الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شكراً .. شهادة تقدير ورد للجميل

شكراً .. شهادة تقدير ورد للجميل
1 سبتمبر 2016 08:58
أشرف جمعة (أبوظبي) كلمة «شكراً» لها تأثير عميق في النفوس، هذه الكلمة التي يغفل عنها الكثير من الناس في المواقف التي تستحق الثناء منهم على الآخرين، فهي كلمة ساحرة ترسم البسمة على وجوه الذين أسدوا إلينا معروفاً أو أجادوا في بيئة العمل، أو هؤلاء الذين تدفعهم قيمهم الإنسانية إلى أن يبادروا بمساعدة الآخرين، ومن ثم السعي من أجل تحقيق بعض حاجاتهم. وإذا كانت هذه الكلمة لها دلالة عميقة على من يستخدمها كنوع من رد الجميل ومنح شهادة تقدير للآخرين على العطاء، فإن هناك من لا يتعاطى معها كبراً وتغطرساً وربما جهلاً منه بقواعد الذوق والأخلاق، فماذا يضير كل أفراد المجتمع أن تكون كلمة «شكراً» ديدنهم في المواقف التي تتطلب ذلك بما يؤثر إيجابياً في الآخرين. قيمة إنسانية حول كلمة شكراً وتأثيرها في النفوس يقول البروفسور حمزة دودين أستاذ القياس النفسي في جامعة الإمارات: الشكر قيمة إنسانية عالية وورد في آيات القرآن الكريم، وحث عليها الرسول- صلى الله عليه وسلم- وكلمة «شكراً» من القيم الإيجابية التي تدعم الذات، وهي من ضمن مبادئ علم النفـــس الإيجابي الذي يبحث في كل ما يجعل الإنسان أكثر سعادة ونجاحاً واستقراراً. وهي دائماً نتائجها ملموسة في الحياة تبعث على السعادة، وتدعو للعمل بكفاءة وتجدد علاقات أفراد المجتمع ببعضهم بعضاً، لافتاً إلى أنها عامل أساسي في صحة الإنسان النفسية؛ إذ ترفع مستويات الطاقة الجسدية للفرد في بيئته الاجتماعية ومحيط العمل، من خلال التعامل مع الآخرين في أبسط الأمور وأيسرها. تغيير إيجابي ويشير إلى أن هذه الكلمة على قلة حروفها تستطيع أن تؤثر بشكل مباشر في اعتدال المزاج وتهيئة الفرد نفسياً، لأن يواصل سلوكياته الإيجابية، فمساعدة بعض فئات المجتمع والمحتاجين والأضعف بدنياً تعد من صنائع المعروف، وهو ما يستوجب الشكر بمعناه المعنوي المؤثر. والذي يدعم شخصية الفرد ويملؤها بالتفاؤل، كما أنها تعمل على إحداث تغيير إيجابي في الآخرين ويؤكد أن أفراد المجتمع الذين تتم مكافأتهم بكلمة شكراً يحصلون على نوم جيد من هؤلاء الذين لا يجدون تقديراً من الآخر، خصوصاً أن هذه الفئة التي تجيد تصدير هذه الكلمة للمجيدين في وظائفهم أو الذين أسدوا معروفاً قد يكون لديهم نقص في الثقافة والتربية وهم بذلك يحتاجون إلى تعديل في السلوك، ويؤكد دودين أن كلمة شكراً مرتبطة ببعض القيم مثل التسامح والحب والتقبل والرضا، كما أنها تحفز على التخلص من المشاعر السلبية مثل العدوانية والقلق والشعور بالأنانية والتقليل من قيمة الآخرين. كلمة سحرية لا يخفي محمد مصطفى-موظف- أنه يشعر بالسعادة الحقيقية عندما يجد مديره في عمله يثني عليه ويقول له «شكراً»، لافتاً إلى أن هذه الكلمة كفيلة بأن تجعله يجتهد في البنك الذي يعمل فيه، ويبين محمد أنها نوع من الامتنان والتقدير وتعمل على اعتدال المزاج، خصوصاً أن بعض أفراد المجتمع لا يجيد التعامل بهذه الكلمة ولا يعرف المواطن التي يجب أن تقال فيها، ويؤكد أنه على قناعة بأنها كلمة سحرية تضفي البهجة على المرء، وتجدد نشاطه، وتدعوه للإقبال على الحياة بصورة أكثر إشراقاً. دليل تحضر ويؤكد جرير الكعبي، أن كلمة «شكراً» من فضائل الأخلاق، وأن من يقولها بصدق للآخرين هو إنسان متحضر، ويشير إلى أنها أصبحت نهج الدول المتحضرة، وتعبر عن أرفع درجات الأخلاق، مبيناً أن هذه الكلمة تتجدد معانيها في كل مرة تقال فيها، ويكفي أنها تسعد إنساناً قد يكون بسيطاً أو متفوقاً يحتاج إلى تقدير حقيقي، ويرى