الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حملة إعلانية: «صُنع في الصين»

9 ديسمبر 2009 23:00
بعد أن ابتليت بسحب لعب مسمومة وأطعمة ملوثة خاصة بالحيوانات الأليفة ومنتجات أخرى من الأسواق، أطلقت الصين مؤخرا حملة إعلانية بمساعدة بعض خبراء التسويق الأميركيين، حيث استعانت بخدمات وكالة إعلانات بشارع ماديسون (نيويورك) لمساعدتها على تحسين سمعتها وتلميع صورتها. ففيما يعتقد أنها أول حملة إعلانات عالمية للصين، يتم حاليا بث إعلان تجاري على قناة "سي إن إن" في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا، يصور مستهلكين راضين عن سلع مصنوعة في الصين، ويروج لفكرة أن براعة التصنيع الصينية مفيدة للبلدان عبر العالم. الإعلان التلفزيوني الذي يدوم ثلاثين ثانية ويستعمل ممثلين غربيين، يُعرض على خلفية موسيقى هادئة ويُظهر علامة "صنع في الصين". فهذا عدّاء يربط حذاءه الرياضي الذي كتبت عليه عبارة "صنع في الصين وفق تكنولوجيا رياضية أميركية"، وتلك ثلاجة عليها ختم "صنع في الصين وفق تصميم أوروبي". كما تظهر ضمن الحملة الإعلانية فتاتان مراهقتان ترقصان في محطة للحافلات على إيقاع الموسيقى عبر مشغل "إم بي 3" الذي يحمل عبارة "صنع في الصين وفق برنامج من سيليكون فالي"؛ وعارضة تبتسم للكاميرا مرتدية فستانا جميلا وجذابا كتب عليه "صنع في الصين وفق ابتكار مصممين فرنسيين". وينتهي الإعلان بصوت المعلق الذي يقول بلغة إنجليزية ذات لكنة أميركية: "عندما تقول صنع في الصين، فإن ذلك يعني حقا صنع في الصين، صنع مع العالم". الإعلان تم تمويله من قبل مجموعة من الهيئات التجارية الصينية ووزارة التجارة الصينية التي قالت في بيان أصدرته إن الحملة تهدف إلى الترويج للسلع الصينية "بشكل موضوعي". ولهذا الغرض، استعانت الوزارة بخدمات الذراع الصينية لـ"دي دي بي"، وهي واحدة من أكبر شركات الإعلانات متعددة الجنسيات التي تتخذ من منهاتن مقرا لها، قصد المساعدة على صياغة رسالتها. وقد رفضت "دي دي بي" والمسؤولون الصينيون مناقشة الإعلان، لكن بعض الخبراء يقولون إن الحملة هي جزء من جهود ترمي إلى التخفيف من حدة التوتر التجاري المتزايد بين الصين وشركائها التجاريين الغربيين الذين يكافح العديد منهم، مع ارتفاع البطالة وزيادة عدد المصانع المقفلة، فيما يواصل الاقتصاد الصيني نموه؛ حيث أصبحت بعض الدول أكثر شراسة في الجهود التي تقوم بها لمحاربة ما تعتبره ممارسات غير عادلة ساعدت الصين على شفط ملايين الوظائف في العالم لدرجة أنها باتت في طريقها إلى أن تصبح "مصنع العالم". وقد طلب الاتحاد الأوروبي من منظمة التجارة العالمية الشهر الماضي أن تنظر إلى القيود التي تفرضها الصين على صادرات مواد خام مهمة مثل "البوكسيت" (الذي يُستخرج منه الألمونيوم)، قيود يقولون إنها ترفع أسعار هذه المادة في الأسواق الدولية وتمنح الشركات الصينية امتيازا خاصا يتيح لها خفض كلفة التصنيع. كما قامت مؤخرا الولايات المتحدة، والتي بلغ عجزها التجاري مع الصين قرابة 166 مليار دولار خلال تسعة أشهر الأولى من العام الحالي، برفع التعرفة الجمركية على إطارات السيارات والأنابيب الفولاذية صينية الصنع ومنخفضة الكلفة. وانتقد المسؤولون الحكوميون الصينيون علنا مثل هذه الخطوات باعتبارها تدخلا في إطار الحمائية التجارية، لكن الحملة الإعلانية الجديدة تُظهر أن بكين تجرب أيضا مقاربة أكثر نعومة. وفي هذا الإطار، يقول جيمس زيمرمان، رئيس جمعية لأرباب المقاولات الصينية في بكين وشريك في الشركة القانونية "سكواير ساندرز أند ديمبزي" التي تمثل شركات متعددة الجنسيات في الصين، إن الأمر "يعكس شروع الحكومة في إدراك أهمية نظرة الجمهور لها"، مضيفا: "إذا استعانت الحكومة الصينية بخدمات خبراء من أجل المساعدة على إدارة وصياغة رسالتها، فإن ذلك يعد خطوة بناءة وإيجابية". غير أن آخرين يعتقدون أن الإعلان التلفزيوني ليس سوى محاولة لإعادة الاعتبار لسمعة علامة "صنع في الصين" عبر لفت الانتباه إلى الانخراط الكبير للأجانب في المنتجات المصنوعة في الصين، حيث استثمرت الشركات الأميركية والأوروبية المليارات لنقل عمليات تصنيع منتجاتها إلى الصين نظرا لانخفاض الكلفة. ورغم أن أسماء بعض المصانع الصينية ارتبطت بإنتاج لعب خطيرة وأطعمة سامة للحيوانات الأليفة ومنتجات أخرى، فإن العديد منها يُنتج منتجات عالية الجودة لحساب شركات مشهورة مثل "آبل" و"نايكي" و"كاتربيلار". وفي هذا السياق، يقول "لي في"، وهو أستاذ التسويق بجامعة "تسينخوا" في بكين: "عندما تتحدث عن المنتجات الصينية، فإنك تفكر في جودة أقل مقارنة مع الولايات المتحدة وأوروبا"، مضيفا: "لكنك حين تربط بينهما دوليا، فإنك تقول ضمنيا إنهما متساويان". غير أن تلميع صورة المنتجات الصينية لن يكون سهلا. فبعد فترة قصيرة على فوز "دي دي بي" بصفقة إنتاج الحملة الإعلانية في ديسمبر، ابتليت الصين بفضيحة حليب ملوث استأثرت باهتمام مكثف من قبل وسائل الإعلام الدولية، فضيحة تسبب خلالها منتجو حليب الأطفال في تسميم الآلاف منهم بسبب مادة إضافية كيماوية؛ لكن ممثلا لـ"دي دي بي" نفى أن تكون الحملة قد أرجئت نتيجة لتلك المشكلة. وفي هذه الأثناء، يقول بعض المنتقدين إن الحملة الإعلانية الصينية تدار على نحو سيئ وإنه يجدر بوزارة التجارة والمنظمات التجارية أن تركز جهودها على تحسين ممارسات ومعايير التصنيع في الصين بدلا من قضاء الوقت في محاولة التأثير على رأي الجمهور في الخارج. ويقول بول ميدلر، مؤلف كتاب "صنع في الصين على نحو يفتقر للجودة"، وهو كتاب بين كيف يضحي المصنعون الصينيون في أحيان كثيرة بالجودة من أجل تحقيق أرباح أكبر: "إن معظم الناس متشككون جدا بشأن الحملة"، مضيفا: "شخصيا، أشك في أن استعمال العلاقات العامة يكفي لقلب التيار وتغيير سلوك الناس". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: بكين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©