الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبيكي ... كوريولانوس أفريقيا

مبيكي ... كوريولانوس أفريقيا
23 سبتمبر 2008 01:30
خلال وجوده في المنفى، تفوق '' تابو مبيكي'' في العمل السري الخاص ببناء دعم يساري لحركة التحرر التي كان يقودها، والممثلة في حزب'' المؤتمر الوطني الأفريقي''؛ وعندما تولى رئاسة جنوب أفريقيا، نجح ''مبيكي'' في خلق نهضة في البلاد من خلال تحقيق ازدهار اقتصادي استمر عقدا كاملا، وأيضا من خلال تربية طبقة وسطى سوداء، وصياغة ملامح دبلوماسية أفريقية جديدة يقوم الزعماء الأفارقة من خلالها، بحل مشاكلهم بأنفسهم من دون تدخل من جانب الغرب؛ ولكن بعد أن تم إقصاء ''مبيكي'' من السلطة بواسطة حزبه نهاية الأسبوع الماضي، فإن الاحتمال الأرجح هو أن الرجل سيتم تذكره لإخفاقاته لا لنجاحاته، على سبيل المثال، عدم اعترافه بأزمة الإيدز المتفاقمة، وعدم قدرتــــه على توصيل منافـــع الرخاء الاقتصادي إلى الأغلبية الفقيرة، وفشله في التعامل مع معدلات الجريمة المتصاعدة، والفساد الحكومي· يعلق ''ستيفن فريدمان'' -مدير مركز دراسات الديمقراطية في جامعة جوهانسبرج- على ذلك بقوله: ''لا شك أن مبيكي رجل ذكي للغاية، ولديه إلمام ممتاز بالمسائل السياسية، ويتفوق على خصومه بمراحل في القدرة على السجال، ولكن مشكلته انه لم ينجح في التواصل مع القاعدة الشعبية من الناخبين وهو الشيء المهم بالنسبة لنجاح أي قائد''· وقد أحدث الإعلان الذي أذاعه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي عن استقالة ''مبيكي'' أصداء ترددت في مختلف أنحاء المنطقة؛ يرجع ذلك لأن الرجل كان يقود دولة تمتلك أكبر اقتصادات القارة، وأكثرها تطورا، كما أن قيادتها السياسية كانت فاعلة للغاية في الوساطة السلمية في ساحل العاج وزيمبابوري، ولديها قوات تخدم في مهمة حفظ السلام التي يضطلع بها الاتحاد الأفريقي في السودان، كما أنها أيضا الدولة التي ساعدت إصلاحاتها السياسية على نشر مبدأ المساءلة الحكومية في القارة· أما ''مبيكي'' نفسه فهو ''رجل سوف يترك وراءه تركة ممتازة، حيث يعتبر رائدا من رواد القارة في العديد من الأشياء، منها الحكم الدستوري، والتطور الاقتصادي، وبالتالي فإنه يجب أن ينال ما يستحقه من ثناء وفضل، حتى لو قام حزبه بإقالته''، كان هذا هو ما قاله ''فرانسيس كورنيجاي'' -الزميل الرفيع المستوى في مركز الدراسات السياسية في جوهانسبرج- تعقيبا على استقالة مبيكي· وكان الرئيس ''مبيكي'' قد أعلن يوم السبت الماضي، أنه قد قبل طلب اللجنة المركزية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي بالاستقالة من منصبه كرئيس؛ ويشار في هذا السياق، إلى أن استقالة ''مبيكي'' لن تكون فورية، حيث يتوقع أن يمكث في السلطة إلى أن يتم انتخاب خليفة له بعد 30 يوما من الاستقالة، على أن يكون الشخص الذي سيخلفه عضوا من أعضاء البرلمان· وقد جاء سقوط ''مبيكي'' بعد انهيار قضية فساد، استغرق النظر فيها وقتا طويلا ضد منافسه ''جاكوب زوما''؛ ففي عام 