«ديموس كراتوس» هي كلمة إغريقية الأصل تعني حكومة الشعب، أو حكم الشعب لنفسه. يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم أو المساواة، إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين. فالشعب بالمفهوم الديمقراطي يحكم نفسه بنفسه، ويعتبر مصدر السلطات في الدولة، فهو الذي يختار الحكومة، وشكل الحكم، والنظم السائدة في الدولة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، بمعنى أن الشعب هو أساس الحكم، وأساس السلطات في الدولة، وهو مصدر القانون الذي تخضع له الدولة.
كانت الامبراطورية العثمانية تستعمر معظم الدول العربية إلى أن أعلن سقوطها رسمياً بعد خسارتها في الحرب العالمية الأولى بتاريخ 1 نوفمبر سنة 1922م، وأزيلت بوصفها دولة قائمة بحكم القانون في 24 يوليو سنة 1923م، بعد توقيعها على معاهدة لوزان، وزالت نهائياً في 29 أكتوبر من نفس السنة عند قيام الجمهورية التركية، التي تعتبر حالياً الوريث الشرعي للدولة العثمانية.
بعد الاستقلال، حلمت الشعوب العربية بالحرية و«الديموس كراتوس» بعد أن تولى أبناؤها مقاليد السلطة، لكن سرعان ما بدأ صراع المتنفذين على السلطة، فاستطاع من كان مسنوداً من دول الاستعمار السابق أن يجلس على كرسي الحكم، إما بالقوة، أو عن طريق الانقلابات العسكرية، فضاع الأمل في الديمقراطية العربية حتى قام البائع المتجول التونسي محمد البوعزيز في 17 ديسمبر 2010، بإضرام النار في جسده تعبيراً عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل الشرطية فادية حمدي. فكان بداية لاندلاع ثورة شعبية في تونس سرعان ما عمت العديد من الدول العربية، فكان «الربيع العربي» الذي بشر ببوادر انفراج ديموس كراتوسي، لكن هذا الربيع تم استغلاله كالعادة من قبل موالي وخدم الأجندات الأجنبية فأجهض Bottom of Form.
حاول الكثير من المترجمين إيجاد ترجمة عربية لكلمة «ديموس كراتوس» الإغريقية فلم يجدوا لها مرادفاً في مفردات لغتنا العربية الزاخرة، ولم يتمكنوا سوى من ترجمتها ترجمة حرفية، فكانت كلمة «ديمقراطية» الدخيلة علينا، وستبقى كذلك حتى نستوعب معانيها وأبعادها الحقيقية، فربما استطعنا أن نجد لها، يوماً ما، مرادفاً يطابق واقع حال نحلم به.
رحم الله شاعرنا الكبير معروف الرصافي الذي قال:
علم ودستور ومجلس أمة
كل عن المعنى الصحيح محرف
أسماء ليس لنا سوى ألفاظها
أما معانيها فليست تعرف
نصّار وديع نصّار
عدد اليوم
