الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان بين مطرقة الحرب وسندان الجفاف

أفغانستان بين مطرقة الحرب وسندان الجفاف
23 سبتمبر 2008 01:31
ترك المحصول الهزيل لهذا العام المزارعين الصغار في كل مناطق شمال ووسط أفغانستان في مواجهة الجوع، في وقت يحذر فيه مسؤولو المساعدات من نقص حاد في الغذاء خلال فصل الشتاء المقبل بالنسبة لتسعة ملايين أفغاني، أي أكثر من ربع عدد السكان؛ وقد نتجت الأزمة عن أسوأ شتاء عرفته أفغانستان خلال العقود الأخيرة، متبوعا بجفاف ضرب معظم مناطق البلاد، ليضاف إلى مشاكل تردي الوضع الأمني، وضغوط عودة اللاجئين، وتأثيرات ارتفاع أسعار المواد الغذائية· ويقول المسؤولون، إن فشل الحكومة الأفغانية والمانحين الأجانب في تطوير الزراعة، التي تعد القطاع الاقتصادي الرئيسي للبلاد، فاقم المشاكل، محذرين من أن أزمة الغذاء قد تحول الوضع الأمني من سيئ إلى أسوأ؛ وبموازاة مع ذلك، وجهت منظمة ''أوكسفام الخيرية'' البريطانية، التي أجرت تقييما مؤقتا للظروف الاجتماعية والاقتصادية في إقليم ''دايكوندي''، وهو واحد من المناطق النائية في وسط أفغانستان، نداء إلى المجتمع الدولي من أجل المساعدة قبل قدوم فصل الشتاء؛ وجاء في دعوتها: ''الوقت من أجل تلافي أزمة إنسانية بدأ ينفد''· ويؤكد هذا التقييمَ القرويون عبر المنطقة التي تضم إقليم ''باميان''؛ حيث يقول ''سعيد محمد''، وهو مزارع في الستين من عمره بعيش في ''ياكولانج'' بإقليم ''باميان'': ''لا نمتلك ما يكفي من المواد الغذائية؛ وبالتالي، فسنضطر للذهاب إلى المدن بحثا عن العمل''؛ غير أنه تحت هذه التحذيرات تكمن مخاوف متزايدة من اندلاع اضطرابات أهلية بالنظر إلى المزاج العام السيئ بسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة، والاستياء المتزايد من الحكومة وداعميها الأجانب، ولاسيما بخصوص مشكلة الفساد الحكومي· في هذه الأثناء، يتقاطر اللاجئون العائدون على المدن لأنهم لا يستطيعون تدبر أمورهم في المناطق الريفية، مشكلين بذلك أهدافا يسهل تجنيدها من قبل طالبان أو مجموعات أخرى تريد اللاستقرار، كما يقول ''أشمت غاني''، وهو سياسي من المعارضة وزعيم قبلي من إقليم ''لوجار''، جنوب العاصمة كابول، مضيفا: ''إن الجزء المتدني من المجتمع لن يقف مكتوف الأيدي حين يواجه الجوع··· وبالتالي ''فمن غير المستبعد اندلاع أعمال شغب''· وقد سارعت الحكومة الأفغانية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة إلى إطلاق نداء في بداية العام الحالي، لتلافي نقص في المواد الغذائية، بعد أن ارتفعت أسعار الغذاء العالمية وأوقفت البلدان المجاورة تصدير القمح؛ كما قام برنامج الغذاء العالمي، الذي كان يمد 4,5 مليون من المعوزين والمحتاجين الأفغان بالمساعدات الغذائية خلال السنوات الأخيرة، بتوسيع برنامجه ليشمل 1,5 مليون أفغاني، قبل أن يوسعه أكثر بسبب الجفاف، ليبلغ بذلك عدد المستفيدين ما مجموعه تسعة ملايين شخص إلى نهاية محصول العام المقبل· قبل بضعة أسابيع، حذرت منظمة ''أوكسفام'' في رسالة بعثت بها إلى الوزراء المسؤولين عن التنمية في بعض البلدان التي تساعد أفغانستان من أن الـ404 ملايين دولار التي دعت إليها الحكومة والأمم المتحدة لم تجمع بعد؛ وجاء في الرسالة، إذا كان الرد بطيئا وغير كاف، فقد تكون ثمة تداعيات خطيرة على الصحة العامة، ومن ذلك ارتفاع معدل الوفيات وانتشار الأمراض، والتي تعد من بين أعلى المعدلات في العالم؛ كما حذرت من نزوح العائلات التي لا عمل لديها ولا طعام، وحتى من العصيان المدني حيث قالت: ''إن التأثير العام قد يزيد من إضعاف الوضع الأمني''· وكانت حكومة الولايات المتحدة قد أعلنت هذا الأسبوع، أنها ستوفر حوالي نصف المساعدات الغذائية الطارئة المشار إليها في النداء؛ غير أن ''سوزانا ريكو'' -مديرة برنامج الغذاء العالمي في أفغانستان- قالت: إن مساهمات اللحظة الأخيرة جاءت لتغطي حالات الطوارئ الآنية؛ إلا أنه مازالت ثمة حاجة، إلى إيصال الإمدادات إلى المناطق الريفية قبل سقوط أولى ثلوج فصل الشتاء الشهر المقبل· ولكن مسؤولي التنمية يقولون إن تردي الوضع الأمني صعَّب القيام بهذه المهمة في المناطق الريفية؛ حيث أصبح عمال المساعدات أهدافا لعدد متزايد من الهجمات من المتمردين والمجرمين؛ وفي هذا الإطار تقول هيئة تنسيق عمل وكالات غوث الأفغان -منظمة تضم عددا من المنظمات غير الحكومية- إن الأخطار حدت من نطاق وحجم عمليات المساعدات، مضيفة أن الأشهر السبعة الأولى من هذا العام شهدت مقتل 19 عاملا من منظمات غير حكومية، أي أكثر من عدد من قُتلوا في 2007 كلها· وقد طلبت الوكالة من الحكومة اتخاذ سلسلة من التدابير -لا تقتصر على التدابير العسكرية- قصد محاربة تصاعد التمرد، وقالت الوكالة في بيان لها: ''إن النزاع لن يتم إنهاؤه عبر الوسائل العسكرية، وبالتالي، فلا بد من سلسلة تدابير لتحقيق سلام دائم، ومن جملتها دعم قوي وفعال للتنمية في المناطق الريفية''· وحسب عدد من حكام الأقاليم، فإن إهمال جانبٍ بالغ الأهمية من الأزمة مثل الزراعة يعد أمرا خطيرا بالنسبة للاستقرار في أفغانستان لأن الناس غير قادرين على إطعام أنفسهم؛ وفي هذا السياق، تشتكي ''حبيبة سرابي'' حاكمة إقليم ''باميان'' دائما من أن إقليمها أُهمل وطواه النسيان بخصوص الاستفادة مما يقدمه المانحون الدوليون من مساعدات، نظرا لأنه واحد من أكثر الأقاليم احتراما للقانون وخلوا من العنف، مضيفة أن المانحين، وبخاصة حكومة الولايات المتحدة، أنفقت مبالغ مالية أكبر بكثير في أقاليم الجنوب والجنوب الشرقي من أجل المساعدة على محاربة مشكلتي التمرد والمخدرات؛ ومن جانبه يقول ''حسن صمدي'' نائب محافظ ''ياكولانج'' في إقليم ''باميان'': ''الوضع الاقتصادي للناس هنا سيئ جدا وتركيز الحكومة مشتت''، مضيفا ''إنهم يركزون على أقاليم أخرى، وليس على باميان للأسف، أو مدن نائية من باميان''· كارلوتا جال- أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©