الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حديث المجالس والهروب إلى الماضي!

حديث المجالس والهروب إلى الماضي!
23 سبتمبر 2008 00:24
حضرت عدداً من المجالس الرمضانية الجميلة التي تشعرك بالجو الإيماني في شهر رمضان المبارك، ووجدت العديد منها يتحدث الناس فيها عن واقع الأمة، ويبكون ما آلت إليه، ويشيدون بأمجاد صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويقولون أين نحن منهم؟! فقلت في أحد المجالس: لماذا نهرب دائماً من آلام واقعنا إلى التغني بأمجاد آبائنا وأجدادنا؟ لماذا نتحدث دائماً عن انتصارات أبي بكر، وعدالة عمر، وفتوحات عثمان، ومناقب علي؟! وكأن الحديث عن الماضي يريحنا نفسياً، ويعطينا حقنة مخدرة مهدئة ننسى بها آلامنا؟ هلا سألنا أنفسنا: لماذا تقدموا وتأخرنا؟ لماذا فتحوا البلاد واحتلت أراضينا؟ لماذا هابهم عدوهم واستهان بنا عدونا؟ لماذا استقاموا وانحرفنا في سلوكنا وأعمالنا؟ أليس الإسلام دينهم وديننا؟ أليس الله ربهم وربنا؟ أليس رسول الله نبيهم ونبينا؟ أليس القرآن كتابهم وكتابنا؟ أليست الكعبة قبلتهم وقبلتنا؟ أليسوا بشراً مثلنا؟ إذن: فأين الحلقة المفقودة بينهم وبيننا؟ لقد رباهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وغرس فيهم القيم التي أكسبتهم تلك الصفات، وأنتجت هذه الأعمال الحضارية الخالدة: نعم؛ لقد رباهم أزواجاً في البيوت، وآباء في الأسر، ومعلمين في المجتمع، رهباناً في الليل، أسوداً في النهار، معمرين للأرض، بناة للحضارة، عادلين في الحكم، منطقيين في التفكير، صادقين في التجارة، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، صدقوا ما عاهدوا الله عليه! ولو بحثنا في كيفية تربية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه لوجدنا أن أساس هذه التربية هو القلب كما جاء في الحديث الصحيح (أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ· أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ) فكيف يتم صلاح القلب؟ القلب له معنيان الأول: اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر وهز ذو مركز قيادي في الإنسان ينبض في الدقيقة الواحدة من (60 - 08) نبضة ويضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسم فتنبض بالحياة والحركة والعمل· والمعنى الثاني للقلب: هو لطيفة روحانية فاق بها الإنسان الحيوانات، فالقلب هو العالم بالله، وهو المتقرب إلى الله، وهوالعامل لله، وهو المقبول عند الله إذا سلم من غير الله، وهوالمطالب والمخاطب والمعاقب، وهو المطيع بالحقيقة لله، وهو العاصي المتمرد على الله، وما الجوارح إلا تبع للقلب يستخدمها استخدام الصانع للآلة! ومن النصوص الدالة على ما تقدم قوله تعالى لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ · وقوله إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ولكن لماذا إذا أصيب الإنسان بمرض في قلبه الصنوبري اللحمي يدفع الملايين ويهرع إلى أمهر الأطباء، ليعالج (جلطة) في القلب، أو قصوراً في ضخ الدم، فيأخذ الأدوية أو يبدل الصمام، أو يركب بطارية إلكترونية؟! يفعل ذلك لصلاح الجسد كله! أما إذا أصيب قلبه الروحي بأمراض الغفلة عن الله، والقسوة والحقد والغل والحسد والزيغ والشك، فلماذا لا يهرع إلى طبيب القلوب ليعالج قلبه ''إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، وإن جلاءها ذكر الله''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©