الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام... والتعاون

الإسلام... والتعاون
23 ابريل 2015 23:05
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2»، جاء في كتاب مختصر تفسير ابن كثير للصابوني في تفسير الآية السابقة: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم، قال ابن جرير: الإثم: ترك ما أمر الله بفعله، والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» قيل: يا رسول الله هذا نصرته مظلوماً، فكيف أنصره إذا كان ظالماً؟ قال: «تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره». الخير والسعادةإن ديننا الإسلامي يرشدنا إلى أهمية التعاون، فالتعاون أساس كلّ خير وسعادة، وعماد كلّ تقدم ورقيّ، فما نالت أمة من الأمم نصيبها من رَغَد العيش وعزّ الدنيا، ولا فاز شعبٌ بحظه من التقدم والرقيّ، إلا بائتلاف القلوب وجمع الكلمة والتعاون على الخير والبر، فالتعاون بين الناس أمرٌ تفرضه طبيعة حياتهم، لأن التعاون معناه تبادل العون والمساعدة بين الناس، فهو يؤدي إلى تقوية رابطة الإخاء فيما بينهم، لأن ديننا الإسلامي يحث على التعاون في جميع المجالات منذ أشرقت شمس الإسلام، فإذا ما تعاونوا على الخير والبر والتقوى عاشوا آمنين مطمئنين. لقد حثَّ القرآن الكريم على التعاون في آيات كثيرة، منها: قوله-سبحانه وتعالى-:(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2». كما حثت السنة النبوية الشريفة على التعاون أيضاً في عدد من الأحاديث الشريفة، منها: قوله - صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، (أخرجه البخاري). قال النَّوويُّ في تعليقه على حديث: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ...»: «صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا، وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ». نماذج عملية من المعلوم أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى لقضاء حوائج المسلمين، والوقوف معهم ومساعدتهم في جميع أحوالهم، حيث كان - عليه الصلاة والسلام - مجبولاً على ذلك، وقد أكدت ذلك أمّ المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - عندما كانت تُخفِّف مِن رَوْعِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم- عند عودته مِن غار حراء بعد نزول الوحي عليه، وكان فزعًا. * فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه في كتاب بدء الوحي: «... فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَر: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ...»، (أخرجه البخاري). فما أحوجنا نحن المسلمين اليوم إلى التأسي برسولنا - صلى الله عليه وسلم - في العمل بروح الفريق الواحد، بدلاً من الفردية والأنانية، لأن التعاون على الخير هو سبيل هذه الأمة منذ أشرقت شمس الإسلام، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً . جمع الحطب (كَانَ النَبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِإِصْلاحِ شَاةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: عَلَيَّ ذَبْحُهَا، وَقَالَ آخَرُ: عَلَيَّ سَلْخُهَا، وَقَالَ آخَرُ: عَلَيَّ طَبْخُهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَيَّ جَمْعُ الْحَطَبِ»، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: نَكْفِيكَ الْعَمَلَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ تَكْفُونِي، وَلَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ أَتَمَيَّزَ عَلَيْكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ - سبحانه وتعالى - يَكْرَهُ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرَاهُ مُتَمَيِّزًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ»، (ذكره الطبري في خلاصة سير سيد البشر ص87). هكذا يُعَمّق رسولنا - صلى الله عليه وسلم - معنى التعاون بين أصحابه، ويربي فيهم روح الجماعة وروح الفريق، ويضعها موضع التطبيق العملي، وهذا تعليم وتربية للأمة الإسلامية على ضرورة التعاون والتآلف فيما بينهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©