الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عودة الانضباط المالي تهدد باضطرابات اجتماعية

عودة الانضباط المالي تهدد باضطرابات اجتماعية
1 يوليو 2010 22:17
كانت هناك قضية خلافية واحدة في قمة العشرين التي عقدت مؤخرا في تورنتو، وهي ما إذا كان الوقت مناسبا الآن وبعد خروج الدول لتوها من الازمة الاقتصادية، لتطبيق معايير تقشفية صارمة يمكن أن تضر بعجلة النمو وتعمل على توقفها. وتدور هذه القضية في الأسواق حاليا بينما تتأرجح آراء المستثمرين بين مكافأة البلدان على خفض الإنفاق، ومعاقبتها على المخاوف الناتجة عن الانضباط المالي الجديد الذي يقود إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية أو يتسبب في العودة إلى الركود الاقتصادي مرة أخرى. وأعلنت عدد من الدول المتقدمة في الأسابيع الماضية، سلسلة من المعايير لضبط العجوزات العالية في الميزانيات، والمستويات المتزايدة من الديون العامة. ولقيت هذه التدابير من طوكيو إلى مدريد، ترحيبا كبيرا من قبل السندات وأسواق المال في دلالة على إصرار هذه الدول على خفض الديون التي يراها معظم المستثمرين كواحدة من أكبر المشاكل التي تواجه الدول الغربية. وسجل الجنيه الاسترليني 1.50 مقابل الدولار لاول مرة منذ ستة اسابيع وذلك في أعقاب ميزانية الطوارئ التي أعلنتها المملكة المتحدة مؤخرا والتي بمقتضاها فرضت قيود مالية بلغت 113 مليار جنيه إسترليني خلال الخمس سنوات القادمة. كما تساعد السندات الحكومية التي تصدرها وزارة المالية، على زيادة الأرباح، وخفض تكاليف الاقتراض التي تقوم بها الحكومة لأدنى مستوياتها عند 3.2% فقط. وفي اليابان، انخفضت سندات العشر سنوات لمستويات لم تشهدها منذ سبع سنوات، في الوقت الذي قوي فيه الين كرد فعل على الكشف عن أهداف صارمة للمالية العامة التي تزامنت مع اعلان رئيس الوزراء انه ربما ينظر في زيادة ضريبة الاستهلاك. ومع كل هذا، وبالرغم من الدلالات الايجابية والدعم العام الذي تجده هذه السياسات من قبل المستثمرين، إلا أن الأسواق المتاخمة لمنطقة اليورو، مستمرة في الانخفاض. ولا تزال المخاوف تتزايد من أن مشاكل ديون منطقة اليورو كبيرة حقا، ومن أنه ما إذا كانت هناك عزيمة سياسية بالقوة المطلوبة التي يمكن معها القيام بالإصلاحات اللازمة. وفي الواقع، نجد أن عائدات السندات اليونانية والبرتقالية، والتي لها علاقة عكسية بالأسعار، عند أعلى مستوياتها، وذلك قبل تقديم حزمة المساعدات البالغة 750 مليار يورو، في الوقت الذي حققت فيه السندات الاسبانية أرقاما قياسية لم تشهدها منذ العام 2008. وشهد اليورو في أسواق العملات استقرارا معقولا هذا الشهر، بعد تراجع مقابل الدولار إستمر لاربع سنوات. وساعدته على ذلك الخطط المالية الصارمة التي تبنتها العديد من الدول عبر الإقليم. لكن ما يزال المستثمرين غير واثقين من مستقبل العملة الموحدة. وينبع الاهتمام الكبير من أن الحكومات ربما تذهب بعيدا في اتخاذها للتدابير التقشفية مما يعمل على تدمير النمو المطلوب للمساعدة في سداد الديون الكبيرة. كما ان هناك مخاوف من أن العديد من البلدان التي أعلنت عن خطط لخفض عجز ميزانياتها، ربما لا يكون في مقدورها تطبيق هذه الخطط التي قد تقود للاحتجاجات والمظاهرات حينما يفقد العمال وظائفهم وتعاني الشعوب من انخفاض مستوياتها المعيشية. ووافقت ألمانيا حتى الآن على خفض في ميزانيتها، وضرائبها خلال الأربع سنوات القادمة بنحو 80 مليار يورو. كما كشفت فرنسا عن خطط تتعلق بزيادة سن التقاعد، وأعلنت كل من إيطاليا، وإسبانيا عن حزم تقشفية تصل إلى 25 مليار يورو، و15 مليار، على التوالي. أما البرتغال فقد كشفت عن خفض لعجزها بنحو 4.6% في 2011، بينما اتخذت أيرلندا برنامجا تقشفيا صارما لا يزال تحت التنفيذ بعد أن سبقت في تبنيها للمبادرة بميزانية صارمة في ديسمبر الماضي. وتركزت الاحتجاجات بشكل واضح في منطقة اليورو، في حين لم تشهد اليابان، والمملكة المتحدة، وأيرلندا، أي مظاهرات تذكر، حيث يبدو أن الشعوب أكثر قبولا للمعاناة التي تنجم عن القيود المالية. ومع ذلك، فان مظهر مسيرات الاحتجاج التي تعم مدن مثل لشبونة، ومدريد، وأثينا، وروما، وباريس، يعكس رسالة شديدة اللهجة للمستثمرين. ويدعي المستثمرون ان هذه المظاهرات ربما يكون لها تأثير كبير على مصير اليورو، وأسواق السندات، حيث يمكنها إملاء مدى الكيفية التي تعمل بها الحكومات على خفض ميزانياتها. ويقول إستيف بارو من بنك استاندارد “ربما لا يبدو تأثير هذه الأشياء كبيرا مقارنة بأسواق المال التي تملك القوة على تقييد الحكومات وإحداث التغييرات، وليس اتحادات العمال والناخبين. لكن وعندما يبلغ المناخ السياسي هذه الدرجة من السوء، فان ما يهم فعلا هو المفهوم الاجتماعي عن رد الفعل الرسمي، وليس رد فعل أسواق المال”. وساعد قبول الشعب الواضح في المملكة المتحدة، واليابان، وايرلندا، أسواق السندات في هذه البلدان، في الوقت الذي ساعد فيه على قوة الاسترليني، والين. ويدور محور النقاش الأساسي حول قياس مدى صرامة التدابير المتخذة في حزم التقشف، مع الوضع في الاعتبار ان لكل بلد مشاكله المختلفة. وهو النقاش الذي لم يدر بعد في الولايات المتحد التي رفضت تطبيق تدابير تقشفية صارمة في حين أنها ترى الحاجة المستمرة لوجود الحزم التحفيزية لإنعاش النمو. وبإمعان النظر في الوضع المالي لبعض الولايات والمدن الكبيرة، نجد أنها على وشك الإفلاس، ومن هنا ينبع سؤال متى تبدأ أميركا في إصلاح هذا الخلل؟ «عن فاينانشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©