قواعد التغذية «الصحية» للطفل

رنا سرحان (بيروت) لا أحد يغفل أهمية الغذاء الصحي للأطفال الصغار على امتداد مراحل الطفولة الثلاث، وبوجه خاص في المرحلة الأولى والثانية إلى ما قبل دخوله المدرسة في عمر السادسة، حتى يتأسس جهازه المناعي بشكل صحي. المصدر الأول منذ اليوم الأول للولادة يعد حليبُ الأم المصدر الأهم لغذاء الطفل. وما أن يبلغ السنة الأولى وحتى السنة الثالثة يصبح أقلَّ حاجةً إلى الحليب، فمن الممكن أن يكونَ الإكثار من الحليب ضاراً للطفل، لأنَّ كثرته تجعله يحصل على أكثر مما يلزمه من الطاقة. ما يمكن أن يُؤدِّي إلى زيادة وزنه. كما أنَّ الكمِّياتِ الكبيرةَ من الحليب تجعل جسمَ الطفل غيرَ قادرٍ على امتصاص الحديد الكافي. وفي حال رفض الطفلُ طعاماً جديداً، فلا يجوز إجباره على تناوله. كما لا تجوز معاقبتُه عندما يرفض طعاماً جديداً عليه. ومن الممكن أن يحاولَ المرءُ تقديمَ الطعام الجديد نفسه بعد فترة من الزمن إذا لم يحبَّه الطفلُ في المرَّة الأولى. وهذا لأنَّ من الممكن أن يرفض الطفل طعاماً ما في لحظة معيَّنة، ثمَّ يقبله ويستسيغَه فيما بعد. أمر مهم الدكتورة مهى حدرج، اختصاصية تغذية الأطفال، ترى أن اختيار الأطعمة الملائمة للصغار في عمر الثلاث والأربع سنوات أمر مهم، لأنَّ الأطعمَة الصحيَّة تُزوِّدهم بالطاقة والمواد المُغذِّية التي يحتاج إليها نُمُوُّهم. ومن المهمِّ أن يبدأَ الطفلُ تعلُّم عادات الأكل الصحِّية منذ بداية تناوله الأطعمة الصُّلبة. وتزداد أهمِّيةُ ذلك بالنظر إلى تنامي مشكلة سِمنة الأطفال.وهناك قواعد متعددة لتغذية صحية وسليمة للصغار قبل دخولهم مرحلة المدرسة، أهمها التنوُّع، فمن الواجب أن يتعمَّدَ الأهلُ تنويعَ وجبات الطفل الصغير، رغم أنَّه يمكن أن يفضِّل أطعمةً بعينها على بقية أنواع الطعام. لكن لا يجوز أن يجري إجبارُه على تناول أيِّ طعام لا يعجبه لمجرَّد التنويع. عندَ عرض خيارات طعام متعدِّدة على الطفل، يجب أن يحوي كلُّ خيار مجموعات الأغذية الأربع التالية: اللحم أو الطيور أو البيض أو الأسماك، الحليب وغيره من منتجات الألبان، الفاكهة والخضراوات، الحبوب أو الخبز أو الأرز أو البطاطس أو المعكرونة بأنواعها. إن هذا النظام الغذائي للطفل الصغير متوازن على نحو تلقائي إذا قدَّم الأهلُ له خياراتٍ متوازنةً متعدِّدة. وإذا رفض الطفلُ الصغير ما يقدِّمه الأهلُ من أطعمة، فلا يجوز السماح له بتناول أطعمة غير صحيَّة كالمُعَجِّنات والحلويات. وهذه الأطعمةُ غنيَّةٌ جداً بالسعرات الحرارية، لكنَّها فقيرةٌ بالمواد المغذِّية الهامَّة. يجب أيضاً تجنُّبُ الأطعمة كثيرة التوابل أو الأطعمة المالحة أو التي أُضيفت إليها الزُّبدة؛ فهذه الإضافاتُ يمكن أن تُلحِقَ ضرراً بصحَّة الطفل مع الوقت. 