الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا يغيب سجل للرواة الشعبيين وتخصصاتهم؟

لماذا يغيب سجل للرواة الشعبيين وتخصصاتهم؟
24 سبتمبر 2008 23:40
صدر في الآونة الأخيرة كتاب توثيقي جديد في التراث الشعبي المعنوي للكاتبة عائشة علي الغيص من رأس الخيمة بعنوان ''دانات من الإمارات''· يضم الكتاب في 199 صفحة 84 مقطوعة شعرية شعبية تتراوح بين بيتين وسبعة أبيات· للكتاب ثلاثة أقسام، قسم للدانات ذات الموضوع الاجتماعي، وقسم للدانات ذات الموضوع الإنساني، وقسم للدانات ذات الموضوع الغزلي، وهو الأوسع مساحة، بحيث ضم 60 مقطوعة، في حين ضم القسمان الأول والثاني 11 مقطوعة و13 مقطوعة على التوالي· وقد اعتمدت الكاتبة خطة ترتيبية واحدة لمواد الكتاب، بحيث تقدم الأبيات الشعرية تحت عنوان أول شطر في المقطوعة، ثم تشرح الكلمات العامية التي ترى من الضرورة شرحها، وفي الأخير تقدم شرحاً للأبيات· تأتي أهمية الكتاب من زاويتين، الأولى من كونه يجمع المقاطع الشعرية مجهولة المؤلف من الذاكرة الجمعية للمجتمع، وقد أشارت الكاتبة إلى أن ''الزمن غيّب عنا أسماء أصحابها'' ودعت كل من يعرف صاحب الأبيات إلى التعريف به· والزاوية الثانية هي انشغال مواطنة تعمل في قطاع التعليم بتخصيص جانب من جهدها ووقتها لتسجيل هذه الأشعار بقصد توثيقها وإنقاذها من الضياع، وفي ذلك تعبير عن وعي مجتمعي بالأهمية القصوى للأدب الشعبي في إطار النسيج الثقافي للهوية الإماراتية· ويذكرني جهد الكاتبة عائشة الغيص بجهد مواطنة مثقفة هي فوزية طارش أرحمة، التي ألفت كتاباً توثيقياً فريداً في مضمونه التراثي حتى الآن هو ''الأغاني الشعبية للأطفال والنساء في دولة الإمارات العربية المتحدة'' الصادر سنة ·1993 إن اهتمام الأفراد من مواطني الدولة بتوثيق ما تصل إليه أيديهم من تراث معنوي يلقي على المؤسسات الرسمية مسؤولية مضاعفة في هذا الاتجاه· ومن علامات هذه المسؤولية ما يلي: 1 - ضرورة تخصيص دروات تدريبية للمواطنات والمواطنين الذين يرغبون في التعرف إلى مناهج الجمع الميداني في حقل الأنثروبولوجيا، من حيث تحديد الموضوع وتحضير الأسئلة والتسجيل وتحرير المادة المجموعة، ومن حيث الإطار النظري الذي يشمل ذلك كله· ولو أن مؤلفة الكتاب الذي نحن بصدده استفادت من هذه الدورات لأضافت إلى جهدها المميز هذا جهداً منهجياً ضرورياً في حقل التوثيق مثل التعريف بالراوي الذي سرد لها هذا المقطع الشعري أو ذاك، وتحديد سنه، والمكان الذي يقيم فيه، والتنبيه إلى مدى إمكانية رواية المقطع الواحد بصيغ لغوية مختلفة، فربما تم تغيير شطر بشطر أو اسم باسم أو فعل بفعل بين روايات عدة· إن هذه المعلومات في غاية الأهمية بالنسبة للباحث الأنثروبولوجي حين يتصدى إلى دراسة مادة هذا الكتاب وغيره من الكتب التراثية التوثيقية· 2 - تقول الكاتبة في متن المقدمة: ''لقد جالستُ الآباء والأجداد واستمعتُ لما اختزنته ذاكرتهم من الموروث الشعبي''· لم تحدد الكاتبة أسماء من جمعت منهم، فقد اعتمدت على علاقاتها الاجتماعية في التعرف إلى من يحفظون ويحفظن الدانات الشعرية التراثية· وهنا يجب التنبيه إلى أن إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة هي الجهة الرسمية الوحيدة في الدولة التي تملك قائمة تفصيلية للرواة في الإمارة، بحيث يوجد لكل راوية سجل خاص به يضم اسمه، وتاريخ ميلاده إن وجد، ومكان إقامته، ورقم هاتفه، ومجال تخصصه في السرد التراثي· وهو ما يسهل على الجامع الميداني حصر الرواة الذين يمكنه الاستفادة من مخزون ذاكرتهم، فهذا متخصص في تراث الغوص، وذاك في الصقارة، وذاك في تراث الإبل، وذاك في الخراريف، وذاك في الشعر والزراعة، وهكذا دواليك· مع الإشارة إلى أن الرواة المسجلين في الشارقة يستفيدون من راتب رمزي شهرياً ليكونوا على استعداد لاستقبال الجامعين الميدانيين وتسهيل مهامهم· وأقترح في هذه المناسبة ضرورة تسجيل الجيل الجديد من رواة التراث الشعبي المعنوي، وهم ممن يتم اختيارهم بعناية فائقة من قبل الجهات المعنية وتتجاوز أعمارهم أربعين سنة، ويتصفون بقوة الذاكرة، والمداومة على مجالسة كبار السن، والصدق