الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد القطري على طريق الانكماش

الاقتصاد القطري على طريق الانكماش
5 يوليو 2017 01:07
بسام عبد السميع (أبوظبي) بعد شهر من المقاطعة العربية لدولة قطر بسبب دعمها للإرهاب، دخل الاقتصاد القطري مرحلة الانكماش، مع زيادة الطلب على السلع الغذائية والتضخم العالي والخسائر الفادحة التي يتعرض لها الريال القطري أمام جميع عملات العالم، كما عزفت البنوك العالمية عن التعامل مع هذه العملة الرديئة. وأكد خبراء لـ «الاتحاد» أن المقاطعة التي تتعرض لها الدوحة نتيجة سياساتها الداعمة والممولة للإرهاب والإرهابيين، لها تداعيات مالية، وألحقت الضرر بسمعة قطر كوجهة تجارية حرة في الوقت الذي تفاقمت فيه فاتورة الخسائر في جميع القطاعات المكونة للاقتصاد الذي ظهرت هشاشته بصورة واضحة. وتفقد الدوحة يومياً مزيداً من أموال الشركات والاستثمارات الخليجية والأجنبية، وهناك خروج يومي للسيولة من سوق المال والسندات، وتسجل يومياً خسائر في كل القطاعات، بل وتتجه إلى مزيد من الخسائر. وقال هؤلاء إن الودائع أصبحت عصية على الجهاز المصرفي القطري بعد التصنيفات الائتمانية الأخيرة المتراجعة، ووضعها قيد المراجعة وتعديل النظرة المستقبلية، وجميعها من تبعات قطع العلاقات نتيجة السياسات القطرية، ودعمها للإرهاب. سوق الأسهم وتفصيلاً، خسرت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة الدوحة 13.7 مليار دولار خلال النصف الأول من 2017، منها 9 مليارات دولار خسائر الأسهم القطرية خلال شهر يونيو نتيجة المقاطعة من جانب عدة دول في مقدمتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حيث انخفضت السوق بنسبة 8.8% خلال الشهر الماضي و13.5% خلال النصف الأول لتصبح الأكثر انخفاضاً في المنطقة. وتراجعت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في البورصة القطرية إلى 132.8 مليار دولار، بنهاية النصف الأول من العام الحالي، مقابل 146.5 مليار دولار بنهاية النصف الأول من 2016. كما انخفضت القيمة السوقية لبنك قطر الوطني 14% خلال النصف الأول من 2017 إلى 31.67 مليار دولار، مقابل 36.9 مليار دولار بنهاية النصف الأول من 2016، كما انخفضت القيمة السوقية لشركة «صناعات القطرية» 19% إلى 15.6 مليار دولار، مقابل 19.2 مليار دولار بنهاية يونيو 2016. التجارة الخارجية وسجلت التجارة الخارجية خسائر متنوعة في قيمة الواردات بعد إغلاق الممر البري من جانب السعودية والذي يشكل 65% من حجم السلع الواردة لقطر من الخارج وتوقفت حركة الطيران وتوجه قطر لأسواق بديلة هي إيران وتركيا، ما زاد من تكلفة السلع وانخفاض جودتها وأدى لزيادة التضخم. واستوردت قطر عام 2016 ما قيمته 19 مليار ريال قطري من البضائع الخليجية، لا سيما من السعودية والإمارات التي شكلت صادراتها إلى قطر 83% من واردات قطر الخليجية، يضاف إليها 6% من البحرين، لتشكل صادرات الدول الثلاث إلى قطر 89% من إجمالي واردات قطر من الدول الخليجية. وتعتبر أهم واردات قطر من دول الخليج البضائع المصنعة للمستهلك النهائي، التي تشكل 27 % من إجمالي واردات قطر من دول الخليج، يليها «الأغذية والحيوانات الحية» وتمثل قيمة وارداتها نحو 16 % من الإجمالي تستورد دولة قطر ما نسبته 15% من المواد الغذائية من السعودية، و11 % من الإمارات، وأما بالنسبة للصادرات، فإن صادرات قطر إلى الدول الخليج تجاوزت 19 مليار ريال عام 2016، ما يمثل 9 % من مجمل صادراتها. وتستحوذ السعودية والإمارات على 65% من صادرات قطر إلى الدول العربية، وفي الربع الأول من العام الحالي تصدرت السعودية الدول المستقبلة للصادرات القطرية غير النفطية بنحو 41% من إجمالي هذه الصادرات، تبعتها الإمارات بنسبة 32%، وفقا لغرفة قطر. وأظهرت إحصائيات رسمية أن السعودية والإمارات والبحرين تستحوذ على 87 % من حركة التبادل التجاري بين قطر والدول الخليجية. وبلغت قيمة التبادل التجاري بين الدول العربية وقطر في العام الماضي، نحو 45 مليار ريال قطري (12.3 مليار دولار)، وبين دول الخليج وقطر 37.9 مليار ريال (10.4 مليار دولار)، وبلغ حجم التبادل التجاري بين قطر ودول العالم في 2016، نحو 324 مليار ريال (89 مليار دولار)، 13.8 % منه من الدول العربية، و11.7 % من دول الخليج. القطاع المصرفي كما شهد القطاع المصرفي انخفاضاً في الودائع، إضافة إلى انخفاض في قيمة الريال القطري نتيجة وقف التعامل به، تراجع السيولة ما يؤدي إلى زيادة تكلفة التأمين وتكلفة الفوائد على القروض القطرية وزيادة خدمة الدين القطري، وحدوث ارتفاع في معدلات التضخم. ويمثل التبادل التجاري بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى نحو 