الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجربة الألمانية

3 يوليو 2017 23:02
هم أبطال العالم في البرازيل، وأبطال أوروبا للشباب في غياب خمسة لاعبين أساسيين، وأبطال كأس القارات في روسيا في غياب 22 لاعباً أساسياً، إذ استعان يواكيم لوف بثلاثة لاعبين فقط شاركوا في مونديال 2014.. إنهم الألمان الذين أسقطوا في سان بطرسبرج موروثات قديمة، يرددها الجميع من نوع: الخبرة، والانسجام. فهذا الفريق الشاب توج بطلاً للقارات بحصيلة نتائجه وعروضه في المباريات التي خاضها، ولعب بمنتهى الهدوء، وبفاعلية مدهشة، وبأداء مغلف بخبرة لا تعرف من أين جاءت.. لقد ثبت مرة أخرى أن الكلام القديم انتهى، وأن قوة الفرق تبدأ بالإعداد الجيد، والتدريب الجيد، والاختيار الجيد، وأن يكون ذلك مربوطاً بالعلم والتكنولوجيا. ألمانيا خاضت تجربة مماثلة في كأس العالم بجنوب أفريقيا عام 2010، فلعبت بمنتخب شاب، متوسط أعماره لا يزيد على 25 سنة، وقدم الفريق أيامها أفضل العروض، وكان يستحق اللقب أكثر مما استحقه الإسبان، ثم توج هذا الفريق نفسه بكأس العالم في البرازيل، وذلك كان في سياق خطة تنمية لكرة القدم بعد بطولة أوروبا 2000 والتي خرج منها «المانشافت» بخفي حنين.. لكنه بدأ أهم عملية بناء في تاريخ الكرة الألمانية أفرزت 17 ألف مركز لتدريب فرق الناشئين والشباب في مختلف المناطق، وخمسة ملايين لاعب مسجلين ! فريق ألمانيا يعكس شخصية الألماني الفرد الذي يعمل بجد ويلعب بجد، ويخطط للمستقبل، وقد تغيرت الكرة الألمانية كثيراً، فقديماً كانت كرتهم مختصرة، تمريرات طويلة، بناء على فلسفة تقول إن أقصر الطرق بين نقطتين هو الخط المستقيم. والنقطتان هما المرميان، إلا أن تلك الفلسفة تغيرت.. فلم تعد القوة البدنية وحدها هي الأساس وإنما هي ضرورة، وباتت كرتهم تعتمد على التمرير والتحرك وتبادل الكرة. والمهارات، والسرعات.. وأعتقد أن تحركات الفريق الألماني كانت بمثابة حصة لمن لا يتحركون، وبمعنى أدق هي حصة لمن يعجزون عن ممارسة التحرك المستمر، كما كان أداء ألمانيا درساً جديداً في تحديد أيهما له الأولوية: الاستحواذ أم الفاعلية ؟! كنت توقعت هنا نجاح الألمان وذلك قبل البطولة في مقال بعنوان: «ألمانيا ولو هزمت..» من واقع متابعة لتجربتها ولم يخيب الفريق ظني، ونعم أهدر منتخب تشيلي كل الفرص التي لاحت له، وأهدر الألمان أيضاً، لكن الحصيلة النهائية للبطولة تمنح اللقب لألمانيا مع عظيم الامتنان والتقدير لشجاعة اللاعبين الصغار وشجاعة مدربهم وفلسفته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©