أيها الملك، قد أهديت إليك أدماً كثيراً، ثم قربته إليه، فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له: أيها الملك، إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطنيه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا· فغضب، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه! ثم قلت له: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه! قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟ قلت: أيها الملك، أكذاك هو؟ قال: ويحك يا عمرو! أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده· قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي، وقد حال رأيي عما كان عليه، وكتمت أصحابي إسلامي· ثم خرجت عامداً إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام الميسم، وإن الرجل لنبيّ، اذهب والله فأسلم فحتى متى؟ قلت: والله ما جئت إلا لأسلم· فقدمنا المدينة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت فقلت: يا رسول الله، إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر· فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان، فبايعته ثم انصرفت· تجارة خرج أبوسفيان في جماعة من قريش، يريدون العراق بتجارة، فلما ساروا ثلاثاً جمعهم أبوسفيان، فقال لهم: إنا من مسيرنا هذا لعلى خطر، لقد قدمنا على ملك جبّار، لم يأذن لنا في القدوم عليه، وليست بلاده لنا بمتجر، ولكن أيكم يذهب بالعبر، فإن أصيب فنحن براء من دمه، وإن غنم فله نصف الربح· فقال غيلان بن سلمة: دعوني إذن، فأنا لها· فلما قدم بلاد كسرى تخلق، ولبس ثوبين أصفرين، وشهر أمره، وجلس بباب كسرى حتى أذن له، فدخل عليه، وخرج إليه الترجمان وقال له: يقول لك الملك: ما أدخلك بلادي بغير إذني! فقال: قل له: لست من أهل عداوة لك، ولا أتيتك جاسوساً لضد من أضدادك؛ وإنما جئت بتجارة تستمتع بها، فإن أردتها فهي لك، وإن لم تردها، وأذنت في بيعها لرعيتك بعتها، وإن لم تأذن في ذلك رددتها، وجعل يتكلم، فإذا سمع صوت كسرى سجد· فقال له الترجمان: يقول لك الملك: لم سجدت؟ فقال: سمعت صوتاً عالياً، حيث لا ينبغي لأحد أن يعلو صوته إجلالاً للملك، فعلمت أنه لم يقدم على رفع الصوت هناك غير الملك، فسجدت إعظاماً له· فاستحسن كسرى ما فعل، وأمر له بمرفقة توضع تحته· فلما أتي بها رأى عليها صورة الملك، فوضعها على رأسه، فاستجهله كسرى واستحمقه· وقال للترجمان: قل له: إنما بعثنا بهذه لتجلس عليها· قال: قد علمت، ولكني لما أتيت بها رأيت عليها صورة الملك، فلم يكن من حق مثلي أن يجلس عليها، ولكن كان حقها التعظيم، فوضعتها على رأسي؛ لأنه أشرف أعضائي وأكرمها عليّ! فاستحسن فعله، ثم قال له: ألك ولد؟ قال: نعم! قال: فأيهم أحب إليك! قال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يأوب· فقال كسرى: زِهْ! ما أدخلت عليّ، ودلّك على هذا القول والفعل إلا حظك! فهذا فعل الحكماء وكلامهم، وأنت من قوم جفاة لا حكمة فيهم، فما غذاؤك؟ قال: خبز البر· قال: هذا العقل من البر لا من اللبن والتمر· ثم اشترى منه التجارة بأضعاف ثمنها، وكساه، وبعث معه من الفرس من بنى له أطما بالطائف، فكان أول أطم بني بها
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©