2005 أقال ''مبيكي'' ''زوما'' من منصب نائب الرئيس، بعد إدانة مستشاره المالي بالسعي للحصول على رشاوى من أحد مصانع الأسلحة الفرنسية، في فضيحة أسلحة كبرى· واستطاع ''زوما'' استنقاذ مستقبله المهني عندما انتخب عام 2007 رئيسا لحزب المؤتمر الأفريقي، وهي وظيفة يفترض أن شاغلها سوف يصبح رئيسا للجمهورية عند خلو منصب الرئيس؛ على الرغم من ذلك، فإن خسارة ''مبيكي'' لن تتحول إلى مكسب فوري لـ''زوما''، فالرجل الذي كان قد شغل من قبل منصب رئيس استخبارات الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ليس عضوا في البرلمان في الوقت الراهن، ولا يمكن اعتباره بالتالي الوريث المباشر لـ''مبيكي''؛ ويتوقع على نطاق واسع أن تكون ''باليكا مبيتي''، رئيسة البرلمان هي من سيستلم المهمة من ''مبيكي''· وفي الموعد الذي كان مقررا فيه إلقاء بيان صحفي أول من أمس الأحد، كان ''مبيكي'' يعقد اجتماعا لمجلس الوزراء، وكان من المقرر عقب انتهاء الاجتماع أن يخاطب ''مبيكي'' و''زوما'' الأمة عبر شاشة التلفزيون الرسمي كي يطمئنـــا الشعب أن عملية نقل السلطة تتم بطريقة منظمة؛ وقد حرص'' زوما'' خلال التسعة شهور الماضية التي تولى فيها منصب رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على أن يؤكد لقادة الأعمال، أنه سيواصل خطواته ''الصديقة للسوق'' التي اتبعها سلفه، وذلك على الرغم من علاقاته الوثيقة مع حلفائه اليساريين في التحالف الحاكم وخصوصا اتحاد ''النقابات التجارية لجنوب أفريقيا'' و''رابطة الشباب التابعة لحزب المؤتمر الحاكــــم''، بالإضافة إلى الحزب الشيوعي الذي يتمتع بنفوذ كبير على الرغم من صغر حجمه؛ على الرغم من ذلك، فإن المؤكد هو أن ''زوما'' سوف يجلب لمسة شعبوية للرئاسة، كما أن الدعم الكبير الذي يحظي به في المدن والمناطق الزراعية يعتبر دليلا على ما يتمتع به من كاريزما شخصية كان ''مبيكي'' يفتقر إليها أو لعله كان يزدريها· في السيرة التي كتبها عن ''مبيكي'' الذي يميل للعزلة يقول ''مارك جيفيسر'': أن مبيكي وعندما كان طالبا للاقتصاد في معهد ''لينين'' في موسكو عام 1969 كان يتماهي إلى حد كبير مع إحدى الشخصيات الشكسبيرية الشهيرة، وهي شخصية ''كوريولانوس'' الذي كان ''مبيكي'' يعتبره نموذجا للشخصية الثورية المستعدة للذهاب إلى الحرب برفقة شعبها للدفاع عن مبادئ الأمة؛ وعلى الرغم من ذلك، فإن ''كوريولانوس'' يتعرض للنفي في نهاية المسرحية الشكسبيرية بسبب عدم رغبته في إقامة طابور عرض بعد عودته من إحدى حملاته الحربية الظافرة· يقول ''جيفيسر'' إلى أن مبيكي كان يرى مستقبله في شخصية ''كوريولانوس'' باعتباره الشخص الذي يفعل الخير، ويفعله بأمانة، ومع ذلك تتغلب عليه قوة الشر في النهاية، وأن ''مبيكي'' نفسه قال له ذلك عام 1999؛ لكنه يتذكر أن مبيكي قال له أيضا: ''ولكن ليس معنى ذلك أن تتوقف عن عمل الخير لمجرد أنك تعرف أن الموت آت في نهاية المطاف''· سكوت بالداوف- جوهانسبرج ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©