الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الشارقة التراثية» تبرز دور «النخلة» في حياة الأجداد

«الشارقة التراثية» تبرز دور «النخلة» في حياة الأجداد
23 ابريل 2012
النخلة بكل ما تمثله من عناصر جمالية، وكل ما تحمله من خير وبركة، هي الرمز الأفضل لكيفية تسخير المفردات البيئية لخدمة أغراض المجتمع، حيث شكلت هذه الشجرة المباركة ولعقود، محورا اقتصاديا مهما اعتمد عليه أهل الإمارات خاصة سكان المناطق الزراعية، فمنها انطلقت معظم الحرف اليدوية والمهن التقليدية القديمة، وبصناعاتها سارت وتطورت عجلة الحياة، وهذا ما أبرزته أيام الشارقة التراثية في دورتها العاشرة في إطار اهتمامها بمفردات البيئة الإماراتية وإبرازها. في النسخة العاشرة من أيام الشارقة التراثية، التي أنهت فعالياتها أمس الأول، أعيدت صياغة فكرة إحياء تراث الإمارات، من خلال نقل صور ومشاهد حية تقرأ تاريخ المكان، فتترجم أصالته، حضارته، وهويته الوطنية التي تميزه، بمجموعة من البرامج والفعاليات التي تعكس أهم الحقب الزمنية التي مرت بها المنطقة، والتي تظهر على طبيعـة حياة الإنسان الإماراتي، وكيف كان ابنا بارا لبيئته المحيطة، فتبين أسلوب معيشته، وأدواته الشخصية، وحرفه اليدوية، ومهنه التقليدية التي دعمته اقتصاديا واستقاها من عناصرها الطبيعية. أدوات وأوانٍ إلى ذلك، يقول الباحث التراثي الإماراتي أحمد النوا، مؤلف كتاب «النخلة» إننا «جئنا إلى ساحة التراث لنشارك ضمن جمعية «سمل» للفنون والتراث الشعبي التابعة لإمارة رأس الخيمة، بفريق مكون من عشرين عضوا كلهم من المواطنين الكبار في السن والخبرة، والذين يملكون كما كبيرا من المعلومات والمشاهدات الواقعية التي تختص بتفاصيل التراث الشعبي في بيئتنا الزراعية. وقال: لنستعرض معا جانبا من الحرف اليدوية والمهن التقليدية القديمة التي مارسها أبناء الإمارات في زمن الماضي خاصة تلك المستمدة من النخلة، حيث كان يستخدم سعفها وخوصها ولحاءها وجذعها ولبها ونواها وتمرها في مختلف الصناعات المحلية، ومنها على سبيل المثال مهنة زافني الدعون، والتي تعتمد على تعاون عمل أربعة رجال مجتمعين، حيث يتسلم كل واحدا منهم حبلا من حبال ما يسمى بـ«زفن الدعن» بغرض ترصيص أعداد من جريد النخيل جنبا إلى جنب وبشكل متخالف، ثم ربطها بحبال من الخوص، و«الدعن» كان يستخدم في تغطية سقوف البيوت العربية القديمة، وكجدران محيطة للزرائب والعرائش في البيئة الزراعية، حيث يمكن قصه والتحكم بطوله حسب الحاجة». ويضيف «استعرضنا أيضا حرفة «قلادة الحبال»، والتي يستعمل فيها ليف النخلة وخوصها بعد نقعه لفترة في كمية الماء حتي يلين ويصبح مرنا وطريا، ليشغل بعد ذلك على النول اليدوي، فيظفر كحبال رفيعة أو غليظة السمك تستعمل لمختلف الأغراض وتلبي الكثير من الاحتياجات». ويتابع «هنالك أيضا مهنة صناعة «السفوف» وهي الأخرى من منتجات النخيل، حيث يأخذ سعفه الجيد لينقع في الماء حتى يطرى ويسهل العمل عليه، ليلون بمادة لونية ويترك في الهواء حتى يجف، ثم ينسج مع بعضه البعض بشكل متقاطع كـ «سفة» وجمعها «سفوف»، وهي تدخل في عدة صناعات يدوية محلية أخرى منها صناعة السرود الذي يستخدم كسماط أو صينية للطعام، والمهفة اليدوية لغرض التهوية والتبريد، والمشب الذي يساعد على شب النار وشعله، والجفير الذي يستعمل كسلة لحمل الأغراض، والقفة بعدة أحجام والتي تحمل التمر والفواكه وخلافه، والمغطى الذي يمثل الغطاء الملحق بالقفة عادةً، والحصيرة التي تفترش عادة أرضيات البيوت». الضيافة الشعبية حول طريقة صناعة «المدبس»، والتي تعد ضمن أطباق الضيافة الشعبية المعروفة في المناطق الزراعية من الإمارات، والتي تعتمد في كل عناصرها على تمر النخلة، يقول النوا «تعتبر صناعة المدبس حرفة شعبية ضاربة في القدم، وكانت تعكس جانب كرم المضايف العربية في صدر المجالس والبيوت، فلم يمتلك الناس آنذاك رفاهية الوقت الحاضر من الطعام والشراب. فكنا نستقي ضيافتنا من النخلة ونعدها ونصنعها بأيادينا المجردة، فنحضرها قبل عدة أشهر، ونخزنها من وقت القيظ والصيف لنقتات بها في أيام البرد والشتاء، ولتحضير «المدبس» كانت تجمع الأنواع الفاخرة والغالية من تمور النخيل مثل اللولو، والخلاص، والقش حبش، لتوضع في قدر كبير ويضاف عليها كمية جيدة من الدبس التمر مع حفنات السمسم والزنجبيل المجفف. وبعض الهال المطحون و«القرنفل» أو المسمار باللهجة المحلية، فتخلط كل هذه المواد مع قليل من الماء، وتخمر لمدة شهرين إلى ثلاثة، لتقدم للضيوف في موسم الشتاء مع فناجين القهوة المهيلة بحب وكرم يماثل كرم النخلة». ويضيف «هنالك أيضا صناعة «المدلوج»، والتي تعتبر هي الأخرى أكلة شعبية من منتجات النخلة، حيث يجمع خلالها ثمار التمر بكميات كبيرة وتوضع على حصران نظيفة لتنقى من النوى، وتداس عليها وتضغط بالأقدام المغسولة جيدة. فتهرس لفترة من الزمن إلى أن تصل لمرحلة العجينة الطرية، ثم تخزن في فخاريات معينة تسمى محليا «الخرس» أو «الخابية» فتغطى بشكل محكم وتلتحم فوهتها بالحصير والطين الذي يحافظ عليها من التلف ويمنع عنها دخول الهواء، لتبقى كمونة تمرية مخزنة من موسم الصيف إلى الشتاء. فتأكل مع السمك المشوي أو تستخدم في بعض أطباق الحلويات المحلية كـ «البثيث» أو حتى كدواء للطب الشعبي و لمعالجة الأورام وجبر الكسور بعد خلطها مع شيء من الكركم». ويؤكد النوا «نرى من خلال عدة أمثلة للصنعات التقليدية القديمة التي اشتهر بها شعب الإمارات، كيف أن معظم الحرف الشعبية والصناعة اليدوية كانت مستقاة بالأساس من محيطها العام وتعبر عن بيئتها المحلية. وهي نتاج طبيعي لاحتياجات المجتمع وأدواته، وتأتي بالعادة تلبية لرغباته وانطلاقا من متطلباته الملحة، لذا فإن في مفهومنا الخاص كمواطنين كانت وستبقى النخلة هي رمزا للعطاء والخير والبركة».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©