الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون السوريون... والمجتمعات المستضيفة

22 ابريل 2013 22:59
تايلور لاك المفرق- الأردن بعد شهور من اللامبالاة ، لم يعد بمقدور السوري «عبدالله سعد» تجاهل الشعور بأنه شخص غير مرحب به في هذا البلد، وذلك بعد أن كتب أحدهم تلك الرسالة بوضوح بالخط الأحمر على جدار المنزل الذي يعيش فيه، كي يقرأها أي مار من أمامه. كانت كلمات تلك الرسالة تقول «عودوا إلى سوريا»! وقال سعد البالغ من العمر 45 عاماً، وهو يمر بيده على الكلمات المكتوبة على جدار منزله المؤجر في هذه المدنية الحدودية «فيما مضى كان الأردنيون يستقبلوننا كضيوف وأشقاء، أما الآن فإنهم ينظرون إلينا كأننا لعنة حلت بهم». بحسب مصادر الحكومة الأردنية والأمم المتحدة، فقد فر ما يربوا على 500 ألف سوري إلى الأردن منذ اندلاع الصراع في بلدهم قبل ما يزيد على عامين، وهو عدد يعادل عُشر العدد الإجمالي لسكان الأردن. وفي حين يسكن قرابة 160 ألف نسمة من السوريين في معسكرات للاجئين، فإن سعداً والأغلبية العظمى منهم يعيشون في المدن، حيث يؤدي وجودهم لتأجيج التوترات، خصوصاً مع تزايد سخط المجتمعات المضيفة، ومعاناتها مما يصفه المسؤولون الأردنيون بأنه أكبر أزمة تواجه البلاد منذ عقود. وفي حين يقول هؤلاء المسؤولون إن تكلفة استضافة العدد المتزايد من اللاجئين السوريين يمكن أن تصل إلى مليار دولار هذا العام، إلا أن التكلفة الحقيقية لاستضافة اللاجئين، الذين يتنافسون مع السكان الأردنيين على الوظائف والمساكن المحدودة، أكبر نطاقاً بكثير من ذلك بحسب خبراء اقتصاديين. ويقول متحدث باسم «المجلس الاقتصادي الاجتماعي» التابع للحكومة إنه إذا ما تم حساب تكاليف دعم الكهرباء والماء، فإن كل سوري يعبر الحدود إلى الأردن يكلف الحكومة ما يقرب من 3000 دولار سنوياً. وتقول وزارة الصحة إنها تنفق نصف ميزانيتها على الرعاية الصحية المقدمة للسوريين فقط، وتحتاج إلى ما يقرب من 350 مليون دولار، في صورة تمويل عاجل فقط لإدامة منظومة الرعاية الصحية العامة في البلد إلى ما بعد الشهر الحالي. ووفقاً لبيانات وزارة العمل يعمل ما يقرب من 160 ألف سوري بشكل غير قانوني في الأردن، لشغل وظائف في المخابز، وورش إصلاح السيارات، والمطاعم والمقاهي، حيث يقبلون العمل بأجور أقل من نظرائهم الأردنيين، الذين تبلغ نسبة البطالة، بينهم 20 في المئة تقريباً. وهذه هي حال «محمد مشاقبة» الأردني البالغ من العمر 35 عاماً، الذي يعمل نجاراً، وترك «المفرق» بعد أن خسر وظيفته بسبب منافسة النجارين السوريين، ويعيش في الوقت الراهن في العاصمة عمان، حيث يكسب نصف ما كان يكسبه من قبل، حيث يقول عن ظاهرة انتشار السوريين في المهن المختلفة: «إذا ما ذهبت إلى المخبز ترى سورياً، وإذا ما دخلت إلى مصنع تجد سوريين». ولسنوات طويلة ظلت المملكة الأردنية تمثل واحة، للمبعدين جراء الحروب العديدة التي ضربت المنطقة عبر العقود، حيث تضم ما يقرب من 1,5 مليون شخص من أصول فلسطينية، و500 ألف لاجئ عراقي. وعلى النقيض من السكان الفلسطينيين واللاجئين العراقيين في الأردن، ينحدر معظم اللاجئين السوريين الذين تدفقوا على الأردن من مناطق ريفية، ويتسمون بانخفاض مستوى المهارة، ونقص التعليم، وعندما يصلون لا تكون لديهم عادة أموال كافية، ما يجعلهم يمثلون عبئاً فورياً على منظومة الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة -كما يقول الخبراء الاقتصاديون. ويقول جواد العناني، الخبير الاقتصادي ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني عن ذلك: «عندما كان العراقيون يأتون إلى الأردن فإنهم كانوا في العديد من الحالات يحضرون معهم استثماراتهم، وكانوا يسهمون من خلال ذلك في خلق وظائف جديدة في سوق العمل... أما السوريون فإنهم يصلون إلى الأردن كي يشغلوا الوظائف المتاحة، بدلاً من أن يخلقوا وظائف جديدة». ولكن العديد من أصحاب الأعمال الأردنيين يختلفون مع ما يقوله العناني، ويؤكدون أن السوريين يشغلون الوظائف التي لا يقبل عليها الأردنيون، كما أنهم يعملون بجدية أكبر من الأردنيين، ويقبلون بأجـور أقـل منهم. ونقطة الاحتكاك والتوتر الرئيسية تتمثل في التأثير الذي يحدثه السوريون على قطاع الإسكان الذي ارتفع متوسط الإيجارات فيه بنسبة 300 في المئة خلال الشهور الستة الماضية نتيجة لزيادة الطلب. وتلجأ العائلات السورية عادة إلى استئجار مسكن مشترك، ما يجعلها قادرة على دفع إيجارات المساكن المرتفعة. وفي مدينة الرمثا الأردنية القريبة اجتمع 12 أردنياً الأسبوع الماضي في واحد من معسكرات اللاجئين التي أقيمت للأردنيين! وهي عبارة عن مدن أكواخ أقامها الأردنيون الذين تم إجلاؤهم من مساكنهم التي حل محلهم فيها سكان سوريون لعدم قدرتهم على دفع إيجاراتها المرتفعة. وفي أحيان كثيرة تتطور شكاوى هؤلاء الأردنيين إلى أعمال ضد السوريين الذين يعتبرونهم مسؤولين عن المحنة التي يمرون بها. ويقول محمد ذيابات الذي كان يؤجج موقد فحم موضوعاً في وسط خيمة من الخيش يسكن فيها منذ ما يزيد على أسبوع: «إن السوريين يأخذون بيوتنا ووظائفنا وأرزاقنا... وإذا لم تقم الحكومة باتخاذ ما يلزم لمعالجة هذا الوضع فسنقوم بمعالجته». ومثل هذا الكلام يؤجج المخاوف من احتمال تصاعد التوترات الاجتماعية الناتجة عن الاحتكاك بين اللاجئين السوريين والسكان الأردنيين. ويقول زياد الحمد رئيس جمعية كتاب السنة، وهي أكبر جمعية تقدم العون للاجئين السوريين عن ذلك: «هناك بالفعل كلام عن عنف ومع الوقت نخشى أن يتحول الكـلام إلى حقائق». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©