الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من الآخر

4 مايو 2014 22:15
إلا الحماقة لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها، لا أعرف سبباً واضحاً وراء تردد هذا البيت في ذهني كمن يردد أغنية حس بها لحناً وكلمة، وراق له ترديدها، رغم أنني لست بالمتمكنة من حفظ ما يعجبني من الأبيات. ربما لأننا نتعامل يومياً بصورة أو بأخرى مع حماقاتنا وحماقات الآخرين، ولا فرق إن كنا نجيد رؤية حماقات الآخرين، ويصعب علينا تمييز ما نقترف من الحماقات، فقصر النظر لا يغير الواقع مثقال ذرة، فإن كانت الحماقة نقصاً في العقل ووضع الأمور في غير مكانها، فلا أظن بيننا من سلم من ارتكاب بعض الحماقات وعانى عواقبها وتبعاتها. يفتح لنا الخالق باب صلته على مدار اليوم ويأمرنا بتلك الصلة خمس مرات يومياً، ثم نتكاسل ونتأخر وننشغل، وقد يبلغ الأمر إلى قطع الصلة مع الخالق والحرص على وصل خلقه؟ ألا يعد ذلك من الحماقات، كما أن طلب المرأة الطلاق من زوج متعب دخل البيت لتوه بعد يوم عمل شاق من الحماقات؟ ألا يعد من الحماقة الاقتراض من البنوك فقط لمجاراة العصر لشراء سيارة فاخرة أو أثاث فخم، أو للسفر في رحلتي الشتاء والصيف؟ أليس من الحمق ونقص العقل أن نقسو على الخادمة ليلاً التي نؤمنها طفل الأشهر الأولى صباحاً، أليس من الحماقة أن نهلك المعدة كسلاً وخمولاً بأقسى الأنظمة الغذائية، ثم نعود لنحملها ما لا تطيق من العمل المضني وهضم الشحوم واللحوم و«العيوش»، ونستعيد ما خسرنا من الأوزان أضعافاً، ونقول «أنا انتفخ لو من كوب ماي، هالمتن كله وراثة». أليس من الحمق أن نستخدم السرعة القصوى لسياراتنا العجيبة وندفع ثمن رادارات الطريق عند التجديد، هذا إن لم ندفع حياتنا وحياة الآخرين ثمناً قبل موعد التجديد؟ أليس من الحماقة هجر المرأة للمطبخ الذي تصنع فيه مكونات أجساد أطفالها لتتركه لمن لا نظافة لديها ولا ثقافة غذائية ولا حباً للأطفال أو حرصاً على صحتهم؟!. لو أردنا معرفة الأحمق فهو الذي يعادي من يوجهه، فما هؤلاء بالنسبة له سوى أعداء النجاح على مبدأ «إذا أتتك مذمتي من ناقص تلك الشهادة لي بأني كامل»، يعتبر الحبيب القريب عدواً إذا ما تعارض مع تفكيره، يضع الأمور في غير مكانها ويقول الكلمة في غير موضعها، يصر على رأيه وإن تأكد بأم عينه وأبيها أنه مخطئ. إنها بعض صفات الأحمق التي ظهرت من تعاملنا مع القليل من الحمقى، ولا أظنكم لا تعرفون المزيد عن هذه الفئة المتعبة في ذاتها، والمتعبة لكل من يتعامل معها من قريب أو بعيد. فمن يبتلي بالأحمق في حياته، ولا مناص له من التعامل مع حماقته، فليلتزم الصبر والصمت وتحاشي التصادم معه على مبدأ «شر ما يخوز عنك خوز عنه»، لأن الأحمق لا يفكر كم سيخسر في الصدام معك بقدر ما يفكر في صدامك والحاق الأذى. نوره علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©