السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المغربية تسن قانوناً جديداً لتنظيم الإضرابات

الحكومة المغربية تسن قانوناً جديداً لتنظيم الإضرابات
22 ابريل 2012
الرباط (رويترز) - تمثل خطط المغرب إصدار قانون هذا العام لتنظيم الإضرابات، اختباراً لمدى قدرة الحكومة التي يقودها الإسلاميون على تنفيذ الإصلاحات الرامية لتحديث اقتصاد في حاجة ماسة للاستثمارات الأجنبية. وأظهرت إحصاءات رسمية ان متوسط حالات الإضراب في المغرب العام الماضي بلغ إضرابا واحدا في اليوم وهو أعلى رقم منذ عشر سنوات وغالبا ما كان يشل الخدمات العامة ويؤدي إلى إهدار أكثر من 300 ألف يوم عمل فيما يمثل ارتفاعا بنحو ثلاثة أمثال عن 2010. وهذه الأرقام مرتفعة بالنسبة لبلد ينضم فيه إلى النقابات العمالية عشرة بالمئة بالكاد من حجم قوته العاملة البالغة عشرة ملايين عامل. ويستوجب التشريع المزمع إصداره أن تجري النقابات محادثات مباشرة مع الموظفين قبل ان يتمكنوا من الدعوة للإضراب وقد يفرض غرامة على العاملين الذين يضربون بالمخالفة للقانون. لكن هذا التشريع يواجه معارضة شديدة من نقابات العمال المغربية التي انتهزت في الآونة الأخيرة احتجاجات ضد الفقر والبطالة لتوسيع نطاق عضويتها وبدأت في اختراق قطاعات سريعة النمو مثل مراكز الخدمة التي تحاول السلطات الترويج لها كمحرك للنمو الاقتصادي وتوفير الوظائف في المستقبل. ورفض نوبير الاموي رئيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وهي أكبر نقابة لعمال القطاع العام إجراء أي محادثات مع الحكومة بشأن تنظيم الإضرابات دون إصلاح أمور أخرى. وقال “نحتاج مليون قانون لترتيب الحياة العامة... كيف تسمح الدولة أن تتقاضى كفاءات مهنية الحد الأدنى للأجر؟ وكيف تسمح الدولة بجل شركات القطاع الخاص من خرق مدونة الشغل”. وأجاز أول دستور للمغرب عام 1962 الإضرابات لكنه أخضغ تنظيمها لقانون إطاري لم ير النور مطلقا لأن الحكومات السابقة كانت تخشى ان يطلق شرارة مواجهة مع النقابات الرئيسية. ومنذ ذلك الحين زاد عدد النقابات من اثنتين الى 25. وأصاب موظفو المحاكم النظام القضائي بالشلل العام الماضي بإضراب عن العمل بشأن الأجور استمر 46 يوماً. ودفع إضراب لعمال ميناء طنجة على البحر المتوسط بعض شركات النقل البحري الأجنبية إلى تجنب التعامل مع الميناء مؤقتا. وأنفقت الرباط الكثير لتطوير الميناء منذ سنوات قليلة في محاولة لجعل المدينة مركزا كبيرا للصناعة والنقل البحري بالنسبة للمستثمرين. وفي حين لا توجد تقديرات دقيقة للخسائر المالية التي تسببها الإضرابات للاقتصاد الذي يبلغ حجمه 100 مليار دولار، يقول محللون إن آثارها على الاستثمار تفاقمها المنافسة الاقتصادية التي لا تزال ضعيفة. ومن المتوقع ان ينمو الاقتصاد المغربي بنسبة تتراوح بين ثلاثة وأربعة بالمئة هذا العام وهو ما ينخفض كثيرا عن النسبة التي تستهدفها الحكومة وهي 5?5% سنويا والتي تقول إنها لازمة لزيادة فرص العمل. وتراجعت الاستثمارات الأجنبية في العامين الماضيين فيما يرجع لأسباب من بينها الأزمة في منطقة اليورو أكبر مستثمر في المغرب