الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

غيمة الأعياد

11 ديسمبر 2009 02:43
يهل العيد، فتشرق في الزوايا شموس الأمل. تنهض الابتسامة من غفوتها الطويلة لنعود ونتذكر معها أن الحياة اندفاع جارف نحو اختراق الآفاق، وبالأخص أفق الرتابة الذي يأسر أيامنا البطيئة ويجعل طعمها تكرارا خاليا من النكهة الحلوة والمذاق العذب الى أن يأتي العيد بثيابه البرّاقة يتقدم مثل رجل أنيق ليكسر باب الخمول المتأصل في النفوس والعقول والأرواح، يدخل غرفة الحياة ويقشع ستائر الغبار عن نوافذها، معلنا بصوت الأجراس أن الفرح، مهما تأخر سيعود يوما وأن العيد الحقيقي موجود ونائم في دواخلنا ويحتاج فقط الى الوقت المناسب كي يبزغ ويعبر عن نفسه من خلالنا. يهل عيد الوطن، فيكون للضحى في هذا اليوم أكثر من معنى، حيث يتوق القلب الى معانقة الجميع باسم قرابة الروح. اليد البعيدة تلوح للريح وهي تغادر ناحية الوطن، واليد القريبة تمسح بحنان تراب الأرض وتتذكر أن الإنسان المصنوع من الرمل يستطيع في العيد أن يجعل التراب ذهبا وأن يبث النور من قلبه المملوء بالمحبة والصدق. وفي العيد يشتعل فتيل الفرحة ليربط نصف الارض بنصفها الآخر، ونصف القلب بنصفه الأول. وما بين الحنين واللقاء، وما بين الذكرى والعناق بعد فراق، يرتفع نشيد العيد ليصبح لغة معانيها البياض الخالص، حبرها الصفاء وكلماتها العيون التي تتسع لرؤية مشهد الألق من زواياه الأربع. تسقط ثمرة الأعياد من شجرة الحياة الوارفة ولا يلتقطها سوى الذاهبون الى عرس المحبة. أولئك الذين امتلأت قلوبهم بالحرية فصاروا لا يرون فرقا بين الصغير والكبير، وبين هذا او ذاك او تلك. فجميع الوجوه هي انعكاس لصورة إنسانية واحدة تتغير في الشكل وتتعدد في حشد البشر الواسع لكنها جميعا تنتمي الى جوهرها الأول. والطريق الذي يضيئه قمر الاعياد مفروش دائما بالرحمة والدعوة الى سبر المستحيل بالخطوة الواثقة التي لا يوقف مرورها الندم ولا يعيق تقدمها الألم. تعبر غيمة الأعياد على صحراء الملل، فتورق على التلال براعم الشمس وهي عطشى للنور، ثم تمر قوافل الراحلين الى الفرح خالية من الظلال والأسماء والقلوب المستعارة وكأنها تعبر في كتاب الحلم. ثم من جهات الأرض يبزغ نور كان يظنه النائمون وجوه حبيباتهم، لكنه في المرايا الصادقة وجه العيد مبتسما وهو يغني ألحان من سكنوه وصاروا في الليالي صوت خريره وفي الصباحات نداءه الذي سيتكرر في غناء العصافير كل يوم. العيد طريق بدايتها نبضة فرح نهايتها رعشة القلب المحب والعابرون أنا وأنت مربوطون بخيط نور دائم. عادل خزام akhozam@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©