الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأقمشة الإسلامية تسود أسواق التجارة العالمية طوال العصور الوسطى

الأقمشة الإسلامية تسود أسواق التجارة العالمية طوال العصور الوسطى
21 سبتمبر 2008 00:21
لقيت صناعة النسيج رعاية استثنائية في ظل حضارة الإسلام بسبب الرخاء الاقتصادي والتقدم الحضاري والتشجيع الذي نالته المنسوجات وصناعاتها من الخلفاء والملوك والأمراء· وساعد تدخل الدول الإسلامية المباشر في إنشاء المناسج التابعة لها والإشراف الكامل على منتجاتها على ازدهار صناعة النسيج وتطورها بسرعة حتى سيطرت أصناف وأنواع الأقمشة الإسلامية على أسواق التجارة العالمية طوال العصور الوسطى· واعتبرت الأقمشة في مقدمة الهدايا التي يتم إهداؤها في المناسبات المختلفة، فكانت المنسوجات التي يهديها الخلفاء والملوك لرعاياهم وزوارهم بمثابة النياشين والأنواط التي نعرفها، إذ كان الثوب يحمل دوماً شريطاً كتابياً يشير إلى اسم الخليفة أو السلطان وألقابه وسَنة النسج أو الإهداء· وفي مختلف الحواضر الإسلامية، كانت مصانع النسيج التي تشرف عليها الدولة وتحتكر إنتاجها تعرف بدور الطراز، وأكد المؤرخون أن شارات الملك في الإسلام هي ثلاث، الخطبة والسكة ''النقود'' والطراز، أي الكتابات على منسوجات الإهداءات الرسمية· وخلال العصر الفاطمي أنتجت دور طراز الخاصة أقمشة بها أشرطة من الزخارف الكتابية والرسوم التي كانت تضم زخارف وصور حيوانات وطيوراً أو آدميين، واشتهرت ''كورة الفيوم'' بعمل أنواع من هذه الأقمشة منها قطعة محفوظة بمتحف جنيف بسويسرا وهي من الصوف وتحوي شريطاً منسوجاً به كتابات كوفية مزخرفة· واشتهرت مدينة الموصل بمنسوجاتها الفاخرة المنسوبة إليها ''موسيلين''، وتحتفظ إحدى كنائس مدينة ليون الفرنسية بقطعة نسيج موصلي أهداها إليها أحد الحجاج المسيحيين عقب عودته من القدس في القرن الخامس الهجري ''11م''، وتشتمل على زخارف قوامها دوائر كبيرة بداخلها رسم اصطلح على تسميته شجرة الحياة، وهي تفصل بين رسم فيلين متماثلين ومتواجهين بالإضافة إلى صور طيور وسباع وشريط من الكتابة الكوفية· وازدهرت صناعة النسيج أيضاً في إيران منذ فجر الإسلام، وذاعت شهرة مراكز صناعية عدة مثل اصفهان والري ونيسابور ومرو وقزوين وقاشان· ومن أمثلة منسوجات الطراز الإيرانية قطعة من نسيج الكتان الأبيض يحتفظ بها متحف الفن الإسلامي بالقاهرة وبها بقية شريط من زخارف وسطور بالخط الكوفي المطرز بالحرير الأحمر، ونصه ''بسم الله الرحمن الرحيم سعادة للخليفة أحمد الإمام المعتمد على الله أمير المؤمنين أيده الله'' مما أمر بعمله المعتضد بالله بطراز الخاصة بمرور سنة ثمان وسبعين ومئتين· ويحتفظ متحف اللوفر بباريس بواحدة من أشهر نماذج النسيج الإسلامي تنتمي إلى عصر الدولة السامانية في إيران، وهي عبارة عن قطعة من الحرير والقطن قوام زخرفتها رسوم فيلة متواجهة وتحتها شريط كتابي بالخط الكوفي نصه: ''عز وإقبال للقائد أبي منصور بختكين أطال الله بقاءه''، ولكن