الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توقيف مشرّف... تحول سياسي في باكستان

21 ابريل 2013 23:24
سابا امتياز لاهور لطالما حُمِّل حكام باكستان العسكريون السابقون مسؤولية حالة الاضطراب وانعدام الاستقرار والحركات المتشددة التي تبتلـى بها البـلاد، ومسؤولية تعطيل عمل حكومات منتخَبة ديمقراطياً؛ إلا أنه لم يسبق أن خضع أي منهم للمحاسبة على ذلك من قبل. ولكن في سابقة لافتة، تم يوم الجمعة توقيف القائد السابق للجيش برويز مشرف، الذي ما زال محتجزاً لدى الشرطة منذ ذلك الوقت. والجنرال مشرف، الذي حكم من 1999 إلى 2008 كقائد للجيش، ورئيس مفترض للجهاز التنفيذي، ثم كرئيس لباكستان، عاد إلى البلاد الشهر الماضي بعد عدة سنوات قضاها في المنفى. وكـان مشرف قـد سعـى إلـى المشاركـة فـي الانتخابات البرلمانيـة المزمـع إجراؤهـا في الحادي عشر من مايو المقبل، ولكن ترشحه قوبل بالرفض من قبل مسؤولين قضائيين يشرفون على جزء من العملية الانتخابية. وكان مشرف قد اعتـُقل في مسكنه يوم الجمعة وأحيل على المحكمة التي أمرت بوضعه قيد الإقامة الجبرية ليومين على الأقل في مزرعته بضواحـي إسلام آبـاد، قبل أن يتم تمديدهما يوم السبت إلى أسبوعين، وذلك على خلفيـة اتهامـات له بخرق القانون حين كان رئيساً للبلاد. وقد قرر القاضي استمرار احتجاز مشرف حتى موعد الجلسة التالية في الرابع من مايو المقبل. وبالنظر إلى وضع حزبه ككيان غير موجود في الحياة السياسية الباكستانية وخروجه من السباق الرئاسي، فإن توقيف مشرف من غير المرجح أن يكون له أي تأثير على الانتخابات، ولكنه سيفسح المجال أمام تناسل التخمينات واحتدام النقاش خلال الأيام المقبلة. وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي الباكستاني مشرف زايدي: «إن اعتقال مشرف لديه تداعيات جوهرية أقل على حكم القانون ولكنه يكتسي أهمية أكبر بكثير بخصوص تطبيق التوازن المؤسساتي الذي سعى إلى تحقيقه الباكستانيون طيلة تاريخ بلدهم». وقد كان الخميس والجمعة يومين دراماتيكيين بالنسبة للحاكم العسكري السابق. ففي يوم الخميس، طغت التقارير حول «فرار» مشرف من المحكمة إلى منزله الواقع على أطراف العاصمة إسلام آباد من أجل تجنب اعتقاله على أخبار القنوات وفي الشارع وعلى الفضاء الإلكتروني. ويواجه مشرف جملة من القضايا الجنائية، غير أن القضية التي أدت إلى توقيفه تتعلق بتوقيف قضاة المحكمة العليا في 2007، عندما قام بعزل كبير قضاة البلاد افتخار شودري. وفي هذا الإطار، أصدرت المحكمة العليا في إسلام آباد يوم الخميس حكماً يعتبر أن احتجاز قضاة المحاكم العليا ومنعهم من العمل يُعتبر عملاً إرهابياً حسب قانون البلاد. والواقع أنه من الشائع في باكستان محاسبة السياسيين وإرسالهم إلى السجن، ولكن هذه المعاملة لم تشمل الحكام العسكريين أبداً. غير أن المثير للسخرية هنا أن مشرف هو الذي قام بتعديل قوانين محاربة الإرهاب من أجل محاكمة نواز شريف، رئيس الوزراء الأسبق، الذي أطاح مشرف بحكومته في 1999. ويعرف اللواء المتقاعد جاويد حسين، الضابط السابق في وحدة العمليات الخاصة «إس. إس. دجي» في الجيش الباكستاني، مشرف منذ أن كان يعمل ضمن نخبة الجيش الباكستاني. ويقول حسين عن اعتقال زميله السابق: «إنه هو الذي سعى وراء ذلك»، مشيراً إلى عدد من الأمثلة لما يسميه إخفاقات مشرف حين كان قائداً للجيش الباكستاني، ومن ذلك خوض حرب ضد الهند في 1999 وعملية المسجد الأحمر في 2007. ويقول حسين في هذا الإطار: «إنه مذنب بسوء الحكم والتقدير؛ ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن يتلقى نصائح تحاول ثنيه عن ذلك. غير أنه وصل إلى حالة حيث أصبح يعتقد أنه مستودع المعرفة والعدالة وأن الآخرين مغفلون بلهاء، وذلك هو ما أدى به إلى سوء العاقبة». وأضاف حسين قائلاً: «إن الجميع يقول إن مشرف ترقى إلى درجة تفوق قدراته بكثير... ذلك أنه هُزم في مرتفعات كارجيل (الحرب بين باكستان والهند في مايو ويونيو 1999 في منطقة كارجيل بإقليم كشمير المتنازع عليه ومناطق أخرى على طول «خط السيطرة» الذي يفصل بين الجزأين الخاضعين للسيطرة الهندية والباكستانية من الإقليم) مثلما هُزم أمام افتخار شودري (رئيس قضاة المحكمة العليا). وداخل الجيش، هناك أشخاص كثيرون ضده ويعارضونه». وتابع يقول: «باستثناء بضعة أشخاص، فإن كل من تابعوا مساره عندما كان يتولى شؤون باكستان يحمِّلونـه مسؤوليـة الإساءة إلى سمعة الجيش الباكستاني، وإظهار عدم نضج من خلال بعض من القرارات التي اتخذها. والواقع أن كل خطوة اتخذها أتت بغير ما كان مرجواً منها... هذا هو السيد مشرف». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©