12% من إجمالي حجم التبادل التجاري لقطر مع دول العالم، و84% من حجم التبادل التجاري لقطر مع الدول العربية. وسجل التبادل التجاري لقطر مع دول الخليج 37.9 مليار ريال قطري، (10.5 مليار دولار) عام 2016، بحسب بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية. خسائر متعددة وقال تيسير الكنزي الخبير الاقتصادي من الرياض «تعرضت قطر لخسائر متعددة نتيجة المقاطعة الجوية والبرية من جانب دول التعاون»، إضافة إلى فقدها 50% من السلع والمواد الغذائية كانت تصل لقطر عبر الطريق البري من المملكة العربية السعودية. وأضاف، أن انفتاح قطر على الموانئ، لاستيراد السلع من أسواق بديلة، أسهم في زيادة تكلفات المعيشة وارتفاع التضخم، مهما كان حجم السيولة المتوافرة. المنفذ البري من جهته، قال رضا مسلم الخبير الاقتصادي، إن إقفال المنفذ البري الوحيد لقطر والذي كانت تستقبل عبره أكثر من 65% من واردتها وخصوصاً من المواد الغذائية والصناعية ومواد البناء أثر بصورة كبيرة على الحالة المعيشية في قطر خلال الأسابيع الأربع الماضية من المقاطعة ولن تنجح الدول التي بدأت تقديم العروض على شاكلة إيران بالمساعدة في تقليص حجم تأثير ذلك الإغلاق والتوقف، وحتى عن طريق البحر لأن هناك مشاكل كثيرة تعترض حركة الملاحة. وأفاد، بأن المقاطعة أدت إلى تدهور سريع في الاقتصاد القطري، وحدوث أزمة تتزايد يوماً بعد الآخر، خاصة في السوق الاستهلاكي، نتيجة لإغلاق المنفذ البري الوحيد عبر المملكة العربية السعودية، حيث كانت الأحساء مركزاً للتسوق للقطريين. وتابع: إن تكلفة التوجه للأسواق الجديدة ستؤدي إلى الانهيار الاقتصادي القطري، ولا يمكن الاستمرار في هذا المنحى، والقطيعة ستؤثر بشكل كبير جداً على قدرة النظام القطري على الاستمرار. وتوقع مسلم امتداد التأثير في الأسواق القطرية خلال الأسابيع القادمة ليس المواد الغذائية فقط، وأن يشمل المنتجات الزراعية والصناعية وأدوات البناء وكثير من المستلزمات والكماليات المهمة التي تلامس حياة الفرد اليومية. وأكد صعوبة قيام أي دولة بتعويض النقص الناتج جراء توقف الحركة بين قطر وكل من المملكة والإمارات والبحرين، لأسباب عدة منها عدم توفر المنتجات الموجودة في أسواق الدول الثلاث، إضافة إلى زيادة التكلفة المترتبة على الاستيراد بسبب إغلاق المنافذ البرية والبحرية. كما كان كثير من القطريين يقومون برحلات أسبوعية إلى السعودية للتسوق من متاجرها الأرخص وأدى غلق الحدود إلى فقدان هؤلاء السكان فرصة التسوق الأرخص من المملكة. كما انعكست الآثار على مشاريع البنية التحتية ومنطقة طبية وشبكة لقطارات الأنفاق وملاعب لكأس العالم 2022، وتأتي مواد أساسية، مثل الخرسانة والفولاذ، عن طريق البحر والبر عبر المملكة العربية السعودية. تزايد التأثر من جهته، قال مشعل سمعان الخبير الاقتصادي من الكويت: إن الأعمال التجارية شهدت تأثراً محدوداً يتزايد في حال استمرار المقاطعة، حيث إن تلك الأعمال تعتمد على محيطها، لافتاً إلى أن الحكومة القطرية مطالبة بتقديم دعم مالي لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة لاستمرار عملها وعدم تعرضها للتوقف. وأوضح، أن بعض المصانع الصغيرة تعتمد على المواد الأولية من السعودية وتبحث الآن عن أسواق بديلة وهو مايزيد من تكاليف الإنتاج، كما أن المصانع الصغيرة تعتمد على مخزوناتها والتي ستنضب قريباً وتضطر للإغلاق أو البحث عن مصادر جديدة للمواد الأولية. وأشار إلى أن الاتجاه إلى أسواق بديلة يشكل تحولاً في السلوك الاستهلاكي للأفراد وإجبارهم على مصادر محددة للسلع تتسم بضعف الجودة وارتفاع الأسعار، كما أن استيراد هذه السلع يشكل فاتورة كبيرة جداً. يشار إلى أن شركة الاتحاد للطيران في أبوظبي وشركة طيران الإمارات قررت كل منهما تعليق كل رحلاتها إلى الدوحة ومنها، ابتداء من صباح الثلاثاء 6 يونيو وتسيّر الشركتان أربع رحلات بالاتجاهين يوميًا إلى الدوحة. كما قررت شركتا فلاي دبي والعربية للطيران الإماراتيتان منخفضتا الكلفة إلغاء رحلاتهما إلى الدوحة، وكذلك شركات طيران أخرى، مثل شركة طيران الخليج البحرينية وشركة مصر للطيران. وبغلق المجالات الجوية لبلدان كبيرة في المنطقة غيرت الشركة القطرية مسار رحلاتها ما أدى إلى زيادة في وقت الرحلات إلى جانب رفع فواتير الوقود، ما انعكس على تراجع معدلات إشغال الخطوط الجوية القطرية بعد أن ارتبط عملها بتقديم نفسها حلقة وصل مركزية تربط آسيا وأوروبا عن طريق الدوحة، إضافة إلى الخسائر الناجمة عن إلغاء تلك الرحلات في بلدان المقاطعة ومصر ودول أخرى وأدى إلى استرجاع المسافرين لأموالهم عن حجوزات فترة الصيف وما بعدها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©