1000 سعرة تكمل الدكتورة حدرج: «يجب تقسيمُ الطعام الذي يعادل ألفَ سُعرة حراريَّة إلى ثلاث وجبات رئيسة ووجبة أو وجبتين إضافيتين صغيرتين. إنَّ الطفلَ قد لا يحصل على ألف سعرة حرارية كلَّ يوم، ويمكن أن يأكلَ كثيراً على وجبة الإفطار، ثمَّ لا يأكل كثيراً بقيةَ النهار. وهذا أمرٌ طبيعي، لأنَّ حاجات الطفل الصغير تتعلَّق بمستوى نشاطه ومُعَدَّل نموِّه. كذلك لابدَّ من مراقبة الأطفال الصغار في أثناء تناولهم الطعام. ويجب التأكُّدُ من جلوس الطفل ساكناً عندما يأكل في أثناء الوجبات الرئيسة والوجبات الخفيفة. كما يجب أيضاً تعليم الطفل أن يبتلعَ ما في فمه قبل أن يتكلَّم. وهذا ما يساعده على التركيز على الأكل، ويزيد من فرص حمايته من الاختناق. ينبغي التأكُّدُ من أنَّ الطعام ليسَ ساخناً كثيراً قبلَ تقديمه للطفل. لا يُتوقَّع أن يفكِّرَ الطفلُ الصغير في حرارة الطعام قبل أن يضعَه في فمه. ومن القواعد الأخرى المهمَّة عندَ إطعام الطفل ضرورةُ أن تكونَ اللقمة صغيرةً، لأنَّ الطفلَ يظلُّ في مرحلة تعلُّم مَضغ الطعام حتَّى يبلغَ الرابعةَ من عمره» المُتَمِّماتُ الغذائية توضح حدرج: «تعد المُتَمِّماتُ الغذائية على شكل حبوب أو مساحيق أو «سكاكر» غنية بالفيتامينات والمعادن المهمة. ويندر أن يحتاجَ إليها أيُّ طفل صغير يتناول وجبات متوازنة. لكن من الممكن أن يحتاجَ بعضُ الأطفال إلى مُتَمِّمات غذائية تحوي الحديد والفيتامين د. يجب إذاً أن يتلقَّى الأطفالُ الصغار كفايتَهم من الحديد عادةً عبر اللحوم التي يتناولونها، وكذلك عبر الخُضراوات ومنتجات الحبوب التي أُضيف إليها الحديد. أمَّا إذا كان الطفلُ لا يتناول ما يكفي من هذه الأطعمة، فمن الممكن أن يحتاجَ إلى مزيد من الحديد من خلال المُتمِّمات الغذائية. ولكن لابدَّ من استشارة الطبيب قبلَ إعطاء الطفل تلك المُتمِّمات. كما يجب الحرصُ على التنوع في العناصر الغذائية للحصول على قدر جيد من الألياف الغذائية، وعدم مكافأته بالحلويات، والابتعاد عن الأطعمة المقلية مرة أو مرتين في الأسبوع واستبدالها بالشوي في الفرن، وزيادة معدل النشاط اليومي من خلال مشاركة الطفل في ممارسة رياضة، ويفضل التقليل من تناول وجبات الطعام أثناء مشاهدة التلفزيون. كادر تجنب السِمنة يحتاج الأطفالُ الرُّضَّع والأطفال الصغار إلى الكولسيترول وغيره من الدهون من أجل نموِّهم. ويجب أن يكونَ قرابةُ نصف ما يحصلون عليه من السُّعرات الحراريَّة آتياً من الدهون. لكنَّ هذه الحاجةَ إلى الدهون تتناقص تدريجياً مع بلوغ الطفل عامه الثاني. أمَّا عندما يصل الطفلُ إلى عامه الرابع أو الخامس، فإنَّ ثلثَ ما يحصل عليه من السعرات الحرارية فقط يجب أن يكون مُستَمدَّاً من الدهون. يُمكن أن يُصابَ الطفلُ الصغير بزيادة الوزن إذا كان يتناول كمِّيةً زائدة من الأطعمة الغنية بالدُّهون، حيث تتزايد مشكلةُ سِمنة الأطفال باستمرار.