يعتبر صراع على الرمال رسماً فنياً لقصة حب بسيطة باسل خياط: الكاريزما ليست من السماء

يجلس الممثل السوري باسل خياط أمام التلفزيون مشدوهاً يتابع مسلسل ''صراع على الرمال''، ويكرر أن هذا المشهد مفصليّ بالنسبة إلى الشخصية التي يؤديها، بل ويؤكد أنه مشهد يلخّص الشخصية برمتها· ينفعل مع المشهد، خصوصاً أن المعركة الدامية هو من يقودها، ويفوز فيها على خصمه ويقتله· لكن انفعال الفائز هنا يبدو كأنه من انهزم· لقد روّعه أن يقتل بشراً، هو الذي حمل السيف رغماً عنه، تحت إلحاح حبيبته، هو الشاعر الذي يرفض الحرب والسيف وينأى بنفسه بعيداً عنهما· ويروي خيّاط دوره في المسلسل: ''يصاب بحمى بعد حادث القتل لا يشفى منها، إلى أن يواجه غارة شرسة ضد قبيلته التي خلتْ مرة من الرجال، فوجد نفسه مضطراً إلى حمل السيف والدفاع عن نسائها وأطفالها''· إنه نموذج لشاعر يتأمل، فيجعله التأمل جباناً، لا يقوى على مشهد الدم· وهو دور غير معتاد في حمّى قيم البداوة والفحولة· ويفسر الفنان السوري معنى عمل تلفزيوني كهذا بالنسبة له قائلا: ''كممثل لا بدّ أن أبحث عن جديد أقدمه على الشاشة، وعن مفردات بعيدة عن عالمي الشخصي، أو ذاكرتي الانفعالية والحسية· إنه تمرين جيد للممثل· ثم إنني لا أرى في الأمر موجة تحاول إحياء المسلسل البدوي انصياعاً لرغبة جهات إنتاجية كما يزعم البعض، فالبداوة جزء من تكوين العالم العربي ومرجعياته، ولو ابتعدت اليوم عن دمشق خمسين كيلو متراً سوف تعثر على خيام البدو''· ويدافع خياط عن ''صراع على الرمال'' البدوي الذي تجري أحداثه في منتصف القرن الثامن عشر بهذا ''الشكل المترف''، فيقول: ''إن المخرج حاتم علي لا يقدم صورة وثائقية بل صورة بصرية، من خلال علاقات متشعبة الأطراف وفيها ملامح الحياة البدوية· إنها رسم فني لقصة حب بسيطة''· لكن، لِمَ اجتمع كل هذا الكمّ من الأبطال التلفزيونيين في مسلسل بدوي؟ يجيب خياط: ''النجم المطلق في العمل التلفزيوني سلعة وافدة على الدراما السورية، فمنذ بداياتها كان كل عمل منها يحفل بالعديد من الأبطال على الأهمية والحضور والدرجة نفسها· لنتذكر الأعمال الأولى لدريد لحام، وكم كانت تحفل بالشخصيات، التي بقيت كلها في ذاكرة الجمهور حتى الآن''· يتابع: ''في الوقت الذي كان الممثلون يطلبون فيه زيادة في مساحة أدوارهم وحواراتهم، كنت أطالب بالحذف، خصوصاً العبارات التي كنت أجدها لا تنسجم مع الشخصية التي أؤديها· فالكاريزما ليست أمراً فيزيولوجياً، ولا هي شيء ربانيّ· إن الوعي يتدخل في ما تسميه كاريزما، إنها مزيج من خبرة وما يكتسبه المرء ويتعلمه في حياته· هي ليست انطباعاً أولاً، بل استمرارية''· ويعتبر خياط أن في ''إمكان الدراما السورية أن تكون أحسن من ذلك بكثير، فهناك استسهال مرده إغراء أن الدراما السورية في المقدمة، من دون الاكتراث بالخطر الكبير المحدق بمسيرتها· هناك مشكلة في مسلسلات الحارة الشامية، المشكلة في العدوى، لا في أن يكون هناك مسلسل شاميًّ· لا يجوز أن تطول هذه الموجة، فهناك أشياء أخرى تنتظر أن يجري تقديمها''· الممثل السوري الذي يطلّ هذا العام عبر عملين فقط هما ''صراع على الرمال'' و''عرب لندن'' كان جرب حظه من قبل في مصر، حين أدى شخصية سورية في فيلم ''الشياطين''، مع أنه يعتبر الآن أن ''لا ضرورة لهكذا تجربة، ولكن أن تندم على خوض تجربة أفضل من الندم على عدم خوضها''· ويحيل الفنان السوري فشل تجربة الفيلم إلى عدم درايته بنظام العمل الذي عمل عبره في مصر، ويؤكد أنه رفض العديد من الأعمال المصرية التي عرضت عليه· التجربة المصرية في السينما قادته إلى تجربة شخصية شغلت الصحافة لبعض الوقت، وهي خطوبته من الفنانة، التونسية الأصل، هند صبري، العلاقة التي انتهت هي الأخرى إلى الفشل· ويتذكر الفنان السوري كيف صار ممثلاً، فيقول: ''بدأت القصة حين كنا في الكشافة، وكنت في نشاط الرياضة، بينما كان ''جماعة المسرح'' يتدربون على عمل مسرحي، وأثناء العرض بنيت خشبة مسرح متواضعة في الحيّ، ما لبثتْ أن اختفت وراء الستائر· أثناء التحضير كان مجرد إطلالة هؤلاء من وراء الستائر، حين يطلون برؤوسهم ويختفون فوراً، أمراً مثيراً للفضول، لقد تحوّل المسرح إلى مكان مثير للفضول والتساؤل؛ ماذا يجري هناك؟ ومذ ذاك أصابتني غيرة شديدة، ولكن حين شاهدت الغناء والرقص والجو الجميل الأقرب إلى السحر، اشتعلت الرغبة عندي لكي أقف على المسرح ويصفق لي الناس'