الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توماس أرنولد دعا للتوفيق بين الإسلام والغرب

توماس أرنولد دعا للتوفيق بين الإسلام والغرب
24 سبتمبر 2008 22:37
دعا المستشرق الإنجليزي توماس ووكر أرنولد الى الجمع بين الثقافة الإسلامية والفكر العلمي المنهجي في أوروبا، والتوفيق بين الإسلام والفكر الأوروبي· وعرض في كتاباته للحضارة الإسلامية، مما جعل عددا من الباحثين يصنفونه كأحد أبرز المستشرقين المتعاطفين مع الإسلام، على حد قول الفيلسوف عبدالرحمن بدوي في كتابه ''موسوعة المستشرقين'' ولد توماس ووكر أرنولد في ديفينبورت بإنجلترا في أبريل عام 1864 وتلقى تعليمه في مدرسة بلايموث الثانوية قبل أن ينتقل في سنة 1880 للدراسة في مدرسة مدينة لندن ويلتحق بعد ذلك بكلية المجدلية في جامعة كمبردج سنة ·1882 وفي هذه السن المبكرة اجتذبت الدراسات الشرقية أرنولد فأنجز بنجاح دراسته في الكلاسيكيات ثم أمضى عامه الرابع في كمبردج منكبا على دراسة تاريخ الإسلام ليتم اختياره بعد ذلك لتدريس الفلسفة في كلية عليكرة الإسلامية في المقاطعات المتحدة بشمالي الهند· وأثرت تلك الفترة التي أمضى فيها أرنولد في كلية عليكرة عشر سنوات من 1888 إلى 1898 بشكل عميق في تشكيل نظرته نحو الإسلام حيث شارك أرنولد بحماسة شديدة في خدمة الأهداف التي أسست بمقتضاها كلية عليكرة الإسلامية والتي تقوم على فكرة الجمع بين الثقافة الإسلامية والفكر العلمي المنهجي في أوروبا والتوفيق بين الإسلام والفكر الأوروبي· ومن هنا انطلق أرنولد يشكل مجموعة من التلاميذ الإنجليز والهنود المشبعين باتجاه التوفيق بين الإسلام والفكر الغربي، كما راح يلبس الملابس الإسلامية المعتادة لدى الهنود وألف داخل كلية عليكرة جمعية تدعى ''أنجمن أنعرض'' أي ''جمعية الواجب'' وصار أعضاء هذه الجمعية يهدفون إلى تجديد الإسلام على أساس الجمع بين الثقافة الإسلامية والفكر الأوروبي الحديث· وتماشيا مع هذا التوجه وهذه الحماسة ألف أرنولد أول كتبه المهمة تحت عنوان ''الدعوة الإسلامية'' سنة ،1896 ثم عين بعد ذلك أستاذا للفلسفة في الكلية الحكومية في مدينة لاهور، والتي تحول اسمها فيما بعد إلى جامعة لاهور وكان من أبرز من تتلمذوا على يديه في هذه الكلية الشاعر الباكستاني محمد إقبال صاحب فكرة إنشاء دولة مستقلة للهنود المسلمين وهي دولة باكستان التي أسست لاحقا سنة 1947 بعد استقلال الهند وتقسيمها إلى دولتين الهند وباكستان· ولم يلبث توماس أرنولد أن ترك العمل بالهند عام 1904 حيث عاد إلى لندن وشغل منصب نائب مدير المكتبة في الديوان الهندي في لندن كما كان يقوم بتدريس اللغة العربية في الكلية الجامعية وهي أقدم كلية بجامعة لندن، وفي عام 1909 تولى أرنولد أعباء منصب المستشار التربوي للطلبة الهنود في إنجلترا وكان أول من شغل كرسي اللغة العربية والدراسات الإسلامية بمدرسة الدراسات الشرقية في جامعة لندن سنة ·1917 واستمر أرنولد يعمل على تكوين وتثبيت دعائم قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في تلك المدرسة حتى ازدهر هذا القسم وصار من المراكز الرئيسية للدراسات العربية والإسلامية ومن ثم دعته الجامعة المصرية عام 1930 للعمل كأستاذ زائر بها، لكنه لم يستمر في عمله هذا أكثر من شهور قليلة عاد بعدها إلى لندن حيث توفي في كنسنجتون في يونيو ·1930 وبالرغم من إنتاج توماس أرنولد العلمي القليل والذي تأثر بكثرة الأعمال والمناصب الإدارية التي تولاها إلا أن الأعمال التي قام بتأليفها مثلت مجموعة من أهم الدراسات الموضوعية والمنصفة التي أرخت للإسلام والثقافة الإسلامية بشكل موضوعي ومنصف· ولأرنولد عدد لا بأس به من الأعمال المتنوعة في مجال الدراسات الإسلامية منها ''الدعوة الإسلامية'' 1896 والذي أعيد طبعه سنة 1913 وترجم إلى اللغتين الأوردية والتركية كما ترجم في الأربعينيات إلى اللغة العربية، و كتابي ''المعتزلة'' ،1902 و ''الخلافة'' الذي ألفه بمناسبة زوال الخلافة العثمانية سنة 1924 وتتبع فيه تاريخ منصب الخلافة في الإسلام منذ الخلفاء الراشدين حتى إلغاء منصب الخلافة على يد كمال أتاتورك· و قام أرنولد بتلخيص كتابه ''الخلافة'' في كتيب صغير بعنوان ''الدين الإسلامي'' سنة 1928 وجهه إلى الجمهور من غير المسلمين بهدف التعريف بالإسلام· ويؤكد أرنولد في كتابه ''الدعوة الإسلامية'' تكامل الدين الإسلامي الذي جعل منه نظاما سياسيا ودينيا في آن واحد فيقول ''تمكن محمد أن يجعل نفسه بعد أن هاجر إلى المدينة على رأس جماعة من أتباعه كبيرة العدد آخذة في النمو، يتطلعون إليه زعيما وقائدا، وهكذا باشر محمد سلطة زمنية كالتي كان يمكن أن يباشرها أي زعيم آخر مستقل مع فارق واحد وهو أن الرباط الديني بين المسلمين كان يقوم مقام رابطة الدم والأسرة فأصبح الإسلام نظاماً سياسياً بقدر ما هو نظام ديني، وكما نشر محمد دينا جديدا أقام نظاما سياسيا له صبغة متميزة تماما''· وقد شكل مبدأ السماحة في الإسلام أحد أهم المبادئ التي شغلت أرنولد فكتب مادتي ''الاضطهاد'' و ''التسامح'' في الإسلام وذلك في ''موسوعة الدين والأخلاق'' وشرع في التفكير في كتابة كتاب موسع عن التسامح في الإسلام لكن لم يسعفه الوقت لإنجاز هذا المشروع· ويتضح مدى اهتمام أرنولد بفكرة السماحة في الإسلام من قوله ''لقد عامل المسلمون المسيحيين العرب بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة ونستطيع بحق أن نحكم أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهدين على هذا التسامح''· ويؤكد أرنولد في السياق ذاته عدم وجود علاقة بين انتشار الإسلام وبين حروب المسلمين مع الفرس والروم وغيرهما فقد كانت الحروب على حد قوله تشتعل وكان المسلمون ينتصرون، ثم تتوقف الحروب وتتوارى السيوف، وحينئذ يتقدم الدعاة والمعلمون فيشرحون نظم الإسلام ومبادئه وفلسفاته، وكانت هذه الدعوة السمحة تجذب لها الناس· ينشر بالترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©