الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هزيمة المخيلة

هزيمة المخيلة
9 ديسمبر 2009 21:44
الفرنسيون ليسوا شغوفين بالقصة القصيرة، بينما لدى الألمان ولع بها وأثرت “ألف ليلة وليلة” فيهم كثيراً وتتميز القصة القصيرة في الانجليزية بالتكثيف الشديد مما يفرض صعوبة خاصة في ترجمة كثير من النصوص إلى العربية، ذلك بعض ما دار في المائدة المستديرة حول القصة القصيرة في الأدب الأوروبي على هامش ملتقى القاهرة الدولي الأول للقصة العربية القصيرة وأشرف عليها د. مصطفى ماهر أستاذ الأدب الألماني. لكن أهم ما أثارته المائدة المستديرة أن بعض قصائد النثر العربية تعد بالمعايير الأوروبية قصصاً قصيرة، كما أن بعض القصص القصيرة جدا يمكن أن تعد “نظماً”. أطلقت منظمة العفو الدولية (آمنيستي) انطولوجيا من القصص القصيرة لأبرز الكتاب في العالم، احتفالاً بمرور 60 عاماً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عن الأمم المتحدة في بداية تأسيسها وصادقت عليه الدول المؤسسة. الترويج للكتاب تمّ في “مهرجان أدنبره الدولي للكتاب” أواخر الصيف الماضي، والانطولوجيا متوفرة في محال بيع الكتب في أنحاء بريطانيا والعالم، شاهدة على الانتهاكات التي يتعرض لها البشر على مختلف المستويات. والانطولوجيا بإعادة إحيائها لمواد الإعلان الخاصة بالحريات والحقوق العامة، أدبيا، فإنها تتوجه للقراء الكبار وللشباب اليافعين في الوقت نفسه، من أجل إعادة الاهتمام بهذه المواد وقيمها الأخلاقية والقانونية، في زمن يموج بالحروب والنزاعات. عندما فكرت منظمة العفو الدولية في إصدار مجموعة قصصية تستوحي روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومواده، طلبت من مجموعة من الكتاب من جميع أنحاء العالم، أن يختاروا واحدة من مواده الثلاثين واعتبارها مصدر إلهام لقصة كل منهم. وفعلا استجابت أسماء معرفة وشهيرة مثل باولو كويلو، أ.ال. كينيدي، جويس كارول أوتس، ولتر موسلي، ديفيد ميتشل، ارييل دورفمان، اميت شودوري، وغيرهم. صدرت الانطولوجيا بالتعاون مع دار نشر مينستريم، وقد تبرع جميع المساهمين فيها بمكافآت قصصهم، وسوف تذهب عائدات المبيع إلى منظمة العفو الدولية المعنية بمتابعة الانتهاكات على هذا المستوى في العالم. بعض الكتاب المشاركين، بما في ذلك الارجنتيني ارييل دورفمان والبرازيلي الشهير باولو كويلو، اللذين شهدا بأنفسهما انتهاكات لحقوق الإنسان وكانا في فترة من الفترات ضحية لها. “انه ليس فقط الألم”، يقول دورفمان، “وليس فقط الدمار، ففي كل مرة تنتهك فيها حقوق الإنسان، في أي مكان وفي كل مكان، فإن ذلك يشكل هزيمة للمخيلة ولوعد بأننا ولدنا لشيء أفضل، لشيء جميل. فماذا يمكن أن يكون أكثر طبيعية من مجموعة من الكتاب متنوعين تنوع هذا الكوكب، طموحين مثل هوائه، تجمعوا لاستخدام خيالهم تحديدا من اجل إعادة تأسيس إنسانيتنا المجروحة، ولتجديد الوعد بأن الجمال لا يزال لديه دور في صياغة عالم مختلف”. تقدم انطولوجيا “حرية” مزيجا من القصص المحرضة على التفكير بمبادئ حقوق الإنسان، والتحدي الذي تفرضه على المجتمعات المعاصرة. وتمت معالجة مواضيع مثل اللجوء، القانون، الحق في الاعتقاد الديني، التعليم، الخ، من غير أن تتغاضى طبعا عن متعة القراءة في الوقت نفسه. وتنتقل القصص من شوارع زيمبابوي إلى المساحات الخضراء في ادنبره، ويأخذ كل كاتب القارئ في رحلة فريدة وقوية، يشركه بقضايا حقوق الإنسان التي ناضلت المنظمة من أجلها منذ ستين عاما. الروائي والشاعر الارجنتيني ارييل دورفمان، عالج المادة التاسعة من الإعلان التي تقول إنه “لا يجوز إخضاع أحد للاعتقال التعسفي أو حجزه أو نفيه”. في حين تناولت الكاتبة الأوكرانية مارينا لويكا المادة الرابعة التي تنص على أنه “لا يجوز إخضاع أحد للعبودية”. مارينا نفسها ولدت في معسكر للاجئين في ألمانيا وتعمل الآن في بريطانيا محاضرة في شؤون الإعلام. أما كويلهو فكتب قصة مستوحاة من المادة 19 ومضمونها أن “لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير”، جاءت قصته تحت عنوان “في سجن السكون”، وهي مستمدة من تجربة شخصية. الروائية النيجيرية الشابة شيماماندا نغوزي أديشي، الحائزة على جائزة “اورانج” للرواية النسائية المكتوبة بالانجليزية، استوحت المادة 23، حول العمل والأجور العادلة، وكتبت قصة عنوانها “سولا”، بطلها الصحفي الغامبي الشاب الذي يختفي بعد ان كتب تحقيقا حول الأوضاع في بلاده. أما الكاتب السويدي هاننغ مانكل، فيختتم الانطولوجيا بقصة حول صديقته صوفيا التي تعرضت لانفجار لغم أرضي عندما كانت طفلة في الموزامبيق بافريقيا، ولكنها ناضلت طويلا من أجل البقاء والاستمرارية، ويشير الكاتب في مقدمة القصة، الى ان هذه المرأة القوية كانت دوما مصدر إلهام له. ساهم أندرو موشن شاعر البلاط البريطاني السابق، بقصيدة في هذه الانطولوجيا تحية للاعلان العالمي. وكتب ديزموند توتو رئيس الأساقفة الجنوب افريقي الشهير عالميا منذ الحكم العنصري للاقلية البيضاء في بلاده، مقدمة للانطولوجيا قال فيها: “هذا هو حقا كتاب كبير من منظمة العفو الدولية، لتسخير المواهب الإبداعية التي وهبها الله للكتاب، وربطها بكل مادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فنحن خلقنا للسمو بأرواحنا ولتحقيق لحرية”. وأنهى مقدمته بقوله: “يحدوني الأمل في أن هذه القصص سوف تساعدنا على تحقيق ذلك”. يذكر أن منظمة العفو الدولية فرع ارلندا وبمناسبة مرور ستين عاما على الإعلان، نشرت عام 2008 كتابا ضم مجموعة من الكتابات التي استلهمت الإعلان بشكل أو بآخر، وذلك بالتعاون مع صحيفة “ايرش تايمز” الايرلندية. وكان الشاعر الايرلندي شيموس هيني الفائز بجائزة نوبل للآداب، قد قدم لها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©