في المعلومة· وسيكون هذا الجيل الجديد من الرواة هو الوارث للمخزون التراثي المعنوي، الذي تتم الاستفادة من ذاكرته في السنوات الثلاثين المقبلة· إن عدداً كبيراً من شباب وشابات الدولة من السلع في أقصى جنوب أبوظبي إلى دهان في أقصى شمال رأس الخيمة، مروراً ببقية الإمارات يحفظون ألواناً من التراث المعنوي الشفاهي من تلقاء أنفسهم، وإذا وجدوا العناية الرسمية والإعلامية فسيركزون أكثر على هوايتهم ويدربون أكثر ذاكرتهم لما فيه خير الهوية المحلية· 3 - إن كتاب ''دانات من الإمارات'' ينبه إلى ضرورة تواصل الجهات المعنية مع مواهب المجتمع المدني المهتمة بتوثيق التراث· نعم إن القرارات والقوانين الداخلية والخطابات الإدارية تشير إلى ذلك وتدعمه، لكن الواقع يكاد يكون خالياً من مثل هذا التنسيق· فإذا كان الجامع الميداني التابع لجهة رسمية يعاني الكثير من أجل الوصول إلى راوية متخصص، وإذا وصل إليه قد ينال الترحيب وما يريده من سرديات محفوظة، وقد ينال الترحيب ويتناول القهوة والتمر ويتم الاعتذار له عن تقديم أي معلومة لأسباب تتعلق بالتجاهل وعدم تقديم مقابل مادي أو بانشغال الراوي بأحوال معيشته· إذا كان الأمر على هذا المنوال مع الجامع الميداني التابع لجهة رسمية فما هي معاناة الجامع الهاوي؟ 4 - أقترح ضرورة التمييز بين الإخباري والراوي في السجلات الإدارية التراثية وفتح حوار علمي للتمييز بينهما· ولعل الإخباري هو الذي يقدم معلومات تراثية بصيغة خبرية خالية من أي مسحة جمالية لغوية، بحيث لا يمكن اعتبار ما سرده جزءاً من الأدب الشعبي، ويتعلق الأمر هنا في الغالب بموضوعات قريبة من حقل التاريخ، أي يصدق عليها وصف الصدق والكذب، الخطأ والصواب· أما الراوي أو الراوية بإضافة تاء المبالغة - مثل العلام والعلامة والفهام والفهامة - فإن سرده يدخل في صميم الأدب الشعبي، يغلب عليه جنوح الخيال وإبداع العبقرية الشعبية، وهو لذلك بعيد عن حقل التاريخ، الذي يشترط الوثيقة ويمحص المعلومة ويقارنها بغيرها ولا يقتنع بتاريخيتها إلا بصعوبة بالغة· وإن الخراريف والأمثال والألغاز والذكريات الجمعية كلها تدخل ضمن تخصص الراوية· ومن الطبيعي هنا أن يتم التمييز بين راوية وراوية في حفظ التفاصيل وقوة الخيال والقدرة على صياغة لغة محلية تتسم بجماليات البلاغة الشعبية· 5 - إن الاهتمام الذي يلقاه الشاعر الشعبي من قبل الجهات الإعلامية والثقافية يجب أن ينال منه الرواة الشعبيون نصيباً، بحيث تصدر كتب تعرف بهم وبجهوهم في حفظ التراث المعنوي، ويتم تكريمهم في مناسبات ثقافية ووطنية كبرى ليكونوا نموذجاً صالحاً يقتدى به، خاصة أن مستقبلهم أصبح وراءهم، وصاروا يمثلون عصارة تجارب اجتماعية لا تقدر بثمن· إيزيس وأخواتها ·· عن الملكات ومؤسسة الأسرة في مصر الفرعونية يبدو عنوان كتاب ''إيزيس وأخواتها'' وكأنه خاص بجوانب من حياة الملكات في مصر الفرعونية لكن مؤلفته مرفت عبدالناصر تتطرق إلى بعض تفاصيل الحياة في مصر القديمة مثل فن العمارة ومؤسسة الأسرة· وفي بداية الكتاب تلخص المؤلفة اسطورة إيزيس وهي من أقدم الأساطير المصرية عن ''أول أسرة عرفها التاريخ'' حيث تتزوج إيزيس من أوزير لكن أخاه (ست) يتمكن من قتله وإبعاد جثته عن البلاد، فتنجح إيزيس في إعادته وتخبرها روحه بميلاد ابن لهما فيتضايق (ست) ويمزق جسد أوزير ويبعثره في أرجاء البلاد فتبني إيزيس لزوجها معبدا في كل مكان تعثر فيه على جزء من جسده وتلد حورس الذي يخلص البلاد من شرور عمه وينشر العدل· وصدر كتاب ''إيزيس وأخواتها'' في القاهرة عن دار (نهضة مصر) ويقع في 72 صفحة كبيرة القطع مزودة بكثير من الصور الملونة لمعابد وتماثيل ورسوم على جدران مقابر ترجع إلى عصور مختلفة· وتقول المؤلفة إن موقف إيزيس يتسق مع التقاليد المصرية منذ العصور السحيقة، حيث كان للمرأة دور بارز في مؤسسة الأسرة حتى ''أطلق عليها المصري القديم لقب شريكة الحياة· وربما لا يوجد تمثال أو صورة من صور المعابد لا نرى فيها الرجل والمرأة معا''· وتضيف أن الزواج كان يعقد في مكاتب تسجيل ملحقة بالمعابد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©