الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مخطط عنان... أمام مناورات الأسد!

مخطط عنان... أمام مناورات الأسد!
21 ابريل 2012
يمثل القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بالإجماع، والقاضي بإرسال مراقبين دوليين إلى سوريا في إطار مخطط كوفي عنان للسلام، خطوةً إيجابية إلى الأمام. كما يُظهر وصول المراقبين الستة الأوائل يوم الاثنين جدية عدة دول في إنهاء أعمال القتل في سوريا. غير أنه من أجل خلق هذه الإمكانية، أُضطر المجلس على نحو غير مفاجئ للانخراط في اتصالات دبلوماسية مع الأسد واصل خلالها هذا الأخير فرض معظم شروطه، على المدى القصير على الأقل. والواقع أن أي خطوة تروم الحد من أعمال قتل السوريين أو إنهائها هي مرحب بها، لكن على المرء ألا يكون ساذجاً ويظن أن المراقبين -حتى وإن سُمح لهم بالدخول إلى سوريا بكامل عددهم البالغ 250 مراقباً- يمثلون نصراً للأجانب الذين يحاولون كبح الأسد أو تنحيته. فمن خلال سماحه بقدوم المراقبين الأمميين، يقبل الأسد ما يبدو للوهلة الأولى تنازلاً أو حتى انتكاسة سياسية، غير أن الأسد يعتقد أن هذه الخطوة تجعله أساسياً ولا غنى عنه لمستقبل سوريا وتزيد من فرص بقائه شخصياً وسياسياً. وقد شرع الرئيس السوري منذ بعض الوقت في استغلال هذا التطور والتلاعب به من أجل جعل نفسه مركزياً ومهماً أكثر للعملية السياسية السورية المقبلة، علماً بأنه كلما راكم مزيداً من الوقت والخيارات، زادت فرص بقائه. فهو يستطيع الاعتراض على مراقبين معينين يعتقد أن جنسيتهم تثير شكوكاً بشأن حيادهم في فريق المراقبة الأممي. كما أن لديه تأثير كبير على تحديد وجهة المراقبين، والوقت المحدد لذلك. وفي الوقت الراهن على الأقل، فإنه وحده يستطيع تحديد ما إن كانت أي مفاوضات مع أي من قوى المعارضة ستحدث. ثم إن تكثيف الأسد لقصف مناطق لمدن قبل قدوم المراقبين ولَّد شكوكاً وانتقادات لهذا الجهد الأممي باعتباره غير ذي أهمية في ظل الظروف الحالية. كما أن رعاة الأسد الروس لم يسمحوا سوى بتحرك محدود لمجلس الأمن الدولي، حيث عمدت الدول الغربية إلى تخفيف كل مطلب مهم موجه للأسد من أجل تأمين موافقة الروس. بيد أن وجود المراقبين ليس عديم الجدوى. ذلك أن عمل المراقبين التوثيقي وغيره، لاسيما في ما يخص مطالبة كل الأطراف المتناحرة بإنهاء أعمال معينة، يمكن أن يؤدي إلى خفض أعمال القتل. وبالتالي، فالمراقبون يوفرون صدعاً أولاً صغيراً فيما كان في الماضي باباً مغلقاً للقمع السوري. غير أن التحدي اليوم هو كيف يستطيع عنان وحلفاؤه استغلال هذا الصدع من أجل خفض أعمال العنف، وإدانة انتهاكات وقف إطلاق النار، وزيادة القيود على قوات الأسد. للمساعدة على هذا الأمر، يتعين على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها أن تدفع الأسد إلى الاستجابة لكل طلب والضغط عليه من أجل التعاون مع كل نقطة في مخطط عنان. كما يتعين على دبلوماسيين آخرين أن يحذوا حذو السفيرة الأميركية سوزان رايس التي فضحت كل انتهاك من قبل الأسد لالتزاماته الإنسانية. وفي هذا الإطار، فإن التقرير الأخير الشجاع لفريق منظمة هيومان رايتس ووتش الذي وثق العشرات من عمليات الإعدام بدون محاكمة في سوريا خلال مارس الماضي، ينبغي أن ينشر على نطاق دولي واسع. كما يجب أن تصدر دعوة عالمية إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى تقوم بتوجيه التهم رسمياً لقادة الشرطة والجيش الذين يتزعمون عمليات قتل مثل هذه. هذا في حين سيتعين على مبادرات أخرى أن تغتنم الحقائق الموجودة منذ بعض الوقت من أجل إضعاف تكتيكات الأسد. وعلى سبيل المثال، فإن وجود مراقبين أمميين قد يعيد إيقاظ الجامعة العربية ويقويها من جديد حتى تضيق الفضاء العسكري والسياسي المتاح للأسد. بل إن وقفاً جزئياً لإطلاق النار قد يسمح لعدد أكبر من موظفي القوات المسلحة السورية بمغادرتها أو الانشقاق عنها مقارنة مع عدد من استطاعوا القيام بذلك تحت ظروف تواصل القتال الحالية. الاحتجاجات التي عمت عدداً من المدن السورية عقب صلاة الجمعة الأسبوع الماضي تُظهر للأسد بلا شك كلفة وقف إطلاق النار من قبل قواته حتى ولو كان وقفاً محدوداً. فرغم انتصاراته القمعية، فإن الشعب لا يخاف من العودة إلى الشوارع بأعداد هامة. ومما لا شك فيه أن أعدادهم ستزيد وأن أعمالهم ستزداد جرأة كل يوم جمعة وفي كل جنازة. لذلك، فعلى المراقبين وعنان أن يضمنوا حق المحتجين السلميين كمرتكز للحوار السياسي مع المعارضة. كما يتعين على عنان والولايات المتحدة والآخرين أن يستمروا في الحوار مع الروس. ذلك أنه رغم الدعم الشفهي للأسد، فإن ثمة بعض المؤشرات على أن صبر الروس معه بدأ ينفد. فالأسد يعتقد بفائدة ادعائه بأنه يحارب الإرهابيين وبأن بقاءه فقط يوفر الأمل في المستقبل؛ لكن روسيا تخشى مثل هذه الفوضى وتداعياتها الإقليمية، وهو ما قد يجعلها منفتحة على استراتيجيات مختلفة مع سوريا. ثم إنه إذا كان الأسد قد واجه كل خطوة إلى الأمام اتخذها الأجانب من أجل إنهاء العنف في سوريا حتى الآن، فإن إفراطه في الثقة وحساباته الخاطئة سيهزمانه في الأخير، مثلما هزما قادة آخرين من قبله، علماً بأن الأجانب يستطيعون تسريع هذه النهاية عبر سد كل فضاء صغير قد يحاول الأسد استغلاله والمناورة فيه. وفي الوقت الراهن، قد يستطيع الأسد تجنب قيود مراقبي السلام الأمميين، غير أنه مع مزيد من التحرك الدولي المركز والمبتكر لدعم المراقبين ومخطط عنان، فإنه لن يستطيع القيام بذلك على المديين المتوسط والطويل. جورج لوبيز أستاذ بجامعة نوتردام الأميركية، وعضو سابق في لجنة أممية للعقوبات ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©