السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشجيع الفاطميين وراء إنتشار تحف الكريستال الصخري

تشجيع الفاطميين وراء إنتشار تحف الكريستال الصخري
24 سبتمبر 2008 23:00
يتفرد البللور أو الكريستال الصخري بالشفافية والبريق الذي يخطف الأبصار والصلابة التي تستعصي على أصلب المعادن وهو في الأصل نوع من الأحجار يشبه الزجاج في شفافيته وكان يشكل منذ القدم بواسطة القطع نظرا لصلابته الشديدة، ولاتزال مصنوعاته سواء في الأواني المخصصة للشرب أو التحف ووحدات الإضاءة تلفت الأنظار بما تمتاز به من صفاء وبريق· وساعد على ازدهار تشكيل البللور في العالم الإسلامي الاعتقاد السائد بأن للشرب في أواني البللور الصخري فوائد طبية وسحرية، فضلا عن أن محاجره كانت تنتشر في بعض أرجاء ديار الإسلام مثل المغرب التي كانت تصدره ومصر التي توصلت إلى قطع البللور من جبال البحر الأحمر منذ القرن الخامس الهجري ''11م'' فاستغنت بذلك عن الاستيراد من المغرب· وذكر الرحالة الفارسي ناصر خسرو وكان قد زار مصر في تلك الفترة، أن هذا النوع الجديد من البللور اجمل من بللور المغرب· واللافت أن اغلب منتجات الكريستال في العصر الإسلامي جاءت من المناطق التي خضعت لنفوذ الفاطميين وهو ما يدل على تشجيع الخلفاء لقطع البللور وتشكيله· وربما أدى اكتشاف البللور في جبال البحر الأحمر إلى انخفاض أسعاره، حتى إن منتجاته كانت تغمر سوق القناديل بالقرب من جامع عمرو بن العاص حسبما شاهد ناصر خسرو وعندما وقعت المجاعة الكبرى بمصر خلال عهد الخليفة المستنصر بالله، وبيعت موجودات خزائن الخلفاء، كانت تحف البللور في مقدمة هذه الكنوز التي تسربت الى أسواق الشرق والغرب· وثمة تحف من البللور تنسب أيضا إلى العراق وإيران في القرن الثاني الهجري ''9م'' ناهيك عن استخدام البللور في ادوات الزينة والحٌلي بالهند طوال عصورها الاسلامية· و آلت اغلب تحف البللور الصخري المنتجة في العصر الإسلامي إلى عدد من كنائس اوروبا ومتاحفها حيث حرص الأوروبيون على اقتناء هذه التحف لأن البللور كان رمزا للنقاء الروحي لما يتميز به من شفافية ولذا كانوا يحفظون به بعض المقتنيات المقدسة· وتنوعت استخدامات القطع التي عثر عليها فمنها قطع كانت تشكل أجزاء من لعبة الشطرنج اغلبها من صناعة مصر في العصر الفاطمي· وتأريخ تحف البللور ليس دوما بالامر اليسير لانه لا توجد سوى قطعتين من هذه التحف تحمل التاريخ المؤكد للصناعة إحداهما ابريق على هيئة حبة الكمثرى ضمن كنوز كاتدرائية سان ماركو في البندقية وقوام الزخرفة المقطوعة في بدن الابريق شريط من كتابة كوفية نصها ''بركة من الله للامام العزيز بالله'' وقد توفي هذا الخليفة الفاطمي عام 386هـ· اما التحفة الثانية المؤرخة فهي حلقة من البللور على شكل هلال في احد متاحف المانيا وعليها بالخط الكوفي ''لله الدين كله الظاهر لاعزاز دين الله أمير المؤمنين'' وقد حكم الدولة الفاطمية في الثلث الأول من القرن الخامس الهجري، والتحفتان كانتا ضمن الكنوز التي بيعت من قصور الفاطميين أثناء المجاعة المستنصرية· ويلاحظ على تحف البللور أن اقدمها تكون زخارفة تامة البروز وأن قطعها في البدن ظاهر بينما نرى في التحف التي ترجع إلى نهاية العصر الفاطمي أن بروز الزخارف بسيط ولا يكاد يفصلها عن بدن التحف او ارضية الرسم· وما وصل الينا من تحف الكريستال متنوع الأشكال والأحجام ومنه أباريق على هيئة الكمثرى وفناجين وقنينات وكؤوس وعلب إضافة إلى قطع الشطرنج· ومن اشهر الاباريق واحد في متحف اللوفر بباريس وأصله من كاتدرائية سان دوني، ويبلغ ارتفاعه 21 سم وعليه زخارف من شجرة فيها مراوح نخيلية يحف بها من الجانبين رسم ببغاء وفوق هذه الزخرفة عبارة دعائية بالخط الكوفي ويظن أن هذه التحفة من صنع صقلية واهداها ملكها النورماندي إلى الكونت ''تبولت'' وهذا النبيل قدمها هدية إلى الأب سوجر المتوفى عام 1151م فأودعها الكاتدرائية حتى آلت إلى متحف اللوفر· وهناك ايضا قنينات اسطوانية بينها ما له رقبة وما لا رقبة له اما زخارفها فمن فروع نباتية، ومن اجملها واحدة في كاتدرائية سان ماركو بالبندقية لها رقبة ضيقة وعليها عبارة دعائية ويزعم القوم هناك أنها تحتوي على نقطة من دم المسيح عليه السلام· وثمة قنينات اخرى من البللور الصخري ذوات جسم كروي ورقبة اسطوانية قصيرة، وآلت واحدة منها إلى المتحف الوطني الكويتي وهي من صناعة مصر الفاطمية في القرن الخامس الهجري وزخارفها مؤلفة من مراوح وانصاف مراوح نخيلية تم صفها لتعطي هيئة تقارب هيئة الطيور· وفي بعض المتاحف والمجموعات الاثرية اباريق على هيئة الكمثرى ولكنها ذوات فصوص ومنها واحد في متحف تاريخ الفنون بفيينا له مقبضان جميلان ويقال إنه كان ضمن جهاز الاميرة الاسبانية ماريا تيريزا الزوجة الأولى للقيصر ليوبولد الاول وتوفيت عام 1673م· والراجح لدى مؤرخي الفنون أن هذه التحفة البديعة ترجع صناعتها إلى القرن الخامس الهجري ومصدرها مصر الفاطمية· وفي قصر بتي في فرنسا إبريق له مقبض وتتألف زخرفته من رسم بجعتين بينهما فرع نباتي قريب من الطبيعة وفوقها كتابة دعائية بالخط الكوفي· وفي متحف الارميتاج بمدينة بطرسبورج إبريق آخر ذو مقبض قائم الزوايا وحول عنقه القصير شريط به زخرفة من فرع نباتي دائر اما بدنه فعليه رسم اربعة اسود كل اثنين منها متواجهان· وثمة اباريق اخرى معظمها له مقبض مستقيم وفي اعلاه تمثال صغير لحيوان او طائر ليرتكز عليه الابهام عند الامساك بالابريق والبدن مزين بزخارف مقطوعة قوامها حيوانات او طيور او فروع نباتية مرسومة في بعض الاحيان بصورة قريبة من الطبيعة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©