الكعبي أن المعقدين نفسياً هم الذين لا يرددون هذه الكلمة في مواطنها التي تتطلب الذكر، وأنه شخصياً يبتعد عنهم لأنهم من النوع الذي يشيع بواعث الإحباط في نفوس الآخرين، ويتمنى لو أن هذه الكلمة السحرية تكون ديدن الناس في أثناء تعاملهم مع الآخرين. هدية ثمينة وتبين هيفاء الأمين -شاعرة- أن كلمة «شكراً» كان لها دور في كل نجاح مرت به في حياتها، لافتة إلى أنها عاشت طوال حياتها زوجة ناجحة وأماً بارة من خلال هذه الكلمة التي ساعدت في شعورها بالسعادة الدائمة، وترى هيفاء أنها موجودة في داخلنا لكونها أداة للتعبير عن الامتنان، لكن هناك من يصعب عليه قولها وهم القاسية قلوبهم الذين يعز عليهم أن يقدموا مكافأة معنوية كهدية ثمينة مغلفة بحروف قليلة، وتلفت إلى أنها أيضاً تدين لهذه الكلمة العجيبة بالكثير في حياتها، فهي قبل أن تؤلف بعض الكتب كانت تبعث ببعض الرسائل إلى الصديقات اللواتي كن يشكرنها على دفء مشاعرها وجمال أسلوبها في آن، وهو ما كان له صدى واسع وأثر بشكل إيجابي في حياتها ككاتبة وشاعرة. صنائع المعروف ويعتقد أحمد عبدالوهاب (موظف) أن «عامل البوفيه» الذي يضع كوب الشاي أمام الموظفين في أعمالهم تبلغ به السعادة مداها حين يسمع كلمة «شكراً»، رغم أنه من مهام عمله تقديم المشروبات لهم، ويلفت إلى أنه يشعر بإنسانيته عندما يساعد عجوزاً، أو يقضي حاجة لإنسان، وعلى الرغم من أنه يقدم ذلك على سبيل أن ذلك من صنائع المعروف، فإنه يشعر بلذة خفية وإحساس عميق بالسعادة عندما تخرج هذه الكلمة صادقة من لسان شخص كنوع من التقدير له. خارج القاموس تذكر سارة أحمد طبيبة، أنها تنكر على الذين أسقطوا كلمة «شكراً» من قاموسهم اليومي، وتشير إلى أنها تنتقد صراحة بعض الذين تقف هذه الكلمة في حلوقهم ولا يشكرون الناس إلا قليلاً، وتؤكد أن المبادرة بتقدير الآخرين ورد الجميل إليهم لا يكون إلا من خلال إظهار الشعور بالامتنان، خصوصاً إلى كل الذين يساعدوننا ويقدمون إلينا المعروف، وهو واجب مفروض على المديرين في المؤسسات، إذ يتعين عليهم شكر موظفيهم، تقديراً لهم على تفوقهم أو حين يطرحون أفكاراً جديدة، ويسهمون في خلق بيئة إيجابية. إدارة الحياة يقول خبير التميز الدولي في أبوظبي الدكتور عماد الدين حسين: «كم شكلت كلمة «شكراً» نقطة انطلاق كبيرة في حياة نماذج ناجحة حالياً في المجتمع، وكم كان لغياب هذه الكلمة تأثير سلبي في حياة آخرين، فهي ضرورة حضارية وقيمة إنسانية وأساس جوهري للتفاعل الأخلاقي بين الناس على المستويات كافة». ويشير إلى أن الشكر يرتفع بالإنسان إلى آفاق الشعور بأنه منتج في الحياة، وأن لديه القدرة على إسعاد الآخرين الذين يفتقدون إلى هذه القيمة التي تميز إنساناً عن غيره هم خارج سرب الحضارة وإدارة الحياة بوعي وذكاء وإنسانية في الوقت ذاته، ويبين أن كلمة «شكراً » لا تنقص شيئاً من قائلها، وإنما تضيف إليه الكثير، فهي دعوة للرقي والتمازج بحنو ورفق مع الإنسان في كل زمان ومكان. مفتاح السعادة تستعيد مقدمة البرامج رحاب عبدالله ذكرياتها مع كلمة «شكراً» وأثرها في حياتها، وتذكر أنها حينما كانت تقدم برامج تلفزيونية، وهي طالبة في الجامعة كانت كثيراً ما تسمع كلمة شكراً على تفوقها، وهو ما مثل لها دافعاً للإنجاز وجعلها دائماً تسعى إلى التميز لافتة إلى أن هذه الكلمة أيضاً غيرت مجرى حياتها في مجال الشطرنج إلى أن أصبحت رئيس لجنة إعلام شطرنج الإمارات، ومن ثم الحصول على درجة الماجستير بتقدير عام امتياز في الإدارة من جامعة نيويورك للتكنولوجيا، وتورد أنها ممتنة لكل الذين ساعدوها على التميز في مسيرتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©