السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاديا الخشن: بين نبي جبران واستشراق سعيد··

فاديا الخشن: بين نبي جبران واستشراق سعيد··
24 سبتمبر 2008 23:43
تقول فاديا الخشن الشاعرة اللبنانية عن الكتاب وكيف شكل ذاكرتها الثقافية: باكرا أبديت عشقي للكتاب وباكرا دخلت نهره لكي أشرب بحس أفقي عمودي، وبالتوق الأقصى ركضت لاهثة للإمساك بتلك الجماليات الهاربة من تجليات الكتاب المتمرسين القادرين على اثارة الدهشة ورفد الحراك الثقافي العام· منذ بداياتي الأولى وعلاقتي مع القراءة علاقة حميمية، علاقة حب تشير إلى الكثير من مهارة الاستقبال الواعي القادر على التفاعل والاستجلاء، بل القادر على الاستقراء وقراءة ما بين السطور أي قراءة ما يضمره النص من اضاءات· نعم لقد كنت استقصي المعاني من مناهلها البعيدة ومقاصدها الممتدة الشاسعة، وكنت اسعى لابرام شبكة العلاقات التي تربط الكلمة بالكلمة والكلمة بالكون والعالم المحيط، وكما لم أكتب يوما بشروط ومقاييس، كذلك لم أكن أقرأ بشروط ومقاييس فقد كنت ألهث وأبذل قصارى جهدي لاقتناء كتاب حديث أو امتلاك كتاب ممنوع رفضا للاستزلام الثقافي وهروبا من شرك الجمود والمراوحة· من هنا لا أعتقد بأنه سيكون من الدقة فعلا تحديد أول كتاب قرأته فاديا التي تقول: كتاب النبي لجبران خليل جبران بداية فالقراءات بحر وكل طرف من البحر بداية لكن كتاب النبي لجبران كان علامة حددت مسار التغيير في فهمي للغة والكون حيث تمكن من أن يقيم خطا فاصلا في مستوى المفهوم المكثف والمعنى المختزل· لقد وضعني أمام رهان الكلمة المعبرة الموحية القادرة على السير، اللغة ببعدها الكوني ذلك البعد الذي لم نكن لنتلمسه بكامل تجليه وعظمته إلا في الكتب السماوية تلك التي من الغبن فعلا خوض غمارها في هذه العجالة لما ضمت من كنوز، إذن فان نبي جبران وضع أمام عيني الربيع مكثفا بزجاجة عطر لما احتواه من شذرات معنوية وخمائر إنسانية اتت كما الحكم بل كما البراهين· نعم هكذا بدأت مولعة بقراءة كل ما يوقفني على عتبات العالم في حركة تطوره وازدهاره ودائما كانت هناك أرخبيلات كنت أتوقف عندها لرصد كل جميل· ولقد شد من أزري ومنذ البداية والدي الذي اقتادني صغيرة إلى المكتبات العامة لقراءة عيون الشعر والأدب عبر أزمانه المتفاوتة ولقد أضاء عملي في مكتبة الإذاعة والتلفزيون بدوره مرحلة حاسمة في الارتقاء والنضج المعرفي حيث بت أنشد الحقائق البعيدة والقراءات الأكثر حداثة تلك التي تضعنا وجها لوجه أمام الطاقات المبدعة وهي تنسج لنا شعرا وأقاصيص· وتقول فاديا عن سيرتها مع الكتاب وآخر المقروءات: كمسيرة الماء الذي يصير بخارا فغيم فمطر كانت مسيرتي إلى أن حظيت بنسخة من كتاب الاستشراق لأدوارد سعيد هذا الكتاب النوعي أدهشني بذاك الحشد الهائل من المعلومات المستقاة من مخزون ثقافي موسوعي هائل لم يكن على كل حال كما تم التوقع الأولي لقراءتنا للعنوان دراسة للشرق كما خلفه الغرب هو جاء إشارة فاضحة إلى العديد من الإشكالات الفكرية والجوهرية تلك التي تسبغ ثقافة الغرب في عملية معاينتها للشرق معاينة تمت في إطار القوة بل شبكة من القوى الاستشراقية لم يأت كدراسة للشرق تاريخا وشخصيات بل جاء توضيحا للقارئ يؤكد تصور الغرب للشرق تصورا استعماريا فوقيا متجذرا في القوة والمعرفة مع الإشارة إلى كيفية تحويلهم المعرفة في الشرق إلى عنصر مؤسساتي وبالتالي إلى جعله هدفا سياسيا واقتصاديا
المصدر: الرياض
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©