وشريكه التجاري الرئيسي الأمر الذي رفع عجز المعاملات الجارية إلى أعلى مستوى له منذ الثمانينيات. وقال مسؤول كبير في الحكومة التي يقودها منذ ديسمبر الماضي إسلاميون معتدلون تابعون لحزب العدالة والتنمية إن قانونا إطاريا بشأن الإضرابات سيحال للبرلمان قبل نهاية هذا العام. وأضاف المسؤول “الهدف هو تجنب الشلل التام الذي عرفته خدمات القطاع العام وبعض الشركات الخاصة بسبب الإضرابات. لن نمنع الإضرابات عبر القانون ونريد فقط إصدار تنظيمات تضع حدا للفوضى في الإضرابات”. وألح عليه مسؤول تنفيذي فرنسي في وقت سابق من العام الحالي لمعرفة سبب “الإضرابات المتكررة” في المغرب فأنحى رئيس الوزراء عبد الاله بن كيران باللائمة على فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في إدخال الإضرابات إلى البلاد. وبالنسبة للشركات التي وافقت على فرض ضرائب جديدة في 2012 لمساعدة الحكومة في دعم المالية العامة الضعيفة فإن التشريع الخاص بالإضراب - وهو جزء من إصلاحات أوسع تشمل جعل القضاء أكثر استقلالا - بات محل ترحيب. وقال جمال بلحرش رئيس لجنة الشغل والعلاقات العامة بالاتحاد العام لمقاولات المغرب وهو أكبر مجموعة لأرباب العمل في المملكة “لا يمكن للمغرب ...ان يترك قطاع الأعمال رهينة لأشخاص ليس لديهم أحسن النوايا ...مما يدفع بعض الشركات إلى الإغلاق”. وقال كريم التازي رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة التي يعمل بها 200 ألف شخص وهي صناعة تصديرية رئيسية إن كثيرا من شركات النسيج اضطرت للإغلاق بسبب الإضرابات. وأضاف “هناك شركات تستحق الإضرابات لانتهاكها قوانين العمل، وهناك عدد اكبر من الشركات ينتهي بها الأمر الى الإغلاق بشكل غير عادل لأن خمسة أو ستة أشخاص وظفوا شخصيتهم المؤثرة من اجل التسبب في إضرابات فوضوية”. ولا تجيز مسودة القانون التي حصلت “رويترز” على نسخة منها الإضراب إلا إذا فشلت المفاوضات المباشرة وغير المباشرة وبعد إخطار أرباب الأعمال قبل عشرة أيام من موعد الإضراب ويومين إذا كان الإضراب بسبب عدم دفع الرواتب أو خلافات لم تحل في مكان العمل. ويحظر القانون على الشركات فصل موظفين أو تعيين بديل لهم خلال الإضراب القانوني وهو ما سينهي ممارسة يستغلها كثير من أصحاب الأعمال الخاصة للتحايل على مطالب العمال أو إجبارهم على التخلي عن الإضراب كلية. وقالت سميرة كناني وهي شخصية بارزة في الاتحاد المغربي للشغل وهو أكبر نقابة عمالية في المغرب ان الإضرابات انما هي انعكاس لغياب حقوق العمال المناسبة. وأضافت “تتغاضى السلطات مرات اكثر من اللازم عن خروقات مدونة الشغل. الأغلبية الساحقة من العمال ليس لديهم انخراط في صندوق الضمان الاجتماعي وليس لديهم عقود عمل. النقابات إذن يجب ان تتدخل لسد الفراغ الذي تتركه الدولة للدفاع عن الأشخاص الذين لا حامي لهم”. وقالت “الاندفاع وراء هذا القانون يعكس ارتباك الحكومة وسط المشاكل الاقتصادية في أوروبا والمغرب في خضم الربيع العربي. الوازع الحقيقي للسلطات وراء هذا القانون هو الهاجس الأمني”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©