السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أرثر أربري يقدم للعالم الترجمة المفسرة لمعاني القرآن الكريم

أرثر أربري يقدم للعالم الترجمة المفسرة لمعاني القرآن الكريم
23 سبتمبر 2008 00:23
قام المستشرق الإنجليزي البارز أرثر جون أربري (1905 - 1969)، بإعداد ترجمة مفسرة لمعاني القرآن الكريم، أصدرها عام 1955 في مجلدين، وسبقها لإصدار ترجمة لمختارات من بعض آيات القرآن مع مقدمة طويلة، وفي أوائل الخمسينيات· ويقول عبدالرحمن بدوي إن ترجمة أربري للقرآن لم تكن ترجمة حرفية بل ترجمة مفسرة تعطي المعنى في أسلوب رشيق جميل دون التقيد بحرفية الآيات ولا تسلسل تركيبها اللغوي، مؤكدا أنها أجمل في القراءة من أي ترجمة أخرى للقرآن إلى أي لغة ولكنها لا تغني عن الترجمات الدقيقة مثل ترجمة رودول الإنجليزية أو ترجمة بلاشير الفرنسية ومع ذلك فهي من أجل أعمال الاستشراف وأعظم إنتاجات أربري· ولد المستشرق الإنجليزي البارز المتخصص في التصوف الإسلامي والأدب الفارسي أربري في بورتسموث جنوب إنجلترا لأبوين جمعهما ولعهما الشديد بالقراءة والاطلاع على الكتب الجيدة، ومن هنا دفعه حب أبويه للقراءة إلى السير على دربهما والإبحار في عالم الكتب وتذوق الأدب الجاد· وبعد أن أنهى أرثر أربري دراسته الثانوية في بورتسموث حصل على منحة دراسية لدراسة الكلاسيكيات اليونانية واللاتينية في كلية بمبروك بجامعة كمبردج عام 1924 وحصل على المرتبة الأولى مرتين في المواد الكلاسيكية المؤهلة للحصول على بكالوريوس الآداب مما دفع أستاذه بالجامعة إلى حثه على دراسة اللغتين العربية والفارسية ليحصل على المرتبة الأولى مرتين في مواد الدراسات الشرقية عام 1929م· وقد تتلمذ جون أرثر أربري في درساته للغة العربية على يد المستشرق الأبرز في مجال التصوف الإسلامي رينولد نيكلسون والذي أثر في اتجاهات أربري البحثية تأثيرا ملموسا ليتخذ أربري من التصوف الإسلامي أيضا مجال بحث ودراسة اقترن باسمه كأحد أبرز المستشرقين الإنجليز· واختار أرثر أربري أن يمضي السنة الأولى من زمالته في القاهرة التي قدم إليها عام 1931 وما لبث أن عين بعد ذلك رئيسا لقسم الدراسات القديمة (اليونانية واللاتينية) في كلية الأداب بالجامعة المصرية (جامعة القاهرة) حاليا وأمضى في منصبه هذا من أكتوبر 1932 إلى يونيو 1934 · واستغل أربري فترة إقامته بمصر لينطلق في جولات استشراقية زار فيها فلسطين ولبنان وسوريا وجمع من خلالها مواد لأبحاث ودراسات مستقبلية، ونشر خلال هذه الفترة تحقيقا لكتاب ''التعرف إلى أهل التصوف'' للكلاباذي 1934 الذي يعد من أقدم الكتب العربية في مجال التصوف· ولم تلبث دراسات وأبحاث أربري أن تتالت في هذا المجال فنشر في عام 1935 وبعد عودته إلى لندن وتوليه منصب مساعد محافظ مكتبة الديوان الهندي كتابا يعد من المراجع المهمة في دراسات الاستشراق التي تناولت التصوف في الإسلام وهو ''المواقف والمخاطبات'' للنفري وقام بترجمته إلى الإنجليزية بدعوة من أستاذه رينولد نيكلسون· وأصدر في الأعوام التالية بدءا من العام 1936 وبعد حصوله على درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة كمبردج ''فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الديوان الهندي'' وتلاه بـ ''فهرس الكتب الفارسية'' وتوالت بعد ذلك أعماله في فهرسة المخطوطات سواء العربية أو الإسلامية أو الفارسية إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية عام 1939 ليبتعد أربري على أثرها عن دراساته العلمية وينقل إلى قسم الرقابة على البريد التابع لوزارة الحرب في ليفربول والتي أمضى فيها ستة أشهر· انتقل بعدها إلى وزارة الإعلام في لندن حتى نهاية الحرب ليتولى مع غيره إصدار منشورات دعائية لبريطانيا في الشرق الأوسط· ويقول الفيلسوف عبدالرحمن بدوي في مؤلفه ''موسوعة المستشرقين'' عن تلك المرحلة من حياة أربري ''وتكفيرا عن هذه المهمة المنحطة فكر أربري في تقديم الشرق إلى الغرب بترجمة كتب عربية وفارسية وتأليف كتب وأبحاث لتفهيم الأوروبيين حقيقة الإسلام وحضارته وآدابه وعقيدته· وينقل عبدالرحمن بدوي عن أربري في هذا الصدد قوله ''قبل أن يتيسر إقرار الحق عن الشرق وشعوبه في الضمير المشترك للغرب ينبغي إزالة حشد هائل من الباطل وسوء الفهم والأكاذيب المتعمدة، وإنه لجزء من واجب المستشرق ذي الضمير الحي القيام بهذه الإزالة''· ويرى بدوي أن أربري أبلى خيرا في هذا السبيل ويستشهد على ذلك بإنتاج أربري من الكتب وتحقيقات المخطوطات والترجمات والمقالات العلمية والتي أهلته للتعيين في منصب أستاذ بمدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بدءا من عام 1944 ثم أستاذا لكرسي اللغة العربية ورئيسا لقسم الشرق الأوسط فيها وهي الفترة التي أصدر فيها أربري كتبه المهمة التي تناولت الأدب والشعر سواء العربي أو الفارسي مثل كتابه ''الأدب الفارسي الكلاسيكي'' وكتاب ''الشعر العربي''· واعترف أربري في مقدمة ترجمته للقرآن بأن القرآن الكريم وحي وأن الرسول محمد تلقاه وحيا، مفندا بذلك مزاعم المستشرقين المتعصبين القائلة إن القرآن هو كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم· وفي هذا السياق يقول أربري ''أحمد تلك القدرة الإلهية التي أنزلت الوحي على ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان أول من تلا آيات القرآن الكريم''، ويؤكد في موضع آخر أن القرآن الكريم تحفة أدبية خالدة ليس لها مثيل في أي لغة أخرى وأنه وجد ترابطا عجيبا بين آيات القرآن الحكيم· وصحح أربري في ترجمته فكرة خاطئة شاعت عند الغربيين تقول بعدم ترابط القرآن وأنه مرقع ترقيعا فوضويا، مثبتا خلاف ذلك أن الآيات في كل سورة مترابطة في خيوط من الإيقاع المرن ووحي واحد متوافق داخليا إلى أعلى درجات التوافق· وخلص أربري إلى الإقرار بمدى التأثير النفسي للقرآن على الإنسان حيث يؤكد تأثره بالقرآن تأثرا إيجابيا بقوله ''عندما أستمع إلى القرآن يتلى بالعربية، فكأنما أستمع إلى نبضات قلبي''· ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©