الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة كوبنهاجن... والبحث عن الإنجاز الممكن

قمة كوبنهاجن... والبحث عن الإنجاز الممكن
9 ديسمبر 2009 22:59
بدأت يوم الاثنين الماضي، جلسات مؤتمر كوبنهاجن للتغير المناخي. وقد اجتمع في هذه القمة عشرات العلماء وواضعو السياسات من مختلف أنحاء العالم بهدف مناقشة الوسائل المحددة التي يمكن بها التصدي لخطر ارتفاع درجات حرارة الأرض. وعلى رغم أن إبرام معاهدة شاملة لتحقيق هذا الهدف يبدو بعيداً في المؤتمر الحالي، فإن هناك فرصة لإحراز تقدم نحو تحقيق أهداف محددة فيه. من بينها نتوقع أن تتعهد الدول الصناعية المتقدمة بخفض انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بينما يتوقع من كبريات الدول النامية مثل الصين والهند الحد من تصاعد انبعاثاتها من الغازات نفسها. كما يتوقع أن تناقش آليات تمويل هذه الأهداف، ولإعداد هذا التقرير طلبنا من مجموعة باحثين وعلماء إفادتنا بآرائهم في ما يمكن تحقيقه في قمة كوبنهاجن. فمن بين هؤلاء "بيل ماكبين"-باحث مقيم بكلية ميدلبري في فيرمونت ومؤسس منظمة 350.org– الذي يرى أن نجمة السعادة لم تتلألأ في سماء كوبنهاجن لتحقق للعالم ما ينشده فجأةً. ذلك أن الانتقال بعالمنا من عالم يعتمد كلياً على موارد الطاقة الأحفورية إلى عالم يستمد وقوده من موارد الطاقة البديلة المتجددة، هو أكبر عبء تحمله البشرية على أكتافها على الإطلاق. ثم إنه هدف تتحد حوله البشرية وكافة الدول غنيها وفقيرها معاً لأنه يهم أمر بقائها ومستقبلها. ويمثل هذا العبء مسؤولية أكبر من التظاهرات السياسية والتعهدات الشكلية الصادرة من الرئيسين أوباما وهوجنتاو، لأنها تتطلب مواقف عملية قبل كل شيء. وعليه فلعل أفضل ما يمكن أن تنجزه هذه القمة هي الاستفادة من تجمع العلماء والباحثين وواضعي السياسات وممثلي الشعوب في كوبنهاجن لمجرد تأمل المشكلة والتفكير الجدي فيها خلال مدة أسبوعين. وعلى المجتمعين في الدنمارك الآن ألا ينظروا إلى خطر التغير المناخي كما لو كانت نذره تلوح في المستقبل البعيد جداً للبشرية، إنما هو خطر ماثل بيننا اليوم. ومن هنا تنشأ أهمية تبني الأفكار الجديدة، التي من بينها ما قال به العلماء الأميركيون قبل عامين من أن طبقة الغلاف الجوي لم تعد تحتمل ما يزيد على 350 من درجات غاز ثاني أكسيد الكربون. وليس تحقيق هذا الهدف الذي يتطلب خفضاً حاداً في انبعاثات بلادنا من الغاز السام سهلاً بالطبع. أما "جوناثان تي. أوفربيك" -منسق معهد البيئة بجامعة أريزونا- فيرى أن هناك ظاهرتين مثيرتين للقلق المباشر الآن من الخطر الجدي الذي يمثله التغير المناخي. أولاهما المخاطر التي تهدد مستقبل الأجيال المقبلة جراء تمدد البحار وارتفاع مسطحاتها المائية نتيجة لارتفاع درجات حرارتها، وما يصحب ذلك من انحسار الطبقات الجليدية بسرعة ملحوظة في العقود الأخيرة. وثانيتهما هي اتساع موجات الجفاف التي ضربت أنحاء كثيرة من الكرة الأرضية، من بينها الجنوب الغربي الأميركي. فإلى جانب خطر المجاعات الناجمة عن الجفاف، تتعرض مساحات أوسع من الغابات للجفاف ونيران الغابات. يلاحظ أن منطقة الجنوب الغربي تمثل أكبر مساحة في أميركا، لكونها تمتد من جنوب كاليفورنيا إلى غربي تكساس. أما كريس فيلد -مدير شعبة البيئة الدولية بمؤسسة كارنيجي للعلوم- فيقول: آمل في أن تنصب جهود القادة المجتمعين في كوبنهاجن على أمرين: قوة الأدلة العلمية المتوفرة عن مسببات وتأثيرات التغير المناخي، خاصة وأن العلم قد أثبت بالفعل ارتفاع درجات حرارة الأرض خلال القرن الماضي، مع وجود أدلة بنسبة تزيد على 90 في المئة على مسؤولية النشاط البشري عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري. أما الأمر الثاني، فألخصه في ضرورة توصل المجتمعين لآفاق واضحة للتصدي لهذا الخطر. أما ديفيد رولاند-هولست -أستاذ الزراعة واقتصاديات الموارد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي وكلية ميلز-: نلاحظ أن الثورة الصناعية ساهمت في تحسين مستوى حياة البعض من سكان العالم بمستوى لم يحلم به أجدادهم السابقون مطلقاً، لكننا نلاحظ في الوقت نفسه أن غالبية البشرية تعيش اليوم في مستوى حياة يقل فيه الدخل عن دولارين في اليوم. ويعكس هذا الفارق الكبير عدم استدامة النمط الاقتصادي الذي خلفته الثورة الصناعية، إلى جانب ما خلفته للبشرية من ارتفاع كبير في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وعليه فإن تحدي ابتكار التكنولوجيا النظيفة المستدامة، هو الأكبر الذي تواجهه قمة كوبنهاجن. جاري يوه -أستاذ الاقتصاد بجامعة ويزليان- قال: توفر قمة كوبنهاجن فرصة للاتفاق حول عدد من القضايا على رأسها استحداث وسائل نقل التكنولوجيا وحماية حقوق الملكية. كما يمكن للمجتمعين فيها الاتفاق على إدماج السياسات المناخية الوطنية المحددة في برامج دولية خاصة بالتغير المناخي. وفي وسع القمة كذلك إيجاد آلية مناسبة لتمويل الحد من تأثيرات التغير المناخي والتكيف معها. من جانبه يقول "كارل بوب"، وهو المدير التنفيذي لنادي سيرا: ربما يكون هناك اتفاق حول ما يجب القيام به في كوبنهاجن، ولكن المشكلة أن دول العالم لا تثق ببعضها البعض، لا سيما مع اعتقاد الدول الفقيرة بعدم استعداد الدول الصناعية المتقدمة لتحمل مسؤوليتها إزاء الفوضى المناخية التي تسببت بها. ومن هنا تنشأ أهمية الاتفاق على الخطوات الصغيرة التي يمكن إلزام الدول بها. وهذا ما يدرك الدبلوماسيون جيداً أهميته حتى في حال انعدام الثقة التام بين الدول. ولكن الشرط أن تؤدي هذه الخطوات الصغيرة إلى خدمة مصلحة البشرية كلها. بذلك نتقدم خطوة نحو إعادة بناء الثقة المفقودة بين الأمم والشعوب. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©