هذا القائد الذي عاش في بلاط الأمير الساماني عبدالملك بن نوح لم ينفعه هذا الدعاء إذ قتل على يد الأمير عبدالملك في سنة 349 هـ ''960م''· وينسب الفضل للعرب في ازدهار صناعة المنسوجات بالأندلس وخاصة الأقمشة الفاخرة من الحرير، حيث يذكر بعض المؤرخين أن تربية دودة القز قد أدخلت الى الأندلس في القرن الرابع الهجري ''10م''، على يد أسرة شامية، ثم ازدهر استخراج الحرير في الأندلس وأصبحت منسوجاته تصدر إلى سائر البلاد في أوروبا والعالم الإسلامي· واشتهرت مدينة المرية بصفة خاصة بمصانع الطراز التي بلغت خلال عصر دولة المرابطين حوالي ثمانمائة طراز حسب تقدير الجغرافي الإدريسي· ومن أقدم نماذج المنسوجات الأندلسية قطعة يحتفظ بها المجمع الإسباني للعلوم التاريخية بمدريد وهي من خيوط الحرير والذهب وقوام زخرفتها شريط يضم رسوم أشخاص جالسين ورسوم سباع وطيور وحيوانات أخرى، فضلاً عن سطرين من الكتابة باسم الخليفة هشام المؤيد الذي حكم الدولة الأموية بالأندلس بين عامي 366 و390 هـ''1009-976م''· وقد انتشرت مصانع الطراز وازدهرت صناعة النسيج في صقلية على يد حكامها المسلمين وفي القرنين الثالث والخامس للهجرة ''11-9م''· ولم يحل استيلاء النورمانديين على صقلية دون استمرار هيمنة الروح الإسلامية على مناسج الطراز في الجزيرة، وهو ما تؤكدة عباءة التتويج الخاصة بالملك روجر الثاني والتي نسجت في باليرمو سنة 528هـ ''1133م''، وهي حمراء اللون وعلى شكل غفارة ''حرملة'' كنسية من الحرير المطرز وفي وسطها رسمت نخلة تقسمها الى قسمين كل منهما يمثل ربع دائرة منسوج فيها بخيوط الذهب واللالئ رسم اسد ينقض على جمل ليفترسه· وتشمل العباءة طرازاً كتابياً بالخيوط الذهبية، وهو باللغة العربية ويحمل التاريخ بالتقويم الهجري ونصه: ''مما عمل للخزانة الملكية المعمورة بالسعد والإجلال والمجد والكمال والطول والأفضال والإقبال والسماحة والجلال والفخر والجمال وبلوغ الاماني والآمال وطيب الأيام والليال بلا زوال ولا انتقال بالعز والرعاية والحفظ والحماية والسعد والسلامة والنصر والكفاية بمدينة صقلية سنة ثمان وعشرين وخمسمائة''· وكان بزوغ نجم العثمانيين إيذاناً بازدهار صناعة المنسوجات الإسلامية في هضبة الأناضول حيث أخرجت المناسج منتجات رائعة من الديباج والمخمل ''القطيفة''، وقد امتازت المنسوجات التركية بموضوعات الزخرفة النباتية حيث أقبل النساجون على رسوم الزهور كالقرنفل والخزامى والسوسن والورد· وكانت المنسوجات ذات الموضوعات الزخرفية الكبيرة تستعمل في الستائر والأغطية مثلما نري في قطع تحتوي رسوم السحاب الصيني ''تشي'' مع أقمار وهي زخرفة تعرف باسم تشانتماني· واستمراراً لتقاليدها القديمة، فقد شهدت الهند وخاصة في عصر أباطرة المغول نهضة فنية كبيرة في صناعة المنسوجات ولاسيما القطنية، واشتهرت المدن الهندية الرئيسية بإنتاج أقمشة القطن المطبوعة بالزخارف النباتية القريبة من الطبيعة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©