السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الروسي·· خلف الستار الحديدي

الاقتصاد الروسي·· خلف الستار الحديدي
23 سبتمبر 2008 01:31
بدت موسكو خلال هذا الأسبوع شبيهة بالقطب المالي المتألق الذي تطمح لتكونه، حيث اصطفت السيارات الفارهة أمام معرض فني باذخ بأحدى البنايات الشهيرة في المدينة، وتجمع الزوار من مختلف المشارب، بمن فيهم عارضات الأزياء بقوامهن الرشيق وجمالهن الفاتن، حول أعمال فنانين عالميين مثل ''آندي ورهول'' وبيكاسو، فيما تحدث الرئيس ''ديمتري مدفيديف'' الذي كان محاطاً برجال الأعمال الروس عن حلمه الأثير بتحويل موسكو إلى مركز تجاري عالمي ينافس نيويورك ولندن؛ لكن تلك التطلعات الطموحة بدأت تنحسر في الآونة الأخيرة في ظل تراجع سوق الأسهم السريع والمخيف في الوقت نفسه مطلع هذا الأسبوع، إلى درجة أن الحكومة أوقفت التداولات ليومين متتالين؛ ومع أن مؤشرات الأسهم عاودت ارتفاعها الحاد يوم الجمعة الماضي محققة مكاسب وصلت إلى 28 بالمائة، إلا أن سوق الأسهم مازالت دون مستواها الحقيقي الذي بلغته منذ شهر مايو الماضي؛ فقد انخفض سعر النفط الذي يشكل السلعة الأساسية للاقتصاد الروسي، كما أن بروز لغـــة متوترة بين واشنطــــن وموسكو على خلفية التدخل العسكري الروسي في جورجيا المجاورة، دفع البرلمان الروسي إلى بحث مشـــروع قانـــون يرفع الإنفاق العسكري بنسبة 25 بالمائة· والنتيجة أن روسيا التي استعادت ثقتها بنفسها في عهد ''فلاديمير بوتين'' -وهو النجاح الذي تجلى في الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي وسيطرة الدولة على الموارد الطبيعية للبلد- تبدو اليوم أكثر هشاشة من ذي قبل؛ وقد وصل القلق الذي أحدثته الأزمة المالية، وتأثر أسواق الأسهم المحلية إلى حد دفع المطور العقاري المعروف ''سيرجي بولونسكي'' -يوم الأربعاء الماضي- إلى إعلان تجميد جميع المشاريع التي يشرف عليها؛ ويعبر عن هذا التوجس ''ديمتري لوتسينكو'' -عضو مجلس إدارة مجموعة ميراكس التابعة لبولونسكي، والمسؤولة عن بناء أطول ناطحة سحاب في أوروبا تطل على نهر موسكو- قائلا: ''إن فترة صعبة من الصراع للبقاء على قيد الحياة قادمة، حيث ستصبح الشركات الكبرى أكثر قوة في حين ستختفي الأعمال الصغيرة من الوجود''· وفي الصحف والمجلات الأسبوعية لم يكن هناك سوى عنوان واحد يلخص الوضع في روسيا: ''كيف الخروج من الأزمة المالية دون تكبد خسائر جسيمة؟'' والواقع أن الأزمة الحالية التي تضرب النظام المالي الأميركي انتقلت عدواها إلى العديد من الدول، ولم تقتصر على روسيا فحسب، لكن استرداد سوق المال الروسي لعافيته بسرعة كبيرة -إلى درجة دفع الحكومة إلى إغلاق التداولات مرتين خلال اليوم الواحد بسبب تجاوز النمو للحدود التقنية- يدل على نجاح إجراءات الطوارئ التي اتخذتها الحكومة وإسهامها بشكل كبير في كسب ثقة المستثمرين· ويشار إلى أنه عندما تقلد ''مدفيديف'' منصب الرئاسة في بلد يزخر بعائدات النفط، كانت أجندته طموحة للغاية، تسعى إلى إدخال إصلاحات مؤسسية على الاقتصاد لتشجيع الأعمال الصغرى والطبقة المتوسطة على النمو، كما سعى إلى تقليل اعتماد الاقتصاد على مداخيل النفط، فضلا عن تطوير الصناعة المحلية والاهتمام بقطاع التكنولوجيا المتقدمة؛ لكن اليوم تبرز تحديات أخرى أكثر استعجالا مثل تحديث الجيش الروسي الذي تدهور خلال فترة التسعينيات، وإعلان الحكومة عن تخصيصها لحوالي 44 مليار دولار لدعم البنوك والأسواق في المستقبل القريب لتفادي الانهيار الذي شل البلاد في العام 1998؛ ومع أن الرئيس أعاد التأكيد في تصريح له يوم الجمعة الماضي على مسار التحديث الذي اختارته روسيا، إلا أنه أقر في الوقت نفسه بأن التطورات الأخيرة تجعل هذا الهدف أكثر صعوبة قائلا: ''نحن في الواقع دُفعنا دفعاً إلى اتباع مسار في التنمية غير قائم على التعاون السليم والمتحضر بين الدول، لكنه يعتمد على تنمية خلف الستار الحديدي'' في إحالة من ''مدفيديف'' إلى التوترات الأخيرة بين الغرب وروسيا حول الحرب في جورجيا؛ وتابع الرئيس الروسي قائلا: ''أود أن أشدد مرة أخرى بأن هذا ليس مسارنا، فمن غير المجدي العودة إلى الماضي''· وأكد'' مدفيديف'' أنه على ''روسيا اتباع طريق التنمية الاقتصادية وتشجيع الأعمال على التوسع، وتحفيز الحريات الشخصية''، لكــــــن في أثناء ذلـــــك -ورغم تداعيات الأزمة المالية التي ألقت بظلالها على السوق المحلية- واصلت موسكو بمواردها الجديدة إيقاعها اليومي، حيث استمر موظفو البنوك والتجار على المداومة في مكاتبهم، وواصلت السيارات الفارهة المرور في الشوارع والتوقف عند المحلات الغالية؛ وفي فترات الاستراحة يخرج موظفو القطاع المالي إلى الشارع للتدخين ولتبادل الأحاديث التي تشع منها روح الثقة في النظام المالي الروسي بعدما تدخلت الحكومة لإدارة الأزمة ومنع حدوث الأسوأ؛ لكن رغم الجهود التي بذلتها الحكومة لاستعادة ثقة المستثمرين يقول ''بافيل بروسيكالين''، الذي يعمل في القطاع المالي ''إنه عندما يتعلق الأمر بسلوك المستثمرين فإنه من الصعب توقعه ويبقى في غالب الأحيان خارج نطاق العقلانية''· إلين باري-موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©