الأبنودي يصر على لقاء جمهوره ويقدم السيرة الهلالية في القاهرة

بالرغم من ضعف حالته الصحية وعدم استطاعته الوقوف لمدة طويلة لأن ذلك يزيد من آلامه بالعمود الفقري الا أن الشاعر عبدالرحمن الابنودي يصر على لقاء جمهوره كما عودهم في شهر رمضان من كل عام والذي أصبح طقساً رمضانياً مميزاً ينتظره الجمهور بشغف كبير، ليستمعوا منه وشاعر الهلالية سيد الضوي الى السيرة الهلالية، حيث بدأ الابنودي والضوي أمس الأول امسياتهما ببيت السحيمي بشارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة التاريخية وتستمر حتى يوم 27 من رمضان· وقد حرص الجمهور من مختلف الأعمار على التوافد على بيت السحيمي رغبة في الاستماع الى سيرة بني هلال المعروفة بالسيرة الهلالية وبطلها الفارس المغوار ابو زيد الهلالي والاطمئنان على صحة الابنودي الذي ارتبط بالسيرة الهلالية عندما قضى سنوات طويلة في تجميعها داخل مصر وخارجها ثم قدمها مع عدد من شعراء السيرة الشعبيين خلال السنوات الماضية· وقال الابنودي إنه اتخذ هذا القرار على الرغم من حالته الصحية الصعبة واستمرار تناوله الأدوية لعلاج العمود الفقري والحركة المحدودة المقررة له ولكنه ايقن بأن الموت في ميادين القتال خير من الموت في مقبرة الافيال وانه مخلوق حي لا يستطيع الجلوس في بيته بلا عمل· وأضاف الابنودي إنه تعود أن يلتقي بالجمهور في شهر رمضان من كل عام ليقدم السيرة الهلالية مع شاعر شعبي من شعراء السيرة، وهذا العام يواصل تقديم السيرة مع الشاعر الشعبي سيد الضوي وفرقته بعدما قدمها مع جابر أبو حسين إمام شعراء الهلالية الراحل من قبل، والضوي شاعر نزيه ومحافظ على السيرة الهلالية ولديه أسرارها التي وهبت له وهو يعرف أنه يحمل كنزا في قلبه وضميره· وقال: لا نقدم سيرة بني هلال لأننا من هواة الحواديت والسمر ولكن لأنها ملحمة عظيمة تحكي عن عظماء ووقائع أمة مفتتة وتدعو لأمة متوحدة من خلال ابي زيد الهلالي ابن رزق الهلالي وخضرة الشريفة من قبيلة بني هلال· وأوضح الابنودي أن السيرة الهلالية تحكى بعدة أشكال ففي دلتا مصر يحكونها بفن الموال لكن السيرة التي تتضمن في أحداثها معارك وصراعات لا تحكى بالموال وهناك أشخاص يحكون السيرة بطريقة الشعر الحر حيث تتداعى الحكايات وهولاء يسترزقون من وراء ذلك، وشعراء السيرة الهلالية الجادون هم الذين يقدمونها بطريقة المربع وهو عبارة عن أربع شطرات الأولى تطابق الثالثة، والثانية تطابق الرابعة، والمربع يساعد الشاعر الشعبي على الحكي ويسمح له بالارتجال اذا تعرض للنسيان وعموما فإن جمهور السيرة الهلالية حارس عليها لأنها منه واليه، وينبغي الحفاظ عليها من أي سوء· وطريقة المربعات أصلها من المغرب العربي وأول من ابتدعها عبدالرحمن المجذوب وهو صوفي مغربي وكان المغاربة والليبيون يتناقلونها فيما بينهم وهم في طريقهم للحجاز عبر مدن الصعيد مثل قوص والقصير فيما يعرف بالطريق الطويل، وتأثر بهم أهل صعيد مصر وأبدعوا مربعات تلائم لهجتهم وبيئتهم· وقال الابنودي إنه بدأ جمع سيرة بني هلال منذ العام 1967 هربا من مرارة هزيمة 1967 فالكثير من المثقفين فقدوا ذواتهم مع الهزيمة، وكانت هذه السيرة هي الدعامة التي ثبتت جذوري في الأرض فلم تهزني الهزيمة وأنقذت ذاتي من خلالها واستغرق جمعي السيرة الهلالية كل عمري منذ تلك اللحظة الى اليوم، ولا أزعم أنني جمعتها كلها واكتملت لي فالملحمة لم تنته بعد، وكل يوم اكتشف زاوية خفيت عني طوال العقود الماضية· وأضاف: سافرت الى تونس 22 مرة لأجمع السيرة التونسية فلكل شعب طريقته في سرد هذه الملحمة وسافرت الى السودان ست مرات، وجمعت السيرة في تشاد ونيجيريا وفي صحراء ليبيا والجزائر والمغرب وحصلت في هذه البلاد على السيرة كاملة، فضلا عما حصلت عليه من المتاحف الأوروبية والجامعات الأجنبية من السيرة وهذه نصوص للسيرة كان قد جمعها المستشرقون وتحدث عنهم عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين في كتبه